منذ عام 2014، شهدت مصر تحولًا ملحوظًا في قطاع الكهرباء، فأصبح القطاع في مصر نموذجًا يحتذى به للعديد من الدول، حيث تم تحقيق إنجازات استثنائية تعززت بتوفير الكهرباء بشكل مستدام وموثوق به للمواطنين والقطاع الصناعي على حد سواء، وذلك بعد ضخ استثمارات تجاوزت 189 مليار جنيه لتحسين البنية التحتية وزيادة القدرة التوليدية بهدف مواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد.
دعم ومساندة قوية من القيادة السياسية
بدأت الجهود الرامية لتطوير قطاع الكهرباء في مصر عام 2014، وبدعم ومساندة قوية من القيادة السياسية، حيث شرعت الدولة سريعا في تنفيذ المشروع القومي للكهرباء وإعداد خطة عاجلة لتوليد الكهرباء فتم إطلاق مشروعات كبرى لزيادة القدرة التوليدية وتحديث البنية التحتية القائمة، حتى وصلت الزيادة في إنتاجية الكهرباء لحوالي 30 جيجاوات في 6 سنوات فقط وهو رقم غير مسبوق وأثار الإعجاب في العديد من المحافل الدولية.
وساهم هذا التوسع في زيادة القدرات الكهربية في تلبية احتياجات المتزايدة للطاقة وضمان توفير الكهرباء بشكل مستدام، وتضمنت القدرات الكهربائية المضافة منذ عام 2014، 31 وحدة إنتاج طاقة كهربائية بالإضافة لمجمع بنبان للطاقة الشمسية التي تم إنجازها بإجمالي قدرات تصل إلى حوالي 30 جيجاوات ما يعادل 14 ضعف قدرة السد العالي ليصبح إجمالي قدرات التوليد الموجودة بالشبكة حوالي 59 جيجاوات من 75 وحدة توليد.
وعملت وزارة الكهرباء على تحسين الشبكة الكهربائية بشكل كبير لضمان توزيع الكهرباء بكفاءة أكبر وتقليل فاقد الطاقة، وتم تطوير الشبكة بناءً على الطلب المتزايد، وبلغ إجمالي استثمارات تدعيم وتحديث منظومة نقل الكهرباء منذ عام 2014 حوالي 85 مليار جنيه لاستيعاب القدرات المضافة من مشروعات توليد الكهرباء، وعلى رأسها الطاقات المتجددة.
تحديث التجهيزات التقنية وتطبيق أنظمة متقدمة للتحكم فى الشبكة
كما تم أيضًا تحديث التجهيزات التقنية وتطبيق أنظمة متقدمة للتحكم في الشبكة، مما ساهم في تحسين الاستجابة والاستقرار، وبفضل هذه التطورات، تم تحسين جودة الخدمات الكهربائية وتقليل انقطاعات الكهرباء، ونجح قطاع الكهرباء في تدعيم وتطوير شبكات نقل الكهرباء لاستيعاب القدرات الكبيرة التي يتم إضافتها من المصادر الجديدة والمتجددة والاستفادة منها، وتم تنفيذ العديد من المشروعات في مجال الخطوط الهوائية ومحطات المحولات على الجهود الفائقة والعالية على مستوى الجمهورية.
وبلغ إجمالي استثمارات مشروعات توزيع الكهرباء الحالية والمستقبلية منذ عام 2014 حوالي 190 مليار جنيه، حيث وصل إجمالي لوحات التوزيع إلى حوالي 4117 لوحة، وبلغ إجمالي عدد محولات التوزيع جهد متوسط قرابة 216 ألف محول بسعة إجمالية حوالي 96 ألف ميجافولت أمبير حيث تم تركيب 3945 محول توزيع، وبلغ إجمالي الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية على الجهدين المتوسط والمنخفض حوالي 566 ألف كيلومتر حيث تم خلال الفترة إنشاء حوالي 9.3 ألف كيلومتر.
