الاستقرار والتنمية

الاستقرار والتنميةسعيد عبده

الرأى2-5-2023 | 10:57

نعيش هذه الأيام مع ذكرى خاصة وعزيزة على قلب كل مصرى، وهى احتفالات عودة سيناء كاملة بعد مراحل عديدة من الحرب إلى السلام وما بينهما من ثمن ووقت وأرواح شهداء ارتوت أرض سيناء بدمائهم فداءً للوطن لاسترداد أرضه وكرامته.

وأيضًا من خلال مفاوضات شاقة ومضنية لعب فيها رجال من مصر، عظماء يدفعهم إيمانهم ببلدهم وقدرتهم على إثبات الحق ضد مفاوض غير عادى لديه كل الأحاجى التى تستنزف الوقت والجهد حتى كانت الكلمة فى النهاية للمفاوض المصرى، رجال يفتخر بهم هذا الوطن وشهد لهم العالم وكان على رأسهم القانونى المخضرم د. مفيد شهاب أمد الله فى عمره..

الآن هو تاريخ لكن هى أيام عشناها بحلوها ومرها وعرفنا طعم الفوز بعد أن مررنا بالنكسة وكانت لنا دافعًاقويًا لتحقيق النصر..

إن هذه الأيام تستحق الكثير وأن تعلم الأجيال ما قدمه آباؤهم وأجدادهم من جهد وعرق لتعود الأرض، لكن هل عادت الأرض واكتفينا بالغناء وأن تكون مرحلة يؤرخ لها بالفن فقط؟!

كانت وأصبحت

الآن ماذا تم فى سيناء، هل لا يزال هذا الجزء من الأرض ليس على أولويات برامج التنمية والتعمير؟.. لا.. لا يوجد جزء فى أرض مصر أصبح بعيد المنال عن جهود التنمية والبناء فى الجمهورية الجديدة.

إن ما تم خلال الفترة السابقة ومنذ تولى الرئيس السيسي فى سيناء شىء لم يتم طوال خمسين عامًا من كل الجوانب، وأولها الاستقرار الأمنىجنبًا إلى جنب مع المشروعات، تحسين الكهرباء ومد خطوط الكهرباء إلى جميع المناطق والمدن السكنية.. إضافة وحدات سكنية جديدة لاستيعاب الزيادة السكنية وتطوير البنية التحتية هناك من مياه شرب وخدمات اتصالات وخدمات تعليمية وأيضًا خدمات صحية وتحسين الرعاية الصحية للمواطن، إضافة إلى المبادرات الرئاسية الخاصة بالصحة ومعالجة الأمراض المزمنة وغيرها من مشروعات قدمت لرفع مستوى الخدمات التى تقدم إلى المواطن..

زيادة الرقعة الزراعية هناك مع توصيل مياه الرى اللازمة للزراعة وتحسين وتطوير ميناء العريش واستخدامه لخدمة التصدير للصناعات الموجودة مثل الأسمنت وغيرها وأيضا المحاصيل الزراعية ويكون أحد مصادر الدخل وفتح فرص عمل لأهالى سيناء..

كذلك ما تم إنشاؤه من طرق داخل شمال وجنوب سيناء وزيادة عدد الأنفاق التى تصل سيناء بالوطن الأم.. مع تحسين المطارات وزيادة سعتها خاصة مطار شرم الشيخ ومطار العريش..

هناك طفرة تمت غير مسبوقة فى ظل مناخ عالمى غير مواتٍ اقتصاديًا وتحديات غير عادية نمر بها ويمر بها غيرنا من الدول، لكن هذا لم يقلل مما تم من إنجاز وما سيتم بإذن الله..

ويحتاج كل ذلك إلى الكثير والكثير ليعلم أبناء هذا الشعب بل جيراننا حجم التنمية التى تمت فى هذا الجزء الغالى من الوطن فى إطار الخطة الشاملة على مستوى الجمهورية.

السودان مرة أخرى

تحدثت فى العدد السابق من المجلة عن بداية الصراع الدائر فى السودان ومغبة هذه الأحداث التى جرت بعد ذلك بشكل سريع وخطير، ولا يمكن أن تكون الحرب الدائرة دون مسببات كثيرة ومقدمات أدت إلى ما نحن فيه..

لقد نشأت ميليشيا الدعم السريع (الجينجاويد) سابقًا بقرار من البشير وتتكون من أفراد وميليشيات مسلحة غير نظامية أشبه بالعصابات أو المرتزقة..

