أعلن الجيش الروسي، الثلاثاء، سيطرته على قرية بلاهوداتني، شمال بلدة باخموت، الواقعة شرقاً، التي تشهد منذ فترة معارك طاحنة.
وقالت وزارة الدفاع إن «تدابير هجومية ناجحة» مكّنت قواتها من «تحرير قرية بلاهوداتني الواقعة في جمهورية دونيتسك الشعبية»، مستخدمة تسمية موسكو لمنطقة دونيتسك (شرق). وقالت كييف إنها صدت هجمات على بلاهوداتني وفوليدار. لكن مواقع القتال تكشف عن مكاسب روسية واضحة تحدث بشكل تدريجي. وقالت بريطانيا، في تحديث استخباراتي دوري، أمس (الثلاثاء)، إن القوات الروسية ربما تسعى لإنشاء محور تقدم جديد في دونيتسك، وإن «هناك احتمالاً واقعياً أن تواصل روسيا تحقيق مكاسب محلية في القطاع».
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن روسيا بدأت «انتقامها الكبير» من المقاومة الأوكرانية. ويحذر زيلينسكي منذ أسابيع من أن موسكو تهدف إلى تصعيد هجومها على أوكرانيا بعد نحو شهرين من الجمود الفعلي على الجبهة الممتدة في جنوب البلاد وشرقها. وقال زيلينسكي إن روسيا تشن هجمات في الشرق لا هوادة فيها على الرغم من الخسائر الفادحة التي مُنيت بها، معلقاً على ذلك بأن موسكو تثأر من نجاح أوكرانيا في طرد القوات الروسية من العاصمة والجنوب الشرقي والجنوب في مرحلة سابقة من الصراع.
ورغم عدم وجود مؤشر على وقوع هجوم جديد أوسع نطاقاً على الحدود، قال دينيس بوشيلين، الحاكم الذي نصّبته روسيا على الأجزاء التي تسيطر عليها من منطقة دونيتسك، إن القوات رسخت موطئ قدم لها في فوليدار، وهي مدينة لتعدين الفحم كانت أطلالها معقلاً أوكرانياً منذ بداية الحرب. وقال يان غاغين، وهو مستشار لبوشيلين، إن قوات من مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة سيطرت جزئياً على طريق إمداد يؤدي إلى مدينة باخموت، التي كانت موضع تركيز للهجمات الروسية على مدى شهور. وذكر رئيس المجموعة أن مقاتليه سيطروا على قرية بلاهوداتني، الواقعة إلى الشمال من باخموت.
وتقع بلاهوداتني قرب سوليدار، البلدة المعروفة بمناجم الملح، التي سيطرت عليها القوات الروسية مؤخراً، عند طريق سريع مؤدٍ إلى باخموت. وتسعى روسيا منذ أشهر للسيطرة على باخموت، في معارك هي الأكثر شراسة، منذ أرسل الرئيس فلاديمير بوتين قواته داخل أوكرانيا في فبراير 2022. وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة أن وحداتها تسيطر على بلاهوداتني، لكن كييف نفت ذلك آنذاك، وقالت إنها صدّت هجمات روسية في القرية.
وقالت التقارير الاستخباراتية البريطانية إن القوات الروسية شنّت على الأرجح هجمات حول بلدتي فوليدار وبافليفكا في أوكرانيا خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأضافت التقارير أن «هناك احتمالاً واقعياً أن تواصل روسيا تحقيق مكاسب محلية في القطاع... ومع ذلك، فمن المستبعد أن يكون لدى روسيا عدد كافٍ من القوات غير الملتزمة (بمهام) في المنطقة لتحقيق نجاح كبير من الناحية العملياتية». وأضافت وزارة الدفاع البريطانية أن قادة القوات الروسية يحاولون على الأرجح «إطلاق محور تقدم جديد» في الأراضي الباقية تحت سيطرة أوكرانيا في منطقة دونيتسك، وإزاحة القوات الأوكرانية عن باخموت إلى الشمال، وهو التركيز الرئيسي للجهود الهجومية الروسية منذ شهور. وتقع فوليدار في أقصى الطرف الجنوبي للجبهة الشرقية في أوكرانيا، وتشرف على خطوط السكك الحديدية التي تنقل الإمدادات إلى القوات الروسية على الجبهة الجنوبية المجاورة. وصدّت أوكرانيا عدة هجمات روسية على البلدة منذ بدء الحرب. وقال المسؤول عن الأراضي، التي تسيطر عليها روسيا في دونيتسك، إن القوات الروسية قد ضمنت موطئ قدم داخل فوليدار منذ شنّ هجومها الأحدث هناك، فيما تقول كييف إنها صدت الهجوم.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجدداً ضرورة أن تحقق بلاده نصراً كاملاً، بعد عام تقريباً على بدء موسكو غزوها لبلاده. وقال زيلينسكي، في خطابه المسائي بالفيديو، عقب زيارته لمدينة ميكولايف، جنوب البلاد: «ينبغي أن يخسر الإرهاب الروسي في كل مكان وبكل طريقة، وفي ساحة المعركة، وألا يبقى أي دمار في بلادنا». وأضاف: «لا بد من إعادة بناء كل شيء، وبالتالي إثبات أن الحرية أقوى». وقال إنه إلى جانب المبادرات الأمنية، فإن الأنشطة الإنسانية مهمة أيضاً، مشيراً على سبيل المثال إلى استعادة إمدادات المياه في ميكولايف، التي دمرتها القوات الروسية. وجاءت تصريحاته بعد رحلته مع رئيسة الوزراء الدنماركية، ميته فريدريكسن، حيث زارا الجنود الأوكرانيين الجرحى في مستشفى في مدينة ميكولايف الجنوبية. كما زار الزعيمان الميناء البحري في المدينة، التي كان يبلغ عدد سكانها نحو 470 ألف نسمة قبل الاجتياح الروسي. ووصلت القوات الروسية إلى ميكولايف في مارس 2022 قبل أن تجبرها المقاومة الأوكرانية الشديدة على التراجع. وأضاف الرئيس الأوكراني: «أعتقد أن روسيا تريد حقاً أن يكون انتقامها كبيراً. أعتقد أنهم بدأوا ذلك (بالفعل)». وقال للصحفيين، في مدينة أوديسا الساحلية الجنوبية: «كل يوم إما يجلبون مزيداً من قواتهم النظامية، أو نشهد زيادة في عدد قوات (فاجنر)».
وقال ميكولا سالاماخا، وهو كولونيل ومحلل عسكري أوكراني، لإذاعة «إن في» الأوكرانية، إن هجوم موسكو هناك باهظ التكلفة. وأضاف سالاماخا: «البلدة واقعة فوق ربوة، وأُنشئ مركز دفاعي شديد التحصين هناك... هذا تكرار للموقف في باخموت، تسحق القوات المسلحة الأوكرانية موجة تلو أخرى من القوات الروسية». وأرسلت مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة آلاف المدانين المجندين من السجون الروسية إلى المعركة في أنحاء باخموت، ما يوفر الوقت لجيش روسيا النظامي لإعادة تشكيل الوحدات بمئات الآلاف من قوات الاحتياط.