صباح الأربعاء الموافق 3 يوليو 2013 كادت المهلة التى منحتها القوات المسلحة لكافة القوى الوطنية للوصول إلى اتفاق أن تنتهي، 33 مليون مواطن ينتظرون الخلاص من تلك الجماعة الفاشية، مطالبين بإسقاط نظامها، أعداد المعتصمين فى تزايد غير مسبوق، الهتافات لا تتوقف، مطالبين مرسى بالرحيل، القاهرة والميادين الرئيسية بالمحافظات اكتظت بالمواطنين.
حالة من الترقب فى الشارع بعد أن سيطر هتاف «انزل يا سيسي.. مرسى مش رئيسي».
حالة الطقس شديد الحرارة والتى بلغت 38 درجة مئوية فى الظل؛ لم تمنع المواطنين من التدفق والزحف إلى الميادين مطالبة بإسقاط نظام المرشد.
ومع اقتراب وقت الظهيرة تعالت الهتافات، وشهدت القاهرة أكبر تظاهرة فى تاريخها، حتى جاء الرد مساء ذلك اليوم ليعلن انتصار إرادة الشعب المصري، ويضع خارطة طريق يستعيد بها الوطن مساره الصحيح.
ثمانى دقائق و23 ثانية بدأت فى الساعة التاسعة مساء يوم الأربعاء 3 يوليو 2013 مع إعلان بيان القوات المسلحة الذى ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربى فى ذلك الوقت، والقوى الوطنية، ليكشف عن القرارات التى تم اتخاذها والاتفاق عليها من قبل القوى الوطنية.
(1)
587 كلمة حملت معها الخلاص من احتلال الجماعة الإرهابية، واستعادة الوطن، والانتصار لإرادة الشعب.
فرحة عارمة اجتاحت شوارع مصر، علت هتافات النصر ودوى الاحتفال فى كافة أرجاء الدولة المصرية، فى الوقت الذى كانت فيه جماعة الدم والإرهاب تواصل محاولاتها بالتهديد بتحويل مصر إلى بحور من الدماء لتعطيل تحقيق إرادة المصريين.
ليلة لم تنم فيها مصر من الفرحة؛ وظلت الاحتفالات فى الشوارع احتفالا بانتصار ثورة 30 يونيو حتى الساعات الأولى من الصباح.
واصلت منصات رابعة والنهضة من الموالين للتنظيم الإرهابى غيهم، وبث سمومهم والتلويح بحرق مصر، وعملت كتائبهم الإعلامية على تشويه مشهد انتصار الشعب المصرى خارجيا، وعاونتهم دول كانت ترغب فى استمرار حكم الجماعة الإرهابية من أجل الوصول إلى تنفيذ مخطط تقسيم الدولة، وإغراقها فى حرب أهلية.
وجاء البيان ليشرح تفاصيل ما حدث خلال الفترة التى سبقت ثورة 30 يونيو ومحاولات رأب الصدع، حتى الوصول إلى يوم 3 يوليو 2013 واشتمل الإعلان على 10 قرارات هي:
l تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
l يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.
l إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
l لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
l تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
l تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتاً.
l مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
l وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
l اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكونوا شركاء فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
l تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
وفى نهاية البيان أهابت القوات المسلحة بالشعب المصرى العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دماء الأبرياء، وحذرت من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقاً للقانون، وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية.
كما وجهت القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطنى العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.
(2)
فى يوم 4 يوليو 2013 أدى المستشار عدلى منصور اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا رئيسا للبلاد.
وبدأت خطوات تنفيذ خارطة الطريق، لتثبيت أركان الدولة المصرية، وتحقيق أهداف الثورة التى هتفت بها حناجر المصريين، ومواجهة التحديات والعمل على حل المشكلات.
فتم تشكيل لجنة من كافة الأطياف لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على دستور 2012، وتم تعديل الدستور فى يناير 2014، كما تم العمل على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، والتى انتخب فيها المصريون الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر ليحمله الشعب مسئولية قيادة سفينة الوطن؛ وسط منطقة تموج بالتوتر وعدم الاستقرار، وأوضاع اقتصادية غاية فى التدهور والانهيار.
ويكتمل الاستحقاق الدستورى عقب انتخاب رئيس الجمهورية بانتخابات برلمانية تحت إشراف قضائى كامل، وتتوالى عملية تحقيق الاستحقاقات الدستورية بانتخاب مجلس الشيوخ ويكتمل البناء النيابى والتشريعى للدولة المصرية.
وبدأت عملية تنفيذ مطالب الثورة بمواجهة الأزمات بدءًا من أزمة الطاقة (الكهرباء والمواد البترولية) والتى كانت تعانى منها مصر بشكل كبير «استعرضنا تفاصيلها فى الحلقة الأولى، فتحولت مصر من عجز الطاقة إلى الوفرة، وذلك خلال عامى 2014 و2015 بعد أن تم إطلاق أكبر عملية تحديث وتطوير للشبكة الكهربائية». إضافة أحدث وأكبر محطات توليد الطاقة على مستوى العالم (محطات سيمنز الثلاث بالعاصمة الإدارية، بنى سويف، والبرلس) لتنتج 14 ألف و400 ميجا وات وتعمل المحطات بنظام الدورة المركبة.
وفى مجال البنية الأساسية تم العمل على أكبر مشروع قومى للطرق ساهم فى رفع مستوى التصنيف المصرى فى جودة الطرق، وكذا توفير فرص عمل، فقد تسبب حجم المشروعات التى تم العمل عليها خلال السنوت الماضية على خفض نسبة البطالة فى مصر من 13.2 عام 2013 بحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الى 7.1 خلال العالم الحالى.
