تقطع اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، خطوة مهمة، بانعقاد منتدى الأعمال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) في نسخته الأولى تحت عنوان "تسريع تطبيق اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية"، في كيب تاون، تنضم إلى ما سجلته من خطوات نحو إنشاء أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، منذ إطلاق إشارة البدء لها من نيامي بالنيجر عام 2019، حين أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي بدء سريانها خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي.
ومن ثم أطلقت الاتفاقية رسميا في الأول من يناير عام 2021 من جوهانسبرج، خلال الاجتماع غير العادي للاتحاد الإفريقي، مستهدفة إلغاء الرسوم الجمركية تدريجيا على تبادل السلع والخدمات "السياحة والخدمات المالية وخدمات البناء" بين دول القارة، حيث يعول عليها لانتشال 100 مليون إفريقي من الفقر المدقع بحلول عام 2035، وأن تعزز دخل إفريقيا ليصل إلى 450 مليار دولار بحلول عام 2025، وحتى الآن صادقت 47 دولة على الاتفاقية، وكانت مصر في طليعة الدول المشاركة في مبادرة التجارة الموجهة التي أطلقتها الأمانة العامة، في أكتوبر الماضي، بأكرا بين سبع دول.
وفي حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط.. قال الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية وامكيلي ميني "إن انعقاد النسخة الأولى من منتدى الأعمال ل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في كيب تاون مهم للغاية إذ علينا أن نبقى على قرابة من القطاع الخاص، لأننا نريده أن يستفيد من هذا الاتفاق".
وأضاف "نريد أن نرى ارتفاعا لحجم الاستثمارات، وزيادة للتجارة العابرة للحدود والعابرة للمناطق الإقليمية، وعلى القطاع الخاص أن يقتنص الفرصة، ويعزز تنافسيته وإبداعه وخلقه للوظائف".
وكان ميني قد أوضح- في كلمته الافتتاحية أمام المنتدى- أن القطاع الخاص الإفريقي يستحوذ على 80% من إنتاج القارة، وكذا فإن استثماراته التي تشكل 67% وتوظف 90% من قوة السكان في سن العمل.
وأفاد وامكيلي ميني- في حديثه للوكالة- بأن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ستعقد هذا المنتدى سنويا، قائلا "من الضروري بالنسبة إلينا أن نظل مرتبطين بالقطاع الخاص وننفتح عليه، لأنه هو الذي يحقق الفرص والوظائف".
وردا على سؤال حول إمكانية عقد النسخة الثانية من منتدى الأعمال في مصر العام المقبل، حيث لم تشهد النسخة الأولى حضورا من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين لانعقاده في رمضان؛ قال ميني "حددنا للنسخة المقبلة يومي 24-25 من مايو 2024، وإذا عرضت الحكومة المصرية إقامته على أرضها سنرحب بذلك".
وحول أهمية الإسراع بتفعيل الاتفاقية وأن يكون التبادل التجاري للغذاء قاطرة لها مع وضوح ضرورة التكامل الإفريقي على خلفية جائحة كورونا (كوفيد 19) والأزمة الروسية الأوكرانية ومن ثم انقطاع سلاسل الإمداد العالمية.. قال وامكيلي ميني "بالاتفاق بند يتعلق بالتخفيف من الحدود التجارية المفروضة على المنتجات الزراعية، ويزيل التعريفات الجمركية على مدى فترة زمنية، وأيضا التعريفات غير الجمركية على الغذاء والمنتجات الزراعية، وهذا من شأنه أن يزيد معدلات التجارة للغذاء بمجرد تخفيض الحواجز أمامها".
وتابع إن إفريقيا هي مستوردة للغذاء أكثر منها مصدرة له، بينما لا يفترض بها أن تكون كذلك، لأنها من أكبر من يزرع وينتج الغذاء، وبالتالي فإن الاتفاق سيساعدنا على الوصول إلى معدلات أفضل للتجارة للمنتجات الزراعية.
وكان ميني قد أوضح أنه من المتوقع أن تزداد التجارة الزراعية بين الدول الإفريقية بنسبة 574% بحلول عام 2030، إذا ألغيت التعريفات بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية.
وحول القطاعات الرئيسية التي من المتوقع من القطاع الخاص المصري أن يسهم بها على طريق الإسراع بتفعيل منطقة التجارة الحرة كون مصر أحد أكبر الاقتصادات الإفريقية.. قال ميني إن مصر من الدول الكبرى المنتجة والمصدرة للصناعات الدوائية.
