بداية محدثكم ليس بشيخ أو إمام أو حتى دارس لعلوم القرآن، وإنما محدثكم غلب عليه الأمر مثلكم، أمر الدنيا بما فيها من قلة مال ومواجهة لغلاء الأسعار .
أنتظر وتنتظرون مثلي "العلاوة" تلك التي تُمنح لتحسين الظروف المعيشية، ومن منا لا ينتظر علاوة على هذا، وذاك الذي نحن فيه؟.
ولكن هل حدثتنا أنفسنا يوما على أن " نسأل عن البركة"؟ تلك المنحة الإلهية التي وهبها الله لنا بمجرد الشكر مصداقا لقوله تعالي " لئِن شكرتُم لأزيدنّكم".
فمنا من لديه مال، وهو يعرف حق الله فيه، ويتصدق منه، ويساعد أهل الحاجة، ويعين الملهوف، فماله فى زيادة لا نقصان، لأن الله وضع له بركة فى ماله، وآخر كلما باع أو اشترى ربح فى ذلك، وبارك الله له فيه، وآخر وقته مبارك له فيه، فنجد أن الله تعالى نفع به الكثير من المسلمين.
وعلى العكس من ذلك، فمنا من لديه مال، وهو شحيح به، ولا ينفقه فى وجوه الخير، فتراه معذباً بماله، يحسبه ويحصيه آناء الليل وأطراف النهار، مشغول به فى النهار ، وحريص عليه بالليل، فوقته فى ضيق عليه،
لا بركة فى ماله ولا فى وقته، وأحيانا يشترى بماله العذاب النفسي والروحى، وعدم الراحة.
وكم منا إذا بعنا أو اشترينا، حلفنا أيمانا بأن ما نبيعه بكذا ونحن فى الحقيقة كاذبون، هل بذلك ننتظر بركة من الله؟
وكثير من التجار من يقولون أن بضاعتهم طيبة وهي عكس ذلك ، ومنهم من يغش فى بيعه وشرائه، فأولئك بركة بيعهم ممحوقة والعياذ بالله.
حقيقة أقرها أنا وأعترف بها، ولكم بالطبع الرأي والاختيار ، إن قلّ مالي أو كثر أسأل نفسي عن البركة، هل فعلت من أجلها حتى يمنحني الله إياها، أم أني ضيعتها بيدي ووقتها لا ألوم إلا نفسي.
حقا ما أجمل قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ".( الأعراف 96).