افتتحت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة ورشة عمل التخطيط الاستراتيجى للمحميات الطبيعية، والجلسة التشاورية الثانية لإدارة المحميات البحرية والتى ينظمها مشروع دمج التنوع البيولوجي بالسياحة البيئية التابع لوزارة البيئة، وذلك بحضور السيد اليساندرو فراكاستي - الممثل المقيم البرنامج الأمم المتحدة الانمائي، والمهندس محمد عليوه، مدير المشروع، والدكتور مصطفى صالح، رئيس مجموعة البيئة والتنمية، ولفيف من باحثى المحميات بالوزارة وخبراء وقيادات البيئة.
وأكدت ا لدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة في كلمتها أن مصر تبذل جهودا حثيثة؛ لتحقيق التزامها بالاجراءات العالمية الجديدة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التنوع البيولوجي وجهود إعلان إطار عمل التنوع البيولوجي لما بعد ٢٠٢٠ في مؤتمر التنوع البيولوجي بكندا ٢٠٢٢، وفي قلبها إعلان ٣٠٪ من الأراضي والبحار المحيطات محميات طبيعية ٢٠٣٠، وقد عملت وزارة البيئة على تحقيق مزيد من التوازن بين التنمية وصون البيئة والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، حيث بدأت الرحلة من ٤ سنوات بالنظر إلى المنظومة الاقتصادية والاجتماعية لصون المحميات الطبيعية، والبدء بتغيير ثقافة المسئولين للعمل بطريقة مختلفة تعزز الاستفادة الاقتصادية من المحميات وتنفيذ مزيد من الأنشطة بها لتحقيق استدامتها، مما يعود بالنفع الاقتصادي على المجتمعات المحلية القاطنة بتلك المحميات من خلال دمجهم في ادارة المحميات سواء بعمل الرجال كحراس للمحمية، وتنفيذ السيدات للمشغولات اليدوية والتراثية التي تعبر عن طبيعة المكان.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن نجاح تحقيق الرؤية الجديدة في إدارة المحميات تتطلب توفر عدد من العوامل، أولها وضع نظام تنظيمي ومؤسسي وقانوني يسمح بتنفيذها، لذا وضعت وزارة البيئة بعض الإجراءات المنظمة ومنها تحصيل مقابل لممارسة الأنشطة بالمحميات بهدف إدارة حجم أعداد الزائرين للمحميات بما لا يشكل ضغطا على مواردها، وأيضا تعزيز الاستثمار في المحميات بالعمل على أول تجربة لإعداد الإطار الاستراتيجي البيئي والاجتماعي لمنطقة جنوب البحر الأحمر، كأول نتاج للتعاون بين وزارتي البيئة والسياحة والآثار وعدد من الجهات الوطنية، مثل هيئة التنمية السياحية والمجتمعات العمرانية.
وأضافت الوزيرة أن تهيئة المناخ الداعم لفهم منتج السياحة البيئية من مختلف أبعاده، من أهم عوامل نجاح تطوير المحميات الطبيعية، فقامت وزارة البيئة من خلال مشروع دمج التنوع البيولوجي في السياحة البيئية على منح علامة الزعنفة الخضراء Green Fins لمراكز الغوص، وإعداد دليل معايير الاستدامة داخل المناطق الطبيعية، وبالتعاون مع وزارة السياحة على مدار ٣ سنوات تم إعداد أول دليل إرشادي للمنتجعات البيئية لمنحها التراخيص، حيث أصدرت وزارة السياحة الأسبوع الماضي أول معايير خاصة بالمنتجات البيئية مما يشجع القطاع الخاص الاستثمار فيها.
وأوضحت وزيرة البيئة زيادة الوعي البيئي كمفهوم أشمل ساعد على تمهيد الطريق للسياسات الداعمة أو وتطوير البنية التحتية في المحميات، حيث تغير مفهوم البيئة في العالم من مواجهة التلوث ليرتبط بالاستخدام المستدام والرشيد للموارد الطبيعية.
ولفتت وزيرة البيئة إلى إطلاق حملة إتحضر للأخضر وحملة إيكو إيجيبت للترويج لـ ١٣ مقصدا سياحيا بيئيا، لم تركز فقط على طبيعة المكان أو ندرة النبات أو نوع الحفريات باعتباره جزءا فنيا لا يلقى اهتمام المواطن، حيث تقوم الحملة على فكرة مشاهدة جمال الطبيعة ومعايشة تجارب مختلفة في المحميات، كما تقوم على اعتبار المجتمع المحلى للمحميات أساس عملية التنمية وأكثر قدرة على عملية الصون، وذلك بمساعدتهم بتوفير فرص عمل خضراء والحفاظ على تراثهم.
كما أكدت وزيرة البيئة أهمية العامل البشري وعودة علاقة التناغم والتوافق بين البشر والطبيعة، وذلك بالتدريب على خطط الإدارة، وخلق حوار مع المنتفعين الرئيسيين من القطاع الخاص والسكان المحليين من قبائل وجمعيات لعرض آرائهم، مؤكدة أهمية تلك الأصوات والآراء في نجاح المشروع.
