كشف فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنَّ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت نموذجًا يحتذي به في كل الأحوال والظروف، وأنه عليه الصلاة والسلام كان عنده استشراف للمستقبل ورؤية سديدة لمآلات الأمور، استفاد منها علماء الأمة في العصور اللاحقة.
وأضاف -في محاضرة ألقاها فضيلته أمام عمداء وأساتذة جامعة موسكو الإسلامية- أن دار الإفتاء المصرية استفادت كثيرًا من أهمية استشراف المستقبل عن طريق إنشاء مرصد متخصص للتنبؤ بالقضايا التي سوف تحدث في المستقبل بناءً على قراءة رشيدة للواقع.
وأوضح فضيلة المفتي أنَّ من الملامح الفريدة في حياة النبي أنه لم يخرج من مكة -وهي وطنه الذي وُلد فيه- إلا مكرهًا، وقال قولته الشهيرة: "ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت"، وهذا يدلُّ علي حبِّه الشديد للوطن، وأنه لا تعارض بين الدين والوطن.
وذكر من الدروس المستفادة كذلك من إرسال الصحابة إلى الحبشة وجود نماذج متعددة للتعايش، والمسلمون يستطيعون العيش تحت أي ظروف؛ حيث عاشوا في مكة وهم أقليَّة، وعاشوا في الحبشة وهي نصرانية، وهناك روايات بأن المسلمين حاربوا بجانب النجاشي في جيشه النظامي، وهذا يدل على الاندماج الإيجابي في التعايش.
وأكد مفتي الجمهورية أنَّ وثيقة المدينة المنورة تعدُّ أعظم وثيقة تعايش وسلام عرفتها البشرية، وصارت بعد ذلك نبراسًا يُقتدى في التوفيق بين الأطياف المختلفة التي تحيا في مجتمع واحد، فالإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وَسِعَتْ كلَّ الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أن إصدار الفتاوى من أهم الخطوات للفهم الصحيح للعلاقة بين الإسلام والعالم الحديث، وليس كما يفهم البعض في الغرب أنها مجرد أحكام سياسية من قِبل قادة الدول.