«كليوباترا السوداء» تثير الجدل على نتفيلكس

«كليوباترا السوداء» تثير الجدل على نتفيلكسكليوباترا السوداء

ثقافة وفنون15-4-2023 | 11:02

تم عرض فيلم كليوباترا بطولة إليزابيث تايلور في ستينيات القرن الماضي، وتم تصوير مشاهد الفيلم العالمي بمدينة إدكو بمصر، إلا أن المشاهد العربي لم يشاهد الفيلم إلا في سبعينيات القرن الماضي؛ وذلك بسبب قرار مكتب المقاطعة ب جامعة الدول العربية التي وضعت إليزابيث تايلور في القائمة السوداء بسبب تصريحاتها المنحازة لدولة الاحتلال الصهيوني آنذاك.

في البداية، تم عرض الفيلم في تونس والأردن، ثم قامت الشركة المنتجة للفيلم بحملة دعاية حسن نوايا في كافة البلاد العربية؛ للسماح بعرض الفيلم الذي قدم الحضارة المصرية بشكلها الصحيح دون ادعاءات وزيف، وقامت وزارة الثقافة المصرية بالاطلاع على الفيلم ليتم السماح بعرضه في سبعينيات القرن الماضي، وقد قررت وزارة الثقافة السماح بعرض الفيلم وتخصيص عرض الإيرادات للمتضررين من العدوان الإسرائيلي ومساعدة المهجرين في مدن القناة.

وذكرت مجلة "الإذاعة والتلفزيون"، في عددها الصادر في 8 إبريل عام 1972م، أن الفيلم على المستوى الفكري والحضاري يستعرض أدق فترة من فترات مصر القلقة تلك الفترة التي أعقبت وفاة بطليموس الثاني عشر، والذي عُرف في التاريخ بـ"عازف الفلوت" وقد ترك العرش لابنته كليوباترا التي لم يكن عمرها يتعدى السابعة عشر من عمرها، ولأبنه بطليموس الذي كان عمره 8 سنوات، بينما كانت مصر مطمعًا للعديد من دول البحر المتوسط، وعلى رأسها روما، والتي كانت مسرحًا للحرب الأهلية بين يوليوس قيصر، والقائد بومبي.

واستعرض الفيلم حياة كليوباترا السابعة والتي سماها المؤرخ بلوتارخ "وعاء المتعة والجمال الدائم"، والتي تغزل فيها الشعراء والكتاب وكتبوا عنها العديد من الدراسات والكتب والمسرحيات، كما اختلفوا في تحليل شخصيتها، فبينما يري شكسبير أن كليوباترا تسيل أنوثة وتعتمد على جمالها وفتنتها في تحطيم الرجال، يري برنارد شو أن كليوباترا ليست المرأة اللعوب أنما هي فتاة وامرأة في عصر الأزهار، مؤكدا على أن كليوباترا تعلمت من يوليوس قيصر وبدلا من أن تكون قطة صارت قُطيطة، وأضاف أن علاقتها مع انطونيوس جاءت لأنها كانت تبحث عن الحب.

ويقدم الفيلم أيضا دراسة وافية عن كليوباترا، وقد كتب السيناريو والحوار والقصة مخرج الفيلم جوزيف مانكوفيتش، والذي اعتمد على كتابات كل من: بلوتارخ، وستونيوس، وأبايان، وفورستر، وشكسبير، وبرنارد شو، وكتاب حياة مصر وعصر كليوباترا للكاتب س . م . فرانزيرو.

وقد حاول المخرج إعطاء صورة ل مصر وكليوباترا بكل دقة ابتداء من الأزياء إلى الإكسسورات، وقد اختار الممثلة إليزابيث تايلور أجمل امرأة في العالم لتُعطى صورة عن كليوباترا السابعة ، تلك الأنثى الساحرة التي لم يستطع رجل الوقوف أمام جمالها، وقد قام الممثل ريتشارد بورتون بأداء دور مارك انطونيو، فيما قام الممثل ريكس هاريسون بأداء دور يوليوس قيصر، وريتشارد أوسلفيان بأداء دور بطليموس الأخ الأصغر لكليوباترا السابعة.

بدوره يقول الخبير الأثري شريف شعبان في تصريحات لــ"بوابة الأهرام" إن عرض فيلم كليوباترا الذي قدم صورة حقيقية للحضارة المصرية وللملكة المصرية ذات البشرة البيضاء لكونها من جذور يونانية وإغريقية، قبل ظهور حركة تيار ادعاء تيار الأفروسنترك"Afrocentric" ، وهى حركة تتدعي المركزية الإفريقية وكل ما تقدمه من أسانيد مغلوطة، ودعا أصحاب هذا الرأي أن أصول الحضارة المصرية القديمة تنحدر من العرق الإفريقي، معتمدين على مثل تلك المناظر المنتشرة على الجداريات المصرية، حيث يظهر أشخاص سود اللون دون الرجوع لأي مصادر موثقة، فهم يعتمدون على ادعاءات هيرودوت، وسترابون، وتيودور الصقلي.

