الأزهر الشريف مؤسسة عالمية، لها رسالة دعوية ودينية ووطنية واجتماعية، يعمل على تحقيقهم دون تفريط أو تشدد، وقد وفق الله لهذه المؤسسة رجلاً مخلصًا، هو الإمام الأكبر د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذي أصبح همه وشغله الشاغل، هو استعادة المكانة العالمية والريادة التاريخية للأزهر على جميع المستويات، كما أنه لم يهتم بالجانب الدعوي فحسب، بل أصّل للجانب الإنساني أيضًا، ليؤكد أن الأزهر دين ودنيا، فبجانب الدين والدعوة ، لم ينس هموم الناس وحاجاتهم واهتم بدنياهم أيضاً.. حيث كان الجانب الاجتماعي والإنساني لفضيلة الإمام الأكبر حاضرًا وبقوة منذ أن أصبح شيخًا للأزهر ، فخلال ثلاثة عشر عامًا منذ توليه مشيخة الأزهر في ١٩ مارس عام ٢٠١٠ لم يترك عملاً إنسانيًا أو اجتماعيًا يخفف عن محتاج أو ينصر ضعيف إلا وسارع إليه، ليس في مصر فحسب بل في الكثير من بقاع العالم.
ففي عام 2011 وجه الإمام الأكبر د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بتسيير عدد من القوافل الطبية والإغاثية داخل مصر وخارجها، لرفع المعاناة عن الناس في الدول والمناطق الأشد احتياجًا، فكانت أولى القوافل إلى دولة النيجر ثم تبعها 26 قافلة طبية وإغاثية إلى 11 دولة أخرى ليصبح عدد القوفل الخارجية التي وجه الإمام تيسيرها 27 قافلة، وقعت كشوفات طبية على 120 ألف شخص، وأجرت 2500 عملية جراحية متنوعة،بينما بدأت القوافل الطبية والإغاثية الداخلية في عهد الإمام الطيب عام 2013 عندما وجه فضيلته بتيسير قافلة طبية إلى أسوان وشلاتين ثم تبعها 68 قافلة أخرى في مناطق أخرى، ليصبح عدد القوافل الداخلية 69 قافلة طبية، وقعت كشوفاتها الطيبة على 300 ألف شخص تقريبًا، وأجرت 9 آلاف عملية جراحية متنوعة، هذا إلى جانب قوافل المساعدات، والتي قدمت أطنانًا من المواد الغذائية بلغ اجماليها 436 طناً.
وليس هذا فقط، بل كان هناك دور مهم لبيت الزكاة والصدقات المصري، الذي أٌنشأ في عام 2014، ويخضع لإشراف الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لبث روح التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع، ولمد يد العون إلى الفقراء والمحتاجين الذين يجدون صعوبة في تحمل نفقات الحياة أعبائها، وذلك من خلال إعانات مالية تقدم لهم بصفة شهرية، فنجح في تحقيق الاستغلال الأمثل لأموال الزكاة والصدقات، وكسب ثقة ودعم دافعي الزكاة والمتبرعين، وترسيخ قيم العطاء والتكافل الاجتماعي، وذلك وفقا لرؤية علمية تسعى لسد الفجوات التنموية، وتقدم الدعم الأمثل لمستحقي الزكاة، هذا إلى جانب العديد من المساعدات الأخرى المتنوعة مثل توفير الأجهزة المنزلية للفتيات غير القادرات المقبلات على الزواج، إضافة إلى سداد ديون الغارمين والغارمات، وسداد متأخرات وإيجار مرافق المتعثرين في الدفع من مستحقي الزكاة، فضلا عن توفير المساعدات العلاجية للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة، وفيروس سي، والهيموفيليا، وأمراض الدم الوراثية، وإجراء عمليات زرع كلى وقرنية وقوقعة للأطفال، ودعم معهد القلب بتحمل تكاليف عمليات القلب للأطفال على قوائم الانتظار، إضافة إلى توفير علاج الأورام للأطفال بالمستشفيات، ودعم المعهد القومي للأورام بتحمل تكاليف علاج المرضى من مُستحقي الزكاة المدرجين على قوائم الانتظار.