تعزيز الاستدامة فى قطاع الكهرباء من خلال تطبيق تقنيات الطاقة المتجددة
وتم تعزيز الاستدامة في قطاع الكهرباء من خلال تطبيق تقنيات الطاقة المتجددة، حيث تم تنفيذ مشروعات كبيرة لتوليد الكهرباء من الرياح و الطاقة الشمسية، مما ساهم في تنويع مصادر التوليد وتقليل اعتمادية مصر على الوقود الأحفوري، وتم بناء مزارع رياح كبيرة في رأس غارب وغرب النوبارية، وتم تنفيذ محطة كهروضوئية عملاقة في بنبان.
وبلغت القدرات من طاقة الرياح 1630 ميجاوات، وبلغت القدرات من الطاقة الشمسية حوالي 1770 ميجاوات حيث تم إضافة حوالي 76 ميجاوات من تشغيل محطة شمسية بنظام الخلايا الفوتوفلطية بكوم أمبو قدرة 26 ميجاوات ومحطة شمسية بنظام الخلايا الفوتوفلطية بالزعفرانة قدرة 50 ميجاوات.
وتعمل وزارة الكهرباء على تنفيذ استراتيجية الطاقة حتى عام 2035 والتي تهدف إلى تحقيق توازن بين مصادر الطاقة المتجددة والأخرى التقليدية، وتعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التحول نحو اقتصاد صديق للبيئة، وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام مصر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعتبر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر من أهم الأسس لتحقيق هذا الهدف، حيث تعتمد على مصادر طبيعية متجددة ولا تسبب انبعاثات ضارة للبيئة.
ومن المتوقع أن تساهم هذه الإستراتيجية في تحقيق تحول كبير في قطاع الطاقة بمصر، حيث ستزيد نسبة الطاقة المتجددة في مزيج القدرات الكهربائية إلى 42% بحلول عام 2035، ويجري العمل على تحديث الإستراتيجية لتشمل أيضًا الهيدروجين الأخضر كجزء أساسي من مصادر الطاقة المستدامة في البلاد.
وتعكس هذه الخطوة التزام مصر بمواكبة التطورات العالمية في مجال الطاقة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، فمن خلال تنفيذ هذه الإستراتيجية واعتماد مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ستعود على مصر من فوائد اقتصادية وبيئية عديدة، بما في ذلك توفير فرص عمل جديدة وتقليل الانبعاثات الضارة للغازات الدفيئة.
ويعكس التوقيع على مذكرة التفاهم بين وزارتي الكهرباء والبترول والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للحصول على منحة لتمويل الأعمال الاستشارية إعداد استراتيجية وطنية للهيدروجين، رغبة الحكومة في التحول إلى مرحلة أكثر استدامة، ومن المتوقع أن يكون لتنفيذ هذه الإستراتيجية تأثير كبير على قطاع الطاقة في مصر وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، حيث تسهم زيادة مشاركة الطاقة المتجددة واعتماد الهيدروجين الأخضر في توفير طاقة مستدامة وموثوقة وبأسعار معقولة، مما يعزز التنمية الاقتصادية ويخفض الاعتماد على المصادر الأخرى للطاقة.
مجال الربط الكهربائى مع دول الجوار
وفي مجال الربط الكهربائي مع دول الجوار، فإنه يجري تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، والذي يهدف إلى تسهيل تبادل الطاقة بين البلدين بقدرة تصل إلى 3000 ميجاوات، ومن المخطط أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في عام 2025.
وتم بالفعل تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الربط بين مصر والسودان، حيث تم تحقيق قدرة نقل تبلغ 80 ميجاوات، ويتم الإعداد حاليا للمرحلة الثانية التي تهدف إلى رفع القدرة المنقولة إلى 240 و300 ميجاوات، وذلك بتركيب أجهزة معوضات القدرة في الجانب السوداني.
