كتب : محمد فتحي
أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء المصرية أن مساجد ليبيا أضحت رهينة لدى تنظيم داعش لتتحول بدورها إلى أهم مورد تجنيدي للتنظيم في ليبيا، وفي تقرير جديد بعنوان "كيف استغل داعش المساجد في ليبيا؟" أوضح المرصد كيف وظَّف التنظيم المساجد الليبية في عملية التجنيد، في مسعى منه للحصول على مزيد من المنتمين له خاصة داخل المدن الليبية التي خضعت تحت سيطرته، من أجل التمدد والتوسع بعد الخسائر التي تلقاها في سوريا والعراق.
وأكدت الدراسة أنه منذ عمَّت الفوضى ليبيا واستحكمت سيطرة الجماعات المتطرفة على مناطق عدة هناك؛ شهد الكثير من المساجد عدة تغيرات سببها السيطرة التي خضعت لها من قِبل هذه الجماعات، ومن ذلك السيطرة على عقول الشباب عبر الخطب والدروس التي تقدم في المساجد، موضحة أن قيام العوام بالخلط ما بين العامل والإمام الهاوي والإمام الكفء كان من أسباب تمدد أفكار تنظيم داعش عبر المساجد.
وأشارت الدراسة إلى أن التنظيم عندما دخل إلى ليبيا عمل على التسهيلات التي قدمها له مناصروه للاستعانة بهم في عملية تجنيد الشباب عبر المساجد خاصة في مدينة درنة، حيث تعد درنة المعقل التاريخي لكافة الجماعات المتطرفة، وكانت تعتمد عليهم ليس فقط لتجنيد الشباب بهدف التمدد في ليبيا بل لإرسالهم إلى سوريا، مشيرة إلى أن التنظيم كان قد عمل على استغلال الشباب أصحاب الوعي الفكري الضعيف والمترددين على المساجد حيث عمل التنظيم على استهداف المواطنين البسطاء في المدن الليبية عبر المساجد والزوايا والخلوات، وأصبحت منابر لتجنيد الأطفال والشباب والتدريب على العمليات القتالية وطرق الذبح وغيرها.
وذكرت الدراسة أن التنظيم استعان بالعناصر التي تم تجنيدها في المساجد للقيام بالعمليات الانتحارية ضد أهداف محددة، موضحةً أن تفجير المرفأ النفطي الذي وقع في عام 2016 بالعاصمة طرابلس، تم من خلال أحد المراهقين الذين تم تجنيدهم داخل إحدى المساجد.
وبينت الدراسة أن تنظيم داعش عندما سيطر على المدن الليبية قام بتوزيع المنشورات على الأهالي المترددين على المساجد التي تروج له ولأفكاره، مشيرة إلى أن التنظيم استخدم المساجد ليس فقط في الدعاية والترويج لأفكاره بل في عمليات القتل والاغتيالات والتعذيب ضد معارضيه.
ورصدت الدراسة شهادات لأشخاص حول استغلال تنظيم داعش للمساجد في المدن الليبية، حيث أفصحت إحدى الليبيات عن تجربة أبنائها مع التنظيم عبر أحد المساجد هناك، فقد تعرض ابنها إلى محاولة التجنيد من قِبل تنظيم داعش عبر المسجد والخطب والدروس التي أقامها نظام الحسبة، وذلك بعد أن قامت السيدة بإرسال أبنائها إلى المسجد من أجل حفظ القرآن الكريم خشية الانحراف والأمية، خصوصًا بعد توقف الدراسة في مدينة درنة بسبب تردي الأوضاع الأمنية، إلا أن الأمر انتهى بانضمام أبنائها إلى التنظيم.
كما أوضحت الدراسة أن التنظيم عمل على تجنيد بعض أئمة المساجد الخاضعة لسيطرته، حيث كشفت قوات الأمن عن إلقائها القبضَ على أحد الأئمة التابعين للتنظيم في طرابلس بعد أن وردت معلومات تؤكد على قيامه بتجنيد عدد من الشباب للقتال لصالح داعش أثناء الخطب والدروس الدينية التي يقدمها لهم.
وقدمت الدراسة بعض المقترحات التي تحد من سيطرة داعش على المساجد حتى يتم حرمانه من أحد أهم أدواته في التجنيد، إضافةً إلى ضرورة تكثيف برامج الدعوة والإرشاد لتوجيه الناس وتقوية الوازع الديني لديهم مع تكثيف المحاضرات والندوات التي تتحدث عن المفاهيم المغلوطة التي تحاول الجماعات المتطرفة نشرها، مع ضرورة أن تخضع المساجد للإشراف التام من قِبل الحكومة الليبية.