وكان الأمين العام ل منطقة التجارة الحرة القارية قد أوضح أن المستحضرات الدوائية بين أهم القطاعات التي يمكن لاتفاقية التجارة الحرة القارية زيادة التجارة بها بين الدول الإفريقية، حيث تسجل التجارة البينية فيها بين دول القارة فقط نسبة 3%.
واستطرد ميني "مصر أيضا من أكبر الدول التي لديها شركات كبرى في مجال المقاولات والبنية التحتية، فعلى سبيل المثال؛ تشيد مجموعة السويدي سد ومحطة جوليوس نيريري لتوليد الطاقة الكهربية في تنزانيا، ومثل هذه القطاعات سيستفيد القطاع الخاص المصري من فتح الأسواق أمامها مع سريان الاتفاقية، لأن مصر لديها بالفعل طاقة لتصدير المنتجات والمشروعات الاستثمارية في عدد من القطاعات التي حددناها، ومن المستهدف تحقيق النمو بها في سياق اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية، وهو ما يحقق المصلحة المشتركة للقارة وأيضا لمصر".
وحول المزايا والضمانات التي تحققها الاتفاقية لأصحاب الأعمال والمستثمرين.. أشار إلى أن من أهم المميزات هي عوامل اليقين وإمكانية التنبؤ بالأسواق، ذلك أن الاتفاق يفتح الأسواق، والتي بمجرد أن تفتح لا يمكن أن تغلق مجددا، وأيضا حماية الاستثمارات ومنح التسهيلات، حيث تقدم الاتفاقية التسهيلات إذا كانت الاستثمارات في واحدة من دول منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتترتب على ذلك حقوق قانونية، وإجراءات للحماية، لذا فإن تحسين مستوى حماية الاستثمارات هو أحد ما يقدمه الاتفاق، إضافة إلى توفير حالة اليقين.
وردا على سؤال حول ما تقدمه منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية للمستثمر والمنتج الإفريقي في مواجهة اتفاقات أخرى للتجارة الحرة بين دول إفريقية ودول كبرى وتكتلات غير إفريقية.. قال وامكيلي ميني: "إن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية تقدم معاملة تفضيلية للمستثمر الإفريقي لكونه يقع ضمن هذه القارة ويستثمر بإحدى دول منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCAFTA)، واستثماراته داخل دولة تقع ضمن اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية، الأمر الذي يعني أنه سيحظى بمعاملة تفضيلية على امتداد دول القارة، كما سيحظى أيضا بمعاملة تفضيلية لصادراته قياسا إلى ما تناله دولة ثالثة ليست ضمن منطقة التجارة الحرة".
وأضاف وامكيلي ميني: "نقوم بعمل غير مسبوق في إفريقيا، فقبل اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إذا كنت في مصر وأردت التصدير إلى غانا، فإن المنتجات تتنافس بنفس القدر مع منتجات دولة لا تقع داخل القارة، وبوجود اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية ومع تفعيلها تحظى المنتجات بمعاملة تفضيلية تجعلها أكثر قوة وتنافسية، ومن خلال إزالة التعريفات الجمركية ستنال معاملة أفضل".
وحول الأفق الزمني المتوقع لتطبيق اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية بعد اتخاذ خطوة جديدة نحو دمج مجتمع الأعمال والمستثمرين الأفارقة خلال انعقاد أول منتدى للأعمال.. قال "علينا أن نركز على تطبيق الاتفاقية بعد هذه الخطوة الكبيرة، حيث بدأنا التفاوض بشأن بروتوكولين؛ أولهما يتعلق بالتجارة الرقمية؛ والذي يقدم فرصة فريدة لإفريقيا لتحقيق الشمول الرقمي والمالي، والثاني يتعلق بالنساء والشباب في التجارة، على أن يتم إعلان نتائج التفاوض بشأنهما خلال مؤتمر الاتحاد الإفريقي في يوليو المقبل، ومن ثم علينا أن نركز على الإسراع بتطبيق الاتفاقية".
وكان الأمين العام ل منطقة التجارة الحرة القارية وامكيلي ميني، قد أكد- في خطابه الافتتاحي للمنتدى- أن مواجهة أزمة ديون دول القارة لن تتحقق إلا بتسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية، وأن الأزمات العالمية الأخيرة كشفت تركيز لسلاسل التوريد في منطقة أو اثنتين من العالم، بينما توفر الاتفاقية الفرصة للقارة لتكون جزءا من سلاسل القيمة العالمية، فقبل 60 عاما؛ لم تكن السوق الإفريقية المشتركة سوى محض حلم لدى الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية لتتحول الآن إلى ضرورة، إذ لا تزال نسبة التجارة البينية الإفريقية عند نسبة 16%، بينما تبلغ نسبتها مع بقية العالم 86%.