رجال الإنقاذ أبطال فوق العادة

رجال الإنقاذ أبطال فوق العادةحسين خيرى

الرأى21-2-2023 | 14:45

كلما ابتهلت إلى الله بالدعاء لضحايا الزلزال بتركيا و سوريا ألحق بهم أبطال الإنقاذ، وأدعو لهم بأن يجزل المولى لهم فى العطاء، وبرغم مرور عدة أيام على الزلزال، مازال 250 ألف بطل منهم يواصلون البحث تحت الأنقاض، أملاً فى العثور على أحياء، وليس بكثير عليهم أن ننعتهم بلقب فدائي، والشاهد على هذا يوميات زلزال تركيا وسوريا.

فى لحظة واحدة تحول رجال الإنقاذ فى مدينة هاطاى التركية إلى عالقين تحت الأنقاض، وباتوا فى حاجة لمن يرفع عنهم ركام الأنهيار، فقد سقط جزء من بقايا مبنى عليهم، وظل أحد المسعفين محاصرا بين الحطام، حتى تمكن رفاقه من إنقاذه.

ولا يقف الأمر عند احتمالية تعرضهم للموت أو الإصابة خلال عمليات الإنقاذ، وأنما يمكن أصابتهم باضطرابات عصبية عنيفة، لا تقل حدة عن المصابين والناجين من الزلزال، وتبلد المشاعر من أكثر الأمراض نفسية التى تعتريهم، ويُعرِّفه علماء النفس بالتراجع العاطفي، وتبدو أعراض المصاب به فى صعوبة التواصل مع الناس وفقدان الدافع للعمل والإنتاج.

واستمرار تعامل أبطال الإنقاذ مع المواقف المعقدة للضحايا تجعلهم عرضة لاستقبال صدمات نفسية متكررة، وفى كل عملية انتشال جثث أو إنقاذ أحياء، ترتفع لديهم نسبة الإصابة بمرض اضطراب ما بعد الصدمة، أو ما يسمى بتبلد المشاعر، ويغيب عن المسئولين عقب الانتهاء من تداعيات الكارثة، الاهتمام بالرعاية النفسية للمسعفين، وخاصة أن أعراض مرض تبلد المشاعر، قد يشعر بها المريض بعد عام كامل من الكارثة.

وكم يكون الألم والإحساس بالمرارة حينما لا يتمكن بطل الإنقاذ من إغاثة ضحية، ويرافقه شعور بخيبة الأمل، ويشعر أنه السبب فى القضاء على حياته، وإذا كانت صورة العناق الأخير موجعة على رواد التواصل الاجتماعي، وهى تظهر أب سورى يحتضن ابنه وقد فارقا الحياة، فكيف حال رجال الإنقاذ المجاورين لهما؟

ومن ناحية أخرى شاهدنا سعادتهم الغامرة وهم ينهالون بالقبلات على وجوه الأطفال الناجين، كأنهم فلذات أكبادهم، وكذلك الفرحة لم تسعهم وقت إنقاذهم للطفلة السورية صاحبة الصورة الشهيرة وهى تحتضن شقيقها، وتقول لرجال الإنقاذ: "عمو طالعنى بصير عندك خدامة".

وتتبادل صور الألم والفرحة أمام أعين الأبطال بين لحظة وأخرى، ولاتزال تتوالى مشاهد خروج الأحياء من تحت كتل الأنقاض بعد مرور أكثر من أسبوع وسط تهليل هؤلاء الرجال، وفى آخر إحصاء للناجين من الزلزال تجاوزوا السبعة آلاف شخص.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2