"كيف يوجد هذا التمثال من الأساس؟!" كان هذا هو التساؤل الذي انطلقت منه مارجريت ميتلاند، المنسقة الرئيسية لقسم آثار منطقة البحر المتوسط في هيئة المتاحف القومية الاسكتلندية، لإيجاد تفسير علمي للغز القطعة رقم "A.1956.139" المُكتشفة في منطقة دير المدينة بمحافظة الأقصر على يد العالم الاسكتلندي ألكسندر ريند، منتصف القرن التاسع عشر.
التمثال يصور شخص محطم الوجه لا ينتمي للعائلة الملكية، يحتضن تمثالا لفرعون صغير غير معروف أيضا، وهو ما أثار دهشة ميتلاند خصوصا أن الأعراف القديمة تحظر تجسيد رجل من العامة صحبة الفرعون، وهو سبب إطلاق ميتلاند وصف "المستحيل" على هذه المنحوتة.
شغف ميتلاند بالتمثال قادها لإجراء المزيد من البحث عنه في أوراق ومذكرات "ريند"، وبعد معرفتها أن مكان اكتشافه كان "دير المدينة" قرب وادي الملوك، قررت إجراء المزيد من الدراسات حول المزيد من التماثيل المشابهة له، لتكتشف أن جميعها صنعت في منطقة "دير المدينة".
وتوصلت ميتلاند، إلى أن كبار البنائين في تلك المنطقة حظوا بمكانة مقربة من العائلة الملكية، ما منحهم الفرصة لنحت هذه النوعية من التماثيل الخاصة جدا التي كان محظورا على بقية العامة إنشاء مثلها.
وترجح ميتلاند أن الفرعون الصغير المقصود في التمثال "المستحيل" هو "رمسيس الثاني" بينما ترجح أن يكون الرجل خلفه هو الكاتب الأول "راموس"، الذي كان أحد أبرز الشخصيات في مجتمع "دير المدينة" ذلك الوقت، والمسؤول عن النقوش في المقابر الملكية.
وبنت ميتلاند فرضية أن من يظهر خلف الفرعون هو "راموس" استنادا إلى إكليل الزهور الذي يرتديه، والذي يشبه إكليلا آخر في تمثال خشبي آخر لـ "راموس"، بحسب ما أورده الموقع العلمي المتخصص "لايف ساينس"، الجمعة.
وتؤكد ميتلاند أن ارتداء الرجال هذا النوع من أكاليل الزهور كان أمرا نادرا، حيث كان شائعا فقط في أوساط النساء، باستثناء فترة في حقبة الملوك الذين حملوا اسم "رمسيس".
وتتفق "بيتسي براين"، أستاذة دراسات الشرق الأدنى بجامعة جون هوبكنز، بشكل جزئي مع ما ما توصلت له ميتلاند، حيث ترجح صناعة التمثال في عصر رمسيس الثاني، لكنها ترجح أن الفرعون المقصود في التمثال الغامض هو "أمنحتب الأول".