وأعربت وزيرة البيئة عن تطلعها من خلال ورشة العمل مع المسئولين عن المحميات الطبيعية من جهاز شئون البيئة والخبراء الوطنيين والاستشاريين الخروج بخطوات فعلية واقعية قابلة للتنفيذ تصب في المقام الأول في مصحلة الأهالي والمجتمعات المحلية التي تعد أساس عملية الصون والتنمية، مؤكدة أن وزارة السياحة والآثار والقطاع السياحي شريك رئيسي لتقديم منتج سياحي بيئيي، وتعزيز خطواتنا الحثيثة والتعاون مع القطاع السياحي سواء من ناحية المنشآت الفندقية أو القطاع الخاص بالغوص أو غرف السياحة.
بينما أكد السيد اليساندرو فراكسيتي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، أن التخطيط الإداري الفعال أداة مهمة لضمان استدامة أي محمية طبيعية، مؤكدا أهمية ضمان أكبر قدر ممكن من التشاور مع أصحاب المصلحة ووضع أهداف متفق عليها بشكل متبادل يلتزم بها الجميع، مضيفا أن المحميات الطبيعية تغطي ما يقرب من ١٧٪ من أراضي العالم و ٨٪ من محيطاته، وتوجد في جميع أنحاء العالم من المناطق الحضرية المكتظة بالسكان إلى المناطق البرية النائية، وفي كثير من الحالات يمتلكها ويديرها الجمهور، مشيرا إلى أن مستوى الحماية الممنوحة لهم يعتمد على عدة عوامل متمثلة في التمويل الكافي، والاجتهاد في فرض القوانين وتطبيقها، وممارسات الإدارة الفعالة، وقوة الدعم العام.
وأشار الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إلى أن العديد من المحميات الطبيعية تواجه تراجعاً في الموارد المالية والبشرية، مما يزيد من صعوبة وضع وتنفيذ خطط إدارة فعالة، مؤكدا أن خطط الإدارة الجيدة ستجذب القطاع الخاص للاستثمار في المحميات الطبيعية، كما أكد أنه لأمر مشجع أن نرى الحكومة تمضي قدما في هذا النهج الجديد، معربا عن سعادة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتقديم الدعم للحكومة المصرية لإعلان منطقة بحرية محمية طبيعية جديدة في منطقة جنوب البحر الأحمر، مضيفا أن مؤتمر التنوع البيولوجي COP 15 الذي عقد في مونتريال العام الماضي أعاد التأكيد على أهمية المحميات الطبيعية، والأدوار الحاسمة التي تلعبها في مجتمعنا العالمي، وتشمل الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتوفير خدمات النظام الإيكولوجي، ودعم الاقتصادات الإقليمية من خلال السياحة والترفيه، مشيرا إلى أن الأهداف الطموحة الموضوعة في مونتريال تعكس هذه الأهمية، مشيرا إلى أنه نظرًا لزيادة عدد سكان العالم فإن طلباتهم على الموارد الطبيعية ستزداد، وستصبح معه المحميات الطبيعية أكثر أهمية لتخطيط الحفظ كموارد علمية.
ومن جانبه، أشار الدكتور مصطفى صالح رئيس مجموعة البيئة والتنمية إلى أن حماية الطبيعة نشاط دائم ومستدام يساعد في التنمية وزيادة الدخل القومى، وهو ما يتسق مع توجه الدولة بالتوسع فى البرامج التنموية وخاصة بالمناطق الصحراوية، حيث نضع أمام متخذ القرار التنموى أن السياحة المعتمدة على الطبيعة مصدر ناجح للتنمية، موضحا أنه سيتم خلال الورشه التدريب على وضع خطة لإدارة المحميات الطبيعية أسوة بخطة إدارة محمية وادى الجمال، مؤكدا أن الدراسات، التى تم اعدادها شارك فيها الاستشارون والعاملون بالمحمية وسكان المجتمع المحلى بأرائهم وأفكارهم.
وأكد المهندس محمد عليوه، مدير مشروع دمج التنوع البيولوجي بالسياحة البيئية، أن الورشة تأتى اتساقا مع انتهاج الوزارة لسياسة الاستخدام المستدام للمحميات الطبيعية، حيث تستهدف وضع قواعد موحدة للتخطيط الاستراتيجى فى مجال المحميات الطبيعية ، وكيفية بحث سبل التنمية المالية ورفع القدرات الاستثمارية للمحميات وطرح فرص جديدة للاستثمار، وتدريب العاملين على وضع خطط استراتيجية طويلة وقصيرة الأجل، موضحا أن الجلسة التشاورية الثانية لإدارة المحميات البحرية ، تأتى فى ضوء الاهتمام بنشر السياحة البيئية في مصر باعتبارها من المجالات الواعدة ، خاصة مع اعلان محمية بحرية جديدة بمؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ.
وتتضمن الورشة مناقشة عدد من الموضوعات منها تعميم التنوع البيولوجي في السياحة المصرية، ودمج صون التنوع البيولوجي واستخدامه المستقام في تنمية وتشغيل السياحة في مناطق النظم الإيكولوجية المهددة في مصر، و اعداد وتحديث إدارة المحميات الطبيعية، و تقديم مثال لذلك محمية وادي الجمال حماطة، وأيضا إعلان منطقة محمية بحرية جديدة في البحر الأحمر.