كما تم العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إطلاق أكبر مبادرة تنموية (حياة كريمة) يستفيد منها أبناء الريف المصرى الذى يمثل أكثر من 55% من حجم سكان مصر.
بالإضافة إلى مشروع التأمين الصحى الشامل ومشروع تطوير التعليم ومشروع تطوير العشوائيات والقضاء عليها والذى كان بمثابة المشكلة الأكبر التى لم يخض غمار مواجهتها أى نظام سابق بشكل متكامل، سوى دولة 30 يونيو والتى استطاعت أن تقضى على العشوائيات والمناطق الخطرة لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية للمواطنين الذين كانوا يقيمون فيها على مدى عقود، وتتحول المناطق العشوائية الى مناطق حضارية، مثل الأسمرات 1 و2 و3 وروضة السيدة وبشائر الخير 1 و2 وأهلينا 1 و2 ليتم القضاء تماما على المناطق الخطرة.
كما استطاعت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية أن تحقق العديد من مطالب ثورة 30 يونيو فى مختلف القطاعات ففى القطاع الصحى استطاعت أن تقضى على فيروس الكبد الوبائى «سي» الذى أكل أكباد المصريين على مدى عقود، بعد أن أصبح كابوسا يهدد حياتهم، لتنجح دولة 30 يونيو فى القضاء عليه بشهادة منظمة الصحة العالمية.
وكذا مبادرة القضاء على قوائم الانتظار التى بلغت تكلفتها 20 مليار جنيه على مدى 4 سنوات.
كل ذلك لتحسين جودة الخدمات الصحية لحين الانتهاء من المشروع الأكبر «التأمين الصحى الشامل» والذى قاربت مرحلته الأولى على الانتهاء فى 7 محافظات.
كما تم تمكين الشباب وتأهيلهم للقيادة من خلال الأكاديمية الوطنية للتدريب والبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة وفى 2016 انطلق المؤتمر الوطنى الأول للشباب تبعه العديد من النسخ ناقش خلالها الشباب العديد من القضايا واستجاب الرئيس لمقترحات الشباب ورؤاهم لحل بعض المشكلات ومواجهة التحديات، وزاد حجم تمثيل الشباب فى البرلمان، كما تم تعيين عدد من شباب البرنامج الرئاسى لتأهيلهم للقيادة نوابًا ومحافظين ومساعدى وزراء.
كما تم وضع ميثاق شرف إعلامى يضبط الأداء الإعلامى فى ظل حرب شائعات تزداد شراستها يوما بعد الآخر.
لقد استطاعت دولة 30 يونيو خلال السنوات الماضية أن تحقق المطالب العشر التى جاءت فى بيان 3 يوليو 2013 رغم حجم التحديات التى كانت تواجهها وفى مقدمتها الأمن والاستقرار، والذى كان تحقيقه تحديًا صعبًا فى ظل وجود جماعة إرهابية تستهدف خلق حالة من عدم الأمن والاستقرار لضرب الثقة بين الحكومة والمواطنين.
وقد أخذ رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية على عاتقهم مسئولية التصدى لرصاصات الغدر من التنظيم الإرهابى. وقدمت الشهداء دفاعا عن التراب الوطنى وعن الشعب المصرى.
ونجحت الدولة المصرية فى القضاء على الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار فى محيط تزداد فيه التوترات وتواجه دوله العديد من الأزمات.
وفى ظل تحقيق الدولة المصرية لتلك النجاحات فى مواجهة التحديات والمشكلات والأزمات المختلفة كان سلاح الشائعات من قبل قوى الشر هو أقوى أسلحتهم لمحاولة تغييب الوعى والسيطرة على العقول، من خلال خلق حالة وعى زائف، وصناعة أكاذيب يتم العمل عليها باحترافية لزعزعة الاستقرار وضرب الثقة بين المواطن والنظام.
إنها محاولات لا تتوقف لحظة، بل تزداد وترتفع درجة سخونتها خلال فترات محددة، وقد شهدت الأسابيع الماضية حملة ممنهجة ومدروسة لنشر الشائعات بمجرد أن تم الحديث عن الاستحقاق الرئاسى القادم والذى سيبدأ قبيل نهاية العام الجارى الإعداد له وفق المادة 140 من الدستور.
حملات مسعورة جزء منها ردت عليه الهيئة العامة للاستعلامات قبل ثلاثة أسابيع وأخرى سوف نتناولها بالتفصيل ونفندها ونكشف من يقف وراءها فى الأعداد القادمة.
الشائعات والدولة
يبدو أن قدر الدولة المصرية أن تواجه سيلا جارفا من الشائعات خلال الفترة الحالية، فرغم أننا واجهنا كمًّا ضخما منها على مدى أكثر من 12 عاما، إلا أننا لم نتحصن بشكل كافٍ فى مواجهة تلك الأكاذيب، بل إن البعض منا يسقط فى فخ مروجى الشائعات سريعا، الأمر الذى يتطلب منا جميعا تدقيق المعلومات وعدم الانسياق وراء ما يتم ترديده على السوشيال ميديا خلال الفترة القادمة.
لقد بات واضحا أن سلاح الشائعات أكثر قدرة وتأثيرا فى عمليات هدم وتفكيك الدول الأمر الذى يتطلب معه مزيدًا من الوعى.