وتبنى المؤرخ السنغالي الشيخ أنتا ديوب فكرة انتماء حضارة مصر القديمة للعرق الزنجي، حيث قام بنشر أبحاث في سبعينيات القرن العشرين يصر فيها على أن العنصر الأساسي المكون ل مصر القديمة هم الزنوج قبل اندماجه مع عناصر جديدة على مر الحضارة، واستخدم ديوب التحليل المجهري لقياس محتوى الميلانين لعينات الجلد من عدة مومياوات مصرية من حفائر مارييت، ومن خلالها قام بتصنيف جميع المصريين القدماء على أنهم "بلا شك من بين الأجناس السوداء"، ويظهر اعتقاده الباطل دون أي سند علمي، لكنه نابع من التعصب للبشرة السمراء ومحاولة مقاومة الفكر الأوروبي الأبيض، فيزعم أن المؤرخين والكتاب البيض قد اخترعوا مصطلحات سياسية مثل "المتوسطي" و"الشرق أوسطي" من أجل طمس الهوية الإفريقية للمصريين!، ولكن في حقيقة الأمر فإن مثل تلك المناظر السابقة تسمى "مراسم تسليم الجزية"، وهي عبارة عن موكب يسير فيه ممثلون عن كل الأقاليم التي كانت تابعة للإمبراطورية المصرية القديمة من أقاليم شمالية تمثل بلاد الشام وجزر البحر المتوسط وأخرى غربية تمثل القبائل الليبيين وثالثة جنوبية تمثل بلاد النوبة، وهم يقدمون لملك مصر منتجاتهم التي اشتهروا بها كجزية لمصر.

ويضيف شريف شعبان:"نرى في هذا المنظر صفين يظهر بهما ممثلون عن الأقاليم الجنوبية، وهم يحملون منتجاتهم الشهيرة مثل الزراف وأسود وظبيان وجلود الحيوانات وأواني العطور وغيرها، ويظهر هنا موضع الاختلاف حيث كان العرق الذي اشتهروا به هو البشرة المائلة للسمرة والداكنة، وهم أسري عند المصريين، ثم ويأتي تمثيل توت عنخ آمون باللون الأسود فهي تماثيل تمثل (الكا) أو الروح الخاصة به حين أن الغرض من وجود هذين التمثالين بهذا الحجم وتلك الهيئة بث الرعب في نفس كل من يحاول الاقتراب من حجرة الدفن".

وأضاف أن العنصر الإفريقي لم يحكم مصر سوى خلال الأسرة الخامسة والعشرين؛ أي في 744 ق.م. وانتهت في 656 ق.م، حيث زحفت مملكة كوش جنوبي الشلال الأول والنوبة العليا نحو النوبة السفلى، ومنها إلى بقية مصر بعدما دب فيها الضعف، أي بعد وفاة الملك توت بـنحو 500 سنة على الأكثر؛ مما يعنى أن هذه الادعاءات باطلة، وليس لها أساس من الصحة.

وطالب شريف شعبان كافة الأثريين والباحثين بالوقوف ضد هذه الحركة والادعاءات الباطلة لتزويرها تاريخ وحضارة مصر القديمة أثار الإعلان الدعائي الرسمي للوثائقي ضمن عدد من الحلقات نتفليكس التي تتطرق لعدد من الملكات، جدلًا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

يُذكر أن شركة “نيتفليكس” بدأت في الترويج لفيلم “كليوباترا” من إخراج جادا نينكيت سميث، زوجة النجم الأمريكي الشهير ويل سميث، ويبدأ عرضه على المنصة يوم 10 مايو المقبل، وهاجم العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي البرومو الذي ظهرت فيه الملكة كليوباترا "سوداء اللون وزنجية وليست مصرية"، وهو ما وصفه البعض بتحريف التاريخ من قبل الغرب ومحاولتهم الدائمة في الطعن على التفاصيل الخاصة بكل ما يتعلق ب الحضارة المصرية والعرب بشكل عام، كما قامت حملة توقيعات لمقاطعة المسلسل من أثريين، ومطالبة المنصة بحذف المسلسل الذي يمثل تزويرا لتاريخ كليوباترا السابعة.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2