وبعد حادثة مسجد الروضة ببئر العبد، التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء على يد الإرهاب والغدر، انطلق إليهم رُغم المخاطر والصعاب ليقدم لهم واجب العزاء قائلاً لهم:" إنَّ مِصْرَ كلها تشعُـر بما تشـعرون به، وتتألَّم مِمَّا تتألَّمون منـه، وكذلك الأزهر الذي جاءكم بشيوخه وأبنائه وبناته ليُعَزِّيكم ويُخَفِّف عنكم مصابكم، ويضع يده في أيديكم من أجل نهضة هذه القـرية علميًّا وصحيًّا واجتماعيًّا»، ولم يكتفِ بذلك بل أصدر أربعة قرارات إنسانية للتخفيف عن مصابهم الجلل، حيث قرر أن يكون تعليم أبناء قرية الروضة بجميع مراحل التعليم الأزهري مجانًا على نفقة الأزهر الشريف، حتى يتخرج منهم علماء أجلاء ينفعون أوطانهم وأهليهم، وبناء مجمع أزهري (ابتدائي -إعدادي- ثانوي) لخدمة أبناء القرية والقرى المجاورة، والذي تم افتتاحه العام الماضي، وصرف معاش شهري لكل أسرة استشهد أحد أبنائها، ورحلة حج لجميع أمهات الشهداء وزوجاتهم.
وفي لمسة وفاء وجبر للخاطر قدم فضيلة الإمام الأكبر درع الأزهر الشريف لأسرة الشهيد منسي، مؤكدا أن هذا التكريم هو تقدير من الأزهر لشهداء مصر الأبرار وعرفان بالجميل، لما قدمه هؤلاء الأبطال من أجل مصر، فمصر كلها تدين لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل وطنهم، مقدرًا الجهود التي تبذلها القوات المسلحة في رعاية أسر الشهداء، فخلال مشاركته في الندوة التثقيفية الـ 37 للقوات المسلحة احتفالا بيوم الشهيد، بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والتي جاءت تحت عنوان "الثمن"، تكريما لمن ضحوا بحياتهم فداء للوطن، ظهر متأثرًا خلال مشاهدته فيلم "رموز خالدة"، والذي استعرض دور الشهيد لحماية الوطن، وكيف استقبل أهالي الشهداء خبر رحيل أبنائهم، فهو الطيب ذو القلب الطيب.
واستكمالا لجهود الدولة تبرع فضيلته بخمسة ملايين جنيه لصالح صندوق "تحيا مصر" في مواجهة جائحة فيروس كورونا، كما تكفُّل بتعليم أبناء الأطباء الذين كانوا في صفوف المواجهة الأولى ضد فيروس كورونا المستَجِد، وكانوا ضمن ضحاياه، كما تبرع بقيمة جائزة الأخوة الإنسانية، لبيت الزكاة والصدقات المصري، الذي يترأسه، وصندوق تحيا مصر، ومرضى الأطفال بمستشفى شفاء الأورمان لعلاج السرطان بالأقصر، بالإضافة إلى سداد بعض ديون الغارمين والغارمات ومساعدة العديد من الفقراء، فضلا عن تبرعه بقيمة جائزة الشيخ زايد للكتاب، والتي تقدر بمليون درهم إماراتي، كما دعم بعض الحالات الإنسانية الفردية، ككفالة سفر بعض الطلاب الوافدين إلى بلدانهم، كما تبرع بقيمة جائزة الشخصية الإسلامية لعام 2020 والتي منحتها ماليزيا لفضيلته، للطلبة الوافدين، لتلبية احتياجاتهم، بالإضافة إلى تحمُّله تكاليف تعليم بعض الأطفال غير القادرين، أو أصحاب الإنجاز الكبير من محدودي الدَّخل، وعرفانًا بالجميل وجه فضيلته باتخاذ ما يَلزم لمتابعة حالة الدكتور عبدالحميد محمود متولي خشبة، أستاذ التفسير وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية، حتى يحيا حياة كريمة تليق به كعالم أزهري، وذلك بعدما علم الإمام الأكبر بتدهور حالته الصحية والمالية.
