الشيخ / كمال محمود مهدى يكتب: قاعدة فى الإحسان للنفس وللناس

الشيخ / كمال محمود مهدى يكتب: قاعدة فى الإحسان للنفس وللناسالشيخ / كمال محمود مهدى يكتب: قاعدة فى الإحسان للنفس وللناس

*سلايد رئيسى20-7-2018 | 17:36

الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)، وأشهد أنْ محمداً عبده ورسوله، رفعه الله فوق السماوات العلا ورأى من آيات ربه الكبرى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والتقوى، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:

أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، واشتغلوا بما ينفعكم وينفع إخوانكم، وتجنبوا ما يضركم ويضر إخوانكم، فهذا هو الذي كلفتم به روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ" رواه الترمذي، فهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ومنهج واضح يسير عليه المسلم في حياته، أنه يأخذ بما يعنيه ويشتغل به ويترك ما لا يعنيه ويتجنبه، فلو أن المسلم التزم بهذا المنهج لحصل على خير كثير ولسلم من شر كثير، فهذا الحديث له منطوق وله مفهوم، منطوقه أن المسلم يترك ما لا يعنيه من الأقوال والأعمال أي ما لا يفيده ولا ينفعه ولم يكلف به، وأنه يعمل ما يعنيه وما يخصه وما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه وذلك بأن يبدأ بنفسه فيعمل لها ما يصلحها ويجنبها ما يضرها من الأقوال والأعمال، فمن الأقوال لا يتكلم إلا بما فيه خير ومصلحه عاجله أو آجله قال الله جل وعلا: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) فهذا فيه إحسانٌ إلى نفسه وإحسان إلى الناس، وهو الأمر بكل خير وطاعة وما فيها مصلحة له ولغيره، فلا يستعمل لسانه إلا بذلك ولا ينطق بما يضره ويضر غيره من الأكاذيب والشائعات أو من السب والشتم أو من غير ذلك قال الله جل وعلا: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) يعني الملكان (عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) فأقوالك محصاة ومكتوبة وستحاسب عنها، فإن كانت صالحةً جنيت منها الخير عاجلاً وآجلا، وإن كانت سيئة جنيت منها الشر عاجلاً وآجلا ففي الحديث: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ يهوي بها في جهنم"، فالكلمة الواحدة هذا شأنها، فكيف بالكلام الكثير؟ (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ) أي: من كلامهم إلا ما استثناه الله سبحانه وتعالى فاحفظوا ألسنتكم، فالإنسان لا يتكلم إلا بما فيه مصلحه لنفسه ومصلحة لإخوانه بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعلم الجاهل ويذكر الغافل ويدعو إلى الله هذا فيما ينفع الناس، وفيما ينفع نفسه يشتغل بذكر الله وبتلاوة القرآن بالتسبيح والتهليل والتكبير ويكثر من ذلك فإنه ذخر له عند الله سبحانه وتعالى، ويتجنب الكلام السيء فقد سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ، قَالَ: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ" أَوْ قال: "عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِى النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ" الإنسان يتساهل في الكلام ولا يلقي له بالاً يتلقف الشائعات والأكاذيب ويروجها بين الناس (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) يذيعه بين الناس (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فعلى المسلم أن يحفظ لسانه إلا في الخير، وكذلك الأعمال فلا يعمل إلا ما فيه خير ونفع عاجل أو آجل والأعمال الصالحة والأعمال المفيدة كثيرة ولله الحمد، وفيها ما يشغل المسلم ويأخذ فراغه ووقته ولا ينشغل بما فيه ضرر عليه لا يشتغل بالقيل والقال.

لا ينظر فيما يضره ولا يسمع ما يضره ولا يتكلم إلا بما ينفعه (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً).

فاتركوا ما لا يعنيكم واشتغلوا بما يعنيكم ويفيدكم ويجلب لكم الخير في الدنيا والآخرة ما ينفعكم وينفع مجتمعكم وإخوانكم، أسعوا بالإصلاح بين الناس، أسعوا بما ينفع الناس من الأمر بالصدقات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتنالوا هذا الوعد من الله سبحانه (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)، فتنبهوا لذلك فإن الأمر خطير جدا، وكلما تأخر الزمان كثر الانشغال بالقيل والقال والغفلة عن ذكر الله وانطمست أعلام الخير إلا فيما وفقه الله سبحانه وتعالى وذلك لإقبال الدنيا على الناس وانفتاحها على الناس خصوصاً في هذا الوقت.

أضف تعليق