رفضت رفع حظر الحبوب وأوقفت نقل الأسلحة لكييف.. سر انقلاب بولندا على الحليف الأوكراني!

رفضت رفع حظر الحبوب وأوقفت نقل الأسلحة لكييف.. سر انقلاب بولندا على الحليف الأوكراني!بولندا وأوكرانيا

عرب وعالم28-9-2023 | 21:24

بعد تبادل الاتهامات واستدعاء سفراء وتصريحات قاسية، شهدت الأيام الماضية تبنى بولندا خطابا متشددا تجاه أوكرانيا، حيث رفضت رفع الحظر على واردات الحبوب الأوكرانية، وأعلنت التوقف عن نقل الأسلحة إلى كييف، ما دفع الأخيرة بدورها إلى تصعيد الموقف والتهديد باللجوء للمنظمات الدولية، لتتوتر العلاقة بين البلدين أكثر وتتحول وارسو من كونها داعما قويا لكييف وأكبر مزوديها ب الأسلحة لألد أعدائها، الأمر الذى أثار التساؤلات حول إمكانية أن يكون ذلك مؤشرا على بداية تخلى الغرب عن أوكرانيا؟

فى هذا السياق، يرى مراقبون ووسائل إعلام غربية أن تراجع الدعم البولندى لأوكرانيا يقف وراءه "الضغوط الانتخابية" الداخلية، إذ من المقرر أن تنطلق الانتخابات التشريعية فى 15 أكتوبر الجارى، ولا تجد الحكومة بدًا من الالتزام بحماية حقوق المزارعين لكسب أصواتهم.

وفى هذا السياق، قالت "بى بى سى" فى تقرير لها عن أسباب انقلاب بولندا على أوكرانيا، وتأثيره على سير الحرب، إنه "فى المعركة من أجل الأصوات، وضع حزب القانون والعدالة نفسه باعتباره أقوى مدافع عن المصالح البولندية. لذلك فهو يستخدم عدة أوراق رابحة، منها إعادة النظر فى كيفية مساعدة أوكرانيا، بالإضافة إلى قضايا شعبوية أخرى مثل الهجرة".

وأوضح بيوتر لوكاسيفيتش، من مجموعة بوليتيكا إنسايت للتحليل، أن "الأمر لا يتعلق بالحبوب، ولا يتعلق بالأسلحة. إنه يتعلق بالمشاعر السائدة بين الناخبين المحافظين، وهى القضية الكبرى بالنسبة لحزب القانون والعدالة، وعليهم أن يستغلوا هذه المشاعر".

ويضيف لوكاسيفيتش أن: "هذه المشاعر مبنية على فكرة أن أوكرانيا لا تقدم الشكر الكافى للدعم البولندى وأن الأوكرانيين هنا يحصلون على الكثير من الخدمات الاجتماعية والتمويل".

ويحاول حزب القانون والعدالة استقطاب الناخبين من حزب كونفيدراكيا اليمينى المتطرف، الذى يحظى حاليا بدعم يقارب 10 بالمئة. وقد اعتصم الأسبوع الماضى أعضاء حزب كونفيدراكيا أمام السفارة الأوكرانية فى وارسو ورفعوا لافتات ساخرة عليها فاتورة الدعم الذى حصلت عليه كييف من وارسو. وأعلن كونفيدراكيا أن التكلفة الإجمالية للمساعدات التى حصلت عليها كييف تجاوزت 100 مليار زلوتى (23.1 مليار دولار).

بالرغم من ذلك، أكدت "بى بى سى" فى تقريرها أن التحول فى لهجة بولندا تجاه أوكرانيا لن يكون منفردا، حيث تخيم ظلال "الإرهاق (الغربى) من الحرب فى أوكرانيا" على الحملات الانتخابية من سلوفاكيا إلى الولايات المتحدة، مما يشكل مصدر قلق بالغ لكييف التى تحتاج إلى دعم غربى مستمر وقوى فى قتالها ضد روسيا.

وكانت الشكوك بشأن استمرار الدعم الغربى لكييف بدأت تخيم على وسائل الإعلام العالمية ما قبل الأزمة الأخيرة بين بولندا وأوكرانيا، وفى هذا الإطار، تساءلت مجلة "فورين أفيرز"، عن احتمال تخلى الغرب عن أوكرانيا، مشيرة إلى أنه يتعين على كييف أن تستعد لتغيير محتمل فى موقف كل من الولايات المتحدة وأوروبا.

