سارق الكاميرا (2)

سارق الكاميرا (2)د. إسلام على جعفر

الرأى16-8-2023 | 09:18

تعرضنا الأسبوع الماضى لقدرة بعض الممثلين أصحاب الأدوار الثانية على أن يسرقوا الكاميرا من أبطال الفيلم. واستعرضنا ثلاثة نماذج لذلك، منها الكوميديا فى دور صديق البطل والشرير عدو البطل والضحية التى تلقى حب الجمهور ويبدأ من موتها تصاعد الأحداث.. واليوم نستكمل عرض بعض النماذج الأخرى.

هناك شخصيات مركبة أو غير نمطية وغريبة الأطوار قد يكمن اختلافها فى مرض نفسى أو عضوى أو كلاهما أو شذوذها عن طبيعة المجتمع فى زمن ما مما يتطلب ممثل ذو موهبة استثنائية لأدائها ولكنها تجعل المشاهد ينسجم ويتجاوب معها أكثر من شخصية البطل فيصدمه مدى التقمص وخاصة إن كان لذلك الممثل تجارب سابقة لأدوار عادية فيقوم بالمقارنة بينهم. ونتوقف هنا عند واحد من أبرع ممثلى الأدوار الثانية وهو صلاح منصور ورغم أن دوره فى الزوجة الثانية هو الأشهر، لكن من وجهة نظرى فإن دوره فى فيلم مع الذكريات هو الأبرع حيث قام بدور شخص أحدب تغلب تضحيته على قصة الحب ويتوارى أمام أدائه بقية أبطال الفيلم . ويعطى أسلوب محيى إسماعيل فى التمثيل الفرصة ليكون الاختيار الأول للمخرجين فى الأدوار المركبة وقد بهر بأدائه فى الأخوة الأعداء المشاهدين كشاب يعانى من المرض النفسى والصرع ليتراجع أمامه أداء بقية ابطال الفيلم نادية لطفي و يحيى شاهين وميرفت أمين ونور الشريف وحسين فهمي وسمير صبرى.

والأمر يصبح أكثر وضوحا وتأثيراً حينما يكون الفيلم ضعيفا فنيا ويظهر هذا فى فيلم لخمة راس ودور أشرف عبد الباقى المميز كمجرم مريض نفسى بصورة كوميدية . ويأتى خالد الصاوى بقدرته غير المحدودة على تجسيد الشخصية ليحتل المرتبة الأولى فى الأدوار الثانية ويصدم المشاهد فى عمارة يعقوبيان بدور الصحفى الشاذ جنسيا وسط كوكبة من نجوم الصف الأول، يخطف منهم الأضواء فى مباراة من العيار الثقيل فى التمثيل فى فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية.

وفى السينما الأمريكية يأتى دور هيث ليدجر فى فيلم The Dark Knight كنموذج خارق لقدرة الدور الثانى على سرقة الكاميرا فالفيلم من سلسلة باتمان والتى قدمت مرات عديدة وقام هيث بدور الجوكر كأصغر ممثل ممن قاموا بهذا الدور وهو مريض نفسى يهوى القتل . وقد كان دورا مخالفا لسابق أدواره التى تنوعت بين الرومانسية والأكشن واستطاع من خلاله أن يبرز الهوس النابع من عمق الشخصية مرتكزا على صوته أكثر من جسده . إلا أن شدة تقمصه لم تخطف الأضواء فقط بل خطفت حياته لأنه كان لا يستطيع النوم من التفكير فى الشخصية فأنهت جرعة منوم زائدة حياته فى الثلاثين من عمره وكان هذا آخر دور له ونال عنه جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عام 2009 بعد وفاته.

وقد يكون الدور الثانى لطفل يسلب من الأبطال الأضواء بسبب حب الجمهور للأطفال أو بسبب أدائه المتميز رغم صغر سنه . وتتصدر فيروز الطفلة القائمة فى السينما المصرية خاصة ما قدمته من أفلام مع أنور وجدى. ثم تأتى إيمان ذو الفقار فى فيلم ملاك وشيطان بأدائها البسيط الغارق فى البراءة والذى ينزوى أمامه روعة أداء رشدى أباظة . ثم دينا عبد الله فى الحفيد بخفة دم غير مفتعلة فى إطار كوميدى . وفى ميلودراما عنيفة يسرق الطفل تامر المصرى الكاميرا من محمود ياسين ونيللى فى فيلم العذاب امرأة كما يسيل دموع المشاهدين ببراءته وأدائه التلقائى. ومدحت جمال فى فيلم شياطين إلى الأبد حيث زاحم عادل أمام فى أضواء النجومية . ومها عمار فى إعادة لنموذج فيروز فى فيلم خالتى فرنسا بقدرتها على مساعدة منى زكى فى تغيير جلدها فى أداء دور الندابة فى الحارة الشعبية.

وفى السينما الأمريكية حيث الاحترافية تفرض نفسها على كل شيء نجد أطفالا كثيرين تألقوا فى أفلام أبطالها نجوم مشهورين وأول ما يتوارد لذهنى الأداء العبقرى لهالى جويل اوزمنت فى فيلم The Sixth Sense والذى ترشح عنه لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد وهو فى عمر الثانية عشرة مبتعدا بالأضواء عن بروس ويليس البطل والذى كان من أشهر نجوم هوليوود فى ذلك الوقت.

وأحيانا ما يكون الطفل لم يتم عامه الأول ولكنه يخطف الأضواء والقلوب من الجميع مثل فيلم Baby's Day Out حيث قام بالدور توأمان هما جاكوب وآدم فى إطار كوميدى كانت ابتسامتهم كافية لتسرق الكاميرا دون أداء تمثيلى محدد.

كما قد يكتب السيناريو ليعطى دورا هاما فى الأحداث لحيوان فيكون هو كل ما يتذكره المشاهد من الفيلم. وقد احتل الكلب المكانه الأولى بين الحيوانات فى السينما لذكائه وقربه من الإنسان وتواصله معه ويعتبر الكلب روى أشهر حيوان فى السينما المصرية نتيجة لما قام به فى فيلم الشموع السوداء حيث قتل الثعبان الذى وضع لنجاة البطلة واكتشف دليل مقتل صلاح سرحان وعكس مشاعر البطل صالح سليم تجاه نجاة . إلا أن تكلفة ووقت تدريب الحيوانات كبير لذلك لا يستعان بها بصورة كبيرة فى السينما المصرية. ولكن فى السينما الأمريكية تعطى أدوار البطولة وتسمى الأفلام بأسمائها مثل Dances with Wolves وBeethoven وMarley & Me
وHachi :A Dog's Tale وThe Shaggy Dog
وLook Who's Talking Now.

وفى بعض الأفلام يسرق الكاميرا مخلوق غريب بسبب غرابته أو قوته ويظهر هذا فى فيلم The Lord of the Rings فى المخلوق جولوم والذى قام بأدائه الصوتى اندى سركيس أو المخلوقات الفضائية كما فى فيلم Guardians of the Galaxy وشخصية جروت التى قام بها فين ديزل وكذلك فى سلسلة Star Wars وشخصية تشوباكا التى قام بها بيتر مايهيو.

الكاميرا تذهب لمن يستحقها فعدستها تغازل الموهبة أى كان شكلها فالخيال والأداء والاحترافية هم سر نجاح الشخصية وليس حجم دورها أو نجوميتها.

أضف تعليق