في ذكرى إعدام عدنان مندريس.. ضحية أول انقلاب عسكري بتركيا

في ذكرى إعدام عدنان مندريس.. ضحية أول انقلاب عسكري بتركياعدنان مندريس

عرب وعالم17-9-2023 | 18:05

تمر اليوم ذكرى إعدام أول رئيس وزراء منتخب بتركيا، وهو "عدنان مندريس"، ففي مثل هذا اليوم، تم محاكمته هو ورئيس الجمهورية "جلال بايار"، وعدد من الوزراء في أول انقلاب عسكري في تاريخ تركيا.

حياته السياسية

كان عدنان مندريس، أول زعيم سياسى، منتخب ديمقراطيًا في تركيا، وفاز بأغلبية ساحقة، شكل على إثرها حكومة جديدة وضعت حدا لهيمنة حزب أتاتورك، واستمر مندريس برئاسة الحكومة بعد فوزه بأغلبية ساحقة بانتخابات ١٩٥٤، وشغل منصب رئيس وزراء تركيا، خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي، وخرج من معطف مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي، وجعلها رأس حربة الغرب في مواجهة الاتحاد السوفييتي، فإن ذلك لم يشفع له حينما تحرك الجيش ضده في أول انقلاب في تاريخ تركيا المعاصر، ليحكم عليه بالموت مع عدد من رفاقه بعد عشر سنوات قضاها في الحكم.

ولم يكن «مندريس» إسلاميًا، بل كان عضوًا في حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه «أتاتورك» ونائبا عن الحزب في البرلمان، لكنه اتخذ، عام 1945، مع ثلاثة نواب آخرين موقفًا معارضًا لزعيم حزبهم ورئيس الوزراء،عصمت إينونو،خليفة أتاتورك وحامي ميراثه العلماني وانفصل النواب الأربعة ليشكلوا حزبًا جديدًا هو الحزب الديمقراطي بزعامة «مندريس»، شارك الحزب الجديد في الانتخابات العامة، في انتخابات 1950 وفاز بأغلبية ساحقة.

وشكّل «مندريس» الحكومة، ووضعت حدًا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري، الذي حكم تركيا منذ إعلان الجمهورية ،عام 1923، ووفى بوعوده الانتخابية، فجعل الأذان في المساجد باللغة العربية، وقام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات، وفي عهد حكومته استطاع تطوير الاقتصاد وتقلصت البطالة وتحررت التجارة وساد الاستقرار السياسي.

أول انقلاب عسكري في تاريخ تركيا

لم يكن «مندريس» على ضوء ما حققه إسلاميًا أو مؤيدًا للإسلاميين، بل على العكس ووضع تركيا في قلب العالم الغربي، حينما انضمت في عهده إلى حلف شمال الأطلسي، وأقام علاقات قوية مع أمريكا، وفي انتخابات عام 1954 فاز الحزب الديمقراطي بالأغلبية المطلقة، واستمر في رئاسة الحكومة، لكنه لم ينجح في إنقاذ الاقتصاد التركي من التدهور، فخسر جزءًا من مقاعده في انتخابات 1957.

ومع نهاية الخمسينيات، كانت إجراءات «مندريس» الداخلية، استفزت القوى العلمانية، التي تمكنت من حشد قوى اجتماعية، وخاصة داخل الجامعات والجيش لمعارضة سياسات الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة وفي 27 مايو 1960 تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري في العهد الجمهوري، وسيطر على الحكم 38 ضابطًا برئاسة الجنرال جمال جورسيل، وأحال الانقلابيون 235 جنرالًا و5000 ضابطا، بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد واعتُقل مندريس» ورئيس الجمهورية، جلال بايار، مع عدد من الوزراء، وبعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة، فيما حكم بالإعدام على «مندريس» ووزير خارجيته، فطين رشدي زورلو، ووزير ماليته حسن بلاتقان. وكانت تهمة «مندريس» ورفاقه هي اعتزامهم قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية، وتم تنفيذ الحكم في 17 سبتمبر 1961.


إعادة الاعتبار

وبعد أيام نفذ حكم الإعدام بوزيريه، وتم دفنهم في الجزيرة ذاتها وكان إحساس الكثير من الأتراك أن مندريس ورفيقيه قتلا ظلما، واستمر هذا الإحساس يتصاعد شهرا، بعد شهر، وعاما بعد عام حتى عام 1990 عندما التقط الرئيس تورجوت أوزال نبض شعبه فاتخذ قرارا جريئا بإعادة الاعتبار لمندريس ورفيقيه بولتكان وزورلو، وأوعز إلى نواب حزبه (الوطن الأم)، الذين كانوا يمثلون الأغلبية في المجلس الوطني الكبير (مجلس النواب)، بإصدار قانون يردُّ الاعتبار لمندريس ورفيقيه وهذا ما قام به البرالمان التركي الذي أصدر في 11 أبريل 1990 القانون رقم 3623 الذي قضى بإعادة الاعتبار ل عدنان مندريس وزملائه الذين أعدموا في نفس القضية.، وسارع إلى إصدار مرسوم جمهوري بالقانون.

ثمَّ أصدر أمرا بنقل رفاتهم من جزيرة ياسي أضه حيث دفنوا بعد إعدامهم إلى مقبرة خاصة أقامتها بلدية إسطنبول على تلة مطلة على أحد أوسع شوارع منطقة توب كابي، وفي 17 سبتمبر 1990 في الذكرى 29 لإعدامه؛ شارك أوزال بنفسه مع أركان الدولة وقادة الجيش ورؤساء الأحزاب وجماهير غفيرة من الشعب في استقبال الرفات، بنفسه مراسيم إعادة دفن رفاتهم في القبور الجديدة، وقرأ الفاتحة على أرواحهم ووصفهم في كلمة تأبينية خلال الحفل بشهداء الوطن، وخرجت الصحف في اليوم التالي لتصف عدنان مندريس وفطين زورلو وحسن بولتكان بشهداء الوطن والديمقراطية تم تسمية مطار مدينة إزمير باسمه والعديد من الشوارع والجامعات والمدارس مثل جامعة عدنان مندريس.. امتنانًا لدوره في الحياة المدنية التركية وفي عام 2010 جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تُجرًّم الانقلابات العسكرية ليعاقب عليها القانون بأثر رجعي، بمثابة إعادة اعتبار شعبي له بعد خمسين عاما من الانقلاب العسكرى الذي أطاح به وفي 2012 اشتكى عدد من نواب البرلمان التركي، من إهمال قضية إعادة الاعتبار لرئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس وفي نهاية العام 2012 تقدم برهان كوزو رئيس اللجنة الدستورية بالبرلمان التركي بطلب للبرلمان بإعادة الاعتبار إلى رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2