كما يجري العمل على زيادة قدرة خط الربط الكهربائي بين مصر والأردن، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وتبادل الطاقة بين البلدين، وفي عام 2022، تم عقد العديد من الاجتماعات المشتركة لمناقشة الربط الكهربائي بين مصر واليونان، وذلك في إطار مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين الجانبين، وتشهد هذه المبادرة اهتمامًا مشتركًا من مصر وجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، مما يعكس التوجه نحو تعزيز التعاون الإقليمي وتبادل الطاقة المستدامة.
المساهمة في المشروعات القومية
على جانب آخر، حققت هيئة المواد النووية التابعة لوزارة الكهرباء، العديد من الإنجازات حيث ساهمت بشكل فاعل في كثير من المشروعات القومية الخاصة بالبرنامج النووي المصري السلمي، ولاسيما دورها الحيوي في دورة الوقود النووي، وتمكنت الهيئة خلال هذه الفترة من إحراز تقدم ملموس في مجال استكشاف وتعدين واستخلاص الموارد النووية.
كما قامت الهيئة بإجراء دراسات فنية واقتصادية لاستغلال رواسب الرمال السوداء و المعادن الاقتصادية الموجودة على الساحل الشمالي لمصر، وشاركت في تأسيس الشركة المصرية للرمال السوداء بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية، كما شاركت الهيئة في تأسيس الشركة المصرية الصينية للرمال السوداء، وذلك لاستغلال رمال السوداء في منطقة غليون. وتم تشكيل شراكة بين هيئة المواد النووية والشركة المصرية للرمال السوداء لاستغلال خامات منطقة رشيد-أدكو، بما في ذلك ناتج تكريك بحيرة المنزلة وناتج تطهير ميناء دمياط.
وتستمر الخطوات التنفيذية لمشروع المحطة النووية الأولى في الضبعة، حيث يتكون المشروع من أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميجاوات، ويتم تنفيذه بالتعاون مع الجانب الروسي، ومن المتوقع الانتهاء من الوحدة الأولى وبدء التشغيل التجاري اعتبارًا من عام 2029.
وتمكنت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء من الحصول على إذن الإنشاء للوحدتين الأولى والثانية من محطة الضبعة النووية السلمية لتوليد الكهرباء، وتم بدء أعمال الصبة الخرسانية للوحدتين الأولى والثانية في مشروع المحطة النووية بالضبعة، وتعتبر هذه الخطوة المهمة علامة مضيئة في تنفيذ البرنامج النووي المصري وإنشاء المحطة النووية المصرية، وإنجازًا مهمًا يعكس تقدم مصر في مجال الطاقة النووية وتحقيق أهداف برنامجها النووي.
تطور التكنولوجيا وتبنى العدادات الذكية
وفي إطار مشروع العدادات الذكية ومسبوقة الدفع، تم تركيب حوالي 213 ألف عداد ذكي في نطاق ست شركات توزيع كهرباء، ويهدف المشروع إلى استبدال جميع العدادات القديمة في شبكة الكهرباء بعدادات ذكية أو مسبوقة الدفع، وبالإضافة إلى ذلك، يجري إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات المتعلقة بهذه العدادات خلال العشر سنوات القادمة.
وتم حتى الآن تركيب حوالي 15 مليون عداد مسبوق الدفع في شركات توزيع الكهرباء، وتستهدف هذه الجهود تحقيق تحسين كبير في نظام القراءة والفوترة للعدادات، بالإضافة إلى تعزيز فعالية استخدام الطاقة وتحسين خدمات التوزيع للمستخدمين.
ومع تطور التكنولوجيا وتبني العدادات الذكية والمسبوقة الدفع، من المتوقع أن يتم تحسين إدارة الطاقة وتحقيق توفير في استهلاك الكهرباء، إضافة إلى تقديم خيارات دفع مرنة ومريحة للمستخدمين، ويعكس هذا المشروع التزام الحكومة بتحقيق التحول الرقمي في قطاع الكهرباء وتعزيز الكفاءة والاستدامة في النظام الكهربائي.