الحرب الروسية الأوكرانية إحدى حلقات الصراع الدولي المتشابك الأطراف، الذي يعكس حالة الاحتقان الدولي الناتج عن تشكل نظام دولي أحادي القطب عقب انتهاء الحرب الباردة نهاية القرن الماضي، فلم يعد مستغربا أن تتم تلك الحرب عامها الأول وهي تتجه نحو المزيد من التصعيد، فهذا كان متوقعا فى ظل نمط حروب جديد طويل الأمد يشهده العالم منذ عقدين بالتحديد، فلم تعد الحروب تعتمد على الشكل التقليدي المعتمد على الضربات العسكرية المكثفة والسريعة، بل باتت الحرب مزيجا من أجيال حروب مختلفة تعتمد فى الأساس على استنزاف قوة الخصم عبر مختلف الأدوات المتاحة سواء العسكرية أو السيبرانية وصولا لسلاح الشائعات والاكاذيب، التي تستهدف تفكيك المجتمعات من الداخل، ومن ثم هي حرب استنزاف كبرى بين القوى العالمية الكبرى تتعدد ساحتها
ما بين الشرق الأوسط وشرق أوروبا وصولا لبحر الصين الجنوبي.
عام مضى على الحرب الروسية الأوكرانية افتقد العالم خلاله صوت العقل بل اتجهت القوى الكبرى نحو عسكرة الأزمة عوضا عن البحث عن مسارات تسوية لوقف الحرب، حيث إن اقتصار المساندة المقدمة للجانب الأوكراني من قبل الغرب على المساعدات العسكرية وفرض العقوبات تجاه الجانب الروسي، أشعل فتيل الحرب أكثر بينما كانت تحتاج الأزمة الروسية الأوكرانية؛ لتحركات سياسية أكثر حكمة تتيح المجال للتفاوض، ولكن ما حال دون هذا أيضا غياب الوساطة الآمنة، بعد أن انخرطت القوى الدولية الكبرى فى الصراع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فلم تجد تلك الحرب وسيط موثوق فيه من قبل كافة الأطراف فى ظل تحييد كامل لمجلس الأمن الذي بات معطلا فى تلك الأزمة بعد أن انخرط أصحاب الفيتو الخمس فى الصراع الدولي القائم، الذي لن ينتهي إلا بميلاد نظام عالمي جديد يتيح لكافة القوى الإقليمية والدولية مساحات عمل متكافئة نسبيا فى عالم متعدد الأقطاب.
العام الثاني سيصبح الأصعب فى الحرب الروسية الأوكرانية فالجميع ينتظر الربيع لتشتد وتيرة الصراع، ولكن بالتوازي أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية أمام ربيع صعب بعد تصاعد الاحتقان الداخلي لدى شعوب تلك الدول نتاج التبعات الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الأزمة وألحقت أضرارا بالغة بالأمن الغذائي وأمن الطاقة، فهل تستطيع الأنظمة الغربية مواصلة دعم كييف وتجاهل أنين شعوبها، أم تواصل تجييش قواها لدعم الحرب؟