ورأت المجلة الأمريكية أنه لا يمكن ضمان استمرار الالتزام الغربى تجاه أوكرانيا. ولفتت إلى تساؤلات الدوائر السياسية فى أوروبا والولايات المتحدة.

وأوضحت أنه فى الولايات المتحدة، أصبحت الحرب فى أوكرانيا أحدث نقطة اشتعال فى الصراع الدائر بشأن مدى اهتمام الأمريكيين بدعم الشركاء والحلفاء فى الخارج، والإنفاق عليهم. أما فى أوروبا، ففرضت جائحة "كوفيد-19"، والتضخم المرتفع فى أعقاب الحرب، ضغوطاً اقتصادية. وبدأ التفاؤل بشأن نجاح أوكرانيا يتلاشى، الأمر الذى أدى إلى الشعور بعدم الارتياح إزاء اندلاع حرب كبرى مفتوحة على الأراضى الأوروبية.

وتابعت المجلة الأمريكية أن التطورات فى الخطوط الأمامية، فى الوقت نفسه - وخصوصا الوتيرة البطيئة نسبياً، والمكاسب المتواضعة للهجوم المضاد، الذى أطلقته أوكرانيا فى وقت سابق من هذا الصيف- شجعت المتشككين فى الدعم الغربى لكييف، وحتى لو اشتد الهجوم المضاد، فإنه لن ينهى الحرب فى أى وقت قريب.

ووفق "فورن أفيرز"، فإن الخطر الرئيسى، الذى يواجه أوكرانيا، لا يتمثل بحدوث تحول سياسى مفاجئ فى الغرب، بقدر ما يتمثل بالتفكك البطىء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية. ومع ذلك، إذا حدث تحول مفاجئ، فسوف يبدأ فى الولايات المتحدة، بحيث سيتم طرح الاتجاه الأساسى للسياسة الخارجية الأمريكية على ورقة الاقتراع فى نوفمبر 2024.

احتمالية التغير فى موقف واشنطن بشأن استمرار الدعم لكييف أكدته التقارير الأمريكية التى خرجت عقب زيارة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى إلى واشنطن الأيام الماضية وما لمسه من تراجع داخل الكونجرس من حيث الدعم السياسى لمطالب بلاده بإمدادها بمزيد من الأسلحة رغم ما قاله الرئيس الأمريكى جو بايدن لنظيره الأوكرانى: "نحن معك وسنبقى معك".

وحسب ما ذكرته هذه التقارير، فإن زيلينسكى هذه المرة بذل جهودا مضنية فى اجتماعاته المغلقة فى الكونجرس الأمريكى لمحاولة تخطى تململ الجمهوريين من الحرب ونفقاتها.

وما زاد من مخاوف الرئيس الأوكرانى ما لوح به جمهوريون بعرقلة إقرار حزمة مساعدات جديدة بقيمة 24 مليار دولار لأوكرانيا طلبها الرئيس بايدن، وقد باتت الحزمة عالقة فى ظل معركة مريرة حول الإنفاق.

فى المقابل، لا يرى خبراء فى تغير الموقف البولندى مؤشرا على تراجع الدعم الغربى عموما لكييف، وقال المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكى، مارك كيميت، أن موقف بولندا "قد يكون علامة مبكرة على نفاد الصبر بعد أكثر من عام من الحرب الممتدة بين أوكرانيا وروسيا".

وأضاف لـ "سكاى نيوز": "من المؤسف أن تتخذ بولندا هذا القرار، لكنى لا أعتقد أن هذا يشير إلى عدم رغبة عامة بين أعضاء الناتو فى مواصلة الدعم فى هذا التوقيت".

أما شبكة "سى إن إن" فأشارت فى تقرير تحليلى لها إلى أن عددا من المسئولين الأوروبيين وفى حلف الناتو، يرون أنه "لن يحدث تغيير كبير فى السياسة البولندية بشأن دعم أوكرانيا"، معتبرين أن المسألة كلها تتعلق بالانتخابات المقبلة فى بولندا.

وقال مسئول أوروبى: "بولندا لديها مصلحة قوية فى فوز أوكرانيا بتلك الحرب، وإلا فسيكون عليها مواجهة عدوها اللدود (روسيا) بشكل مباشر، لكن ما يفعلونه الآن هو بسبب الانتخابات".

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2