فتش عن الجهل

فتش عن الجهلأحمد النومى

الرأى20-7-2023 | 21:39

الجهل يقبع أينما يقبع الفقر، وبنظرة ثاقبة لخريطة الدول المتقدمة، نكتشف أنه لم يحدث أن اجتمع التقدم و الجهل معا.

الصراحة تقتضي القول إن وراء كل المشكلات الاجتماعية سرطان ينهش في جسد الأوطان اسمه الجهل، وطالما استمر الجهل سيكون التراجع سيد الموقف، فالأمي لن يشعر بقيمة التنمية، وتضعف شهيته في المشاركة السياسية، وتصل إلى ضعف الشعور الوطني.

الأمية سبب كل البلاوي وكل الكوارث، فما الزيادة السكانية إلا إفرازا طبيعيا للجهل، وما الإرهاب سوى معادل موضوعي لغياب الوعي، وعندما قادت الأمية صناديق الاقتراع أوصلت البلاد إلى طريق مسدود، وأحدثت اهتزازا عنيفا مازلنا نعاني من تبعاته إلى الآن .

الأمية ليست بعيدة عن المشهد الفني العبثي، الذى أفرز أغاني المهرجانات وسينما البانجو والحشيش، انتشار الأمية يكشف لماذا هناك تحرش ولماذا هناك سرقة ولماذا هناك تعصب ولماذا هناك ثأر ولماذا هناك مستريح ولماذا ولماذا.

الأرقام الرسمية المصرية مفزعة وتقترب من تعداد دول، فلدينا ما يناهز من 15 مليون أمي في فئة الـ 15 عاما فأكثر، وهي فئة الإنتاج والعمل، وفي الشريحة العمرية من 10 سنوات فأقل، تصل إلى 16 مليونا، وهى أرقام مرعبة تؤكد أننا نعيش فى كارثة مجتمعية، إذا ما نظرنا للأعمار السنية، فالأمي الشاب أشد خطرا من الأمي الكهل.

الإحصائيات تؤكد أن محافظات الصعيد تتصدر المشهد، وهو أمر له دلالته، لاسيما التركيبة الثقافية والموروثات الاجتماعية، فمحافظة المنيا في المقدمة، وفي الوجه البحري محافظة البحيرة، بينما ينخفض مؤشر الأمية فى المحافظات الحدودية ومدن القناة.

الإنصاف يقتضي القول إن الدولة قامت بعمل نيولوك لشكل المحروسة، رافعة شعار الاستثمار في الحجر، ويتبقى النيولوك الأهم وهو نيولوك العقول، فلا فائدة من نهضة العمران بدون نهضة العقول.

الحقيقة إن مجابهة الأمية ليست مسؤولية مؤسسة بعينها، والهيئة العامة لتعليم الكبار لا تستطيع وحدها القضاء على الأمية، فهى تغزل برجل حمار، وميزانيتها تقترب من 60 مليون جنيه لا تكفى، بل هى مسئولية مجتمعية وواجب قومي.

لدينا في المحروسة ما يقرب من 70 ألف منظمة مجتمع مدني، ولكنها للأسف "شاهد مشافش حاجة"، الأحزاب السياسية عددها "بالكوم" لا حس لها ولا خبر، الأندية والمؤسسات والشركات والبنوك "غسلت يديها" من المشكلة، وأعتقد أن لو كل مؤسسة "شالت شيلتها" ومحت الأميين لديها ، ستنتهى الأزمة فى غضون عامين دون أن تكلف ميزانية الدولة مليما واحدا.

إن قضية الوعي أخطر ما يواجه البلاد والعباد، وبدون الوعي سنظل ندور في حلقة مفرغة، وصدق الفيلسوف سقراط عندما قال العلم هو الخير و الجهل هو الشر.

احمد النومي

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2