لكن كان هناك خطأ بالاعتراف بها وإعطاء رتبة عسكرية رفيعة لقائدها وأن يكون لها مقرات وميزانية ليكون هناك جيش موازٍ غير الجيش النظامى الرسمى.. وهذا لا يحدث أبدًا فىأى دولة..

وكانت النتيجة أصبح الجيش الرسمى يحارب الميليشيا وكل له وجهة نظر ومطلوب الجلوس معًا على طاولة المفاوضات أى تساوى الطرفين..

وأيضا ساعد على ذلك عدم وجود وحدة داخل المجتمع المدنى أو قوة ترغب فى الخروج من الأزمة، والكل زايد على أن يكون له نصيب من التورتة.. وأن يكون له حصة فى الحكم، ومن هنا كانت المشكلة الكبرى.. طالت المظاهرات وأثرت على الحياة وعلى اقتصاد دولة بها كل مقومات النجاح من بشر وثروات طبيعية وأرض خصبة ومياه يمكن أن تكون سلة غذاء للعالم العربى.

سئم المواطن وهدأت المظاهرات وقلت أعمال التخريب لكن لم يتفق أحد على كلمة سواء ليخرج المكون المدنى بحلول تخرج هذا البلد من أزمته.. لكن لم يرتفع أحد إلى مستوى المسئولية حتى اشتعل الفتيل.

أكثر من عشرة أيام على بداية القتال فى الخرطوم وبعض المدن الأخرى حصادها.. قتلى يزيد عددهم على أربعمائة ولا يوجد إحصاء رسمى بالعدد الصحيح وجرحى وصل عددهم إلى ما يزيد على ثلاثة آلاف..

إضافة إلى الرصاص وهدم وتفجير المبانى وانقطاع كهرباء ومياه واتصالات ونقص وقود وتوقف سلاسل الإمداد، مما يجعل الحياة فى السودان على سطح صفيح ساخن أو حياة شبه مستحيلة..

والمواطن البسيط يعانى من ارتفاع الأسعار ومستغلى الأزمات ونقص احتياجاته مع صراع على تخزين السلع وفق قدرة كل منهم، ومن لا يستطيع فله الله.. حتى أحد المواطنين فى كلمته للمتصارعين سواء عسكريين أو مدنيين قال «إن الكفن ليس له جيوب»، كفانا صراعًا نحن لا نستطيع العيش..

ومن تداعيات الأحداث أن يتم إجلاء رعايا جميع الدول الأجنبية المتواجدة بالخرطوم أو من باقى مدن السودان وهناك من الشعب السودانى من يستطيع الهرب بنفسه أو بأسرته، وهذا الأمر جد خطير ومؤشر على أن القادم أسوأ..

تعطل المستشفيات ونقص الأدوية وانتشار الجثث ومعها الأوبئة..

ولن يجلس أحد الطرفين مع الطرف الآخر لأنها حرب تكسير عظام بين الطرفين والخاسر الوحيد هو السودان وشعبها الذى
لا يستحق كل هذا.

أعتقد أن هناك أيادٍ تعبث بهذا البلد ولا تريد له الاستقرار.. ومن أحدث المؤشرات هروب عدد من مساعدى البشير الرئيس المسجون من سجن كوبر ومنهم أحمد هارون أحد المساعدين له..

وهل سيتبعهم البشير نفسه وتكون فرصة للعودة إلى الحكم؟!

لم تقبل الخارجية السودانية فى اجتماع مجلس الأمن أن يكون هناك تدخل دولى لكن طلبت أن يظل الأمر شأن داخلى سودانى
ولا يجب التدخل.. وما الحل؟!

هناك نداءات من أطراف كثيرة منها مجلس الأمن والدول الكبرى، أمريكا وإنجلترا وفرنسا وروسيا والصين، وأيضا الاتحاد الأوروبى، وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى ومصر والإمارات والسعودية والمغرب والجزائر، الكل ينادى بالهدنة والسلام والحل من خلال المفاوضات.

وكل هذا والشعب فى الداخل يدفع الثمن واقتصاد البلد ينهار وهروب جماعى للمواطن السودانى إلى دول الجوار، مصر وإثيوبيا وجيبوتى وتشاد..

ثم ماذا بعد.. إذا لم تحل القضية فالقادم أسوأ.

أضف تعليق