وخلال متابعة الأزهر الشريف وشيخه الطيب أحوال المسلمين حول العالم، ودعم المستضعفين منهم، واستنكار الممارسات العنصرية ضدهم، وحينما وقف العالم عاجزا تجاه مأساة مسلمي الروهينجا في ميانمار، سعى فضيلته بكل الطرق لإنهاء المأساة الإنسانية والعنف المستمر بحق المسلمين الروهينجا في ميانمار، فاتخذ من الحوار منهجًا لحل الأزمة، ليعقد في يناير 2017م مؤتمرا للسلام بين أبناء ميانمار، واستمع إلى رؤية الجميع؛ للوصول إلى تفاهم مشترك، لكن استمرت السلطات في ميانمار في ارتكاب المجازر بحق المسلمين في البلد، فدعا الإمام الطيب في بيان تاريخي موجه للمجتمع الدولي في سبتمبر 2017 إلى التصدي بكل السبل لسلطات ميانمار التي ترتكب أبشع أشكال الإبادة الجماعية والتهجير القسري بحق المسلمين في بورما، منتقدًا الصمت الدولي إزاء القضية قائلاً: "كل المواثيق الدولية التي تعهدت بحماية حقوق الإنسان أصبحت حبراً على ورق"، وفي نوفمبر 2017 أرسل قافلة إغاثية كبيرة إلى مخيمات اللاجئين الروهينجا في بنجلاديش، لتوزيع المساعدات الإغاثية والإيوائية والصحية، و كان من المقرر أن تعمل القافلة لمدة أسبوع واحد، لكن فضيلته قرر مد عمل القافلة لمدة أسبوع آخر لتوزيع كم أكبر من المساعدات، وبعد الحريق الذي نشب في أحد مخيمات لاجئي مسلمي الروهينجا في منطقة كوكس بازار في بنجلاديش، والذي أسفر عن حرق ما يزيد عن ٢٠٠٠ خيمة وجه فضيلته بسرعة إرسال إعانات إغاثية عاجلة لمسلمي الروهينجا المتضررين من الحريق.
وحمل فضيلة الإمام الأكبر راية الدفاع عن حقوق المرأة واهتم بها اهتمام بالغ، فدافع عن حقوق الفتيات الصغيرات ورفض زواج القاصرات، وأعلن عن تأييد الأزهر للقانون الذي يحدد سن زواج الفتيات بـ 18عامًا، كما دافع عن حق الأم المطلقة في رعاية أبنائها وعدم حرمانها منهم، وبين أن تحديد انتهاء حق الحضانة ببلوغ سن الخامسة عشرة لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، كما دعا إلى ضبط "ظاهرةِ فوضى تعدُّدِ الزواجِ وفوضى الطلاقِ"، كما شدد على أن إجبار الفتاة على الزواج ممن لا تريده أمر مرفوض، كما خصص فضيلته حلقات تليفزيونية من برنامجه "الإمام الطيب" المذاع في شهر رمضان للدافع عن حقوق المرأة وقضاياها، كما عمل على تمكين المرأة بالأزهر الشريف، حيث أصدر فضيلته قرارًا في سابقة جديدة لأول مرة تعيين كل من الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارا لفضيلته لشؤون الوافدين، والدكتورة إلهام شاهين، أمينا عاما مساعدا لشؤون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتورة فاطمة الأحمر، رئيسا للإدارة المركزية لمنطقة الجيزة الأزهرية، بالإضافة إلى تكليف 1300 امرأة بتولي منصب "شيخ المعهد" بمختلف المناطق الأزهرية، وهو العدد الأكبر في تاريخ الأزهر الشريف.