رحـلة الحصول على الذهبية في القضاء على فيروس "سي"

رحـلة الحصول على الذهبية في القضاء على فيروس "سي"د. عصام عزوز

الرأى16-10-2023 | 20:33

لم تكن رحلة حصول مصر على الشهادة الذهبية في القضاء على فيروس سي، رحلة سهلة فقد كان الطريق مليئاً بالعقبات تغلبت عليها الإرادة السياسية، فقد كانت مصر ضمن أربع دول أعلى إصابة في العالم بالمرض، وبها ما يزيد على 10 مليون مصاب، و150 ألف حالة جديدة سنوياً، وينتقل المرض داخل الأسرة إلى أربعة أشخاص على الأقل من الشخص المصاب، وأمام مرض صامت لا تظهر الأعراض فيه عند 90% من المصابين به، ويتحول إلى مرض مزمن في 80% من الحالات، وتحدث مضاعفات للكبد في 20% من هؤلاء، فيتحول إلي تليف كبدي وإستسقاء وقيء دموي وحدوث سرطان بالكبد في 5% بعد عشر سنوات، والمرض بحجمه 5% من سكان العالم، أربك ميزانيات الدول ولا توجد دولة في العالم خالية من فيروس سي.

وبلغت تكلفة علاجه في عام 2013، أكثر من 22 مليار جنيه، بخلاف تأثير المرض على جودة الحياة وتغيب المصاب عن العمل، وأدى إلى خسارة 1.5% من الناتج القومي، وتسبب المرض في وفاة من 40 إلى 50 ألف مريض سنوياً.

وتعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي في عام 2014، بالقضاء على المرض، وبدأ البرنامج القومي للعلاج في سبتمبر 2014، وفور موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، على إستخدام (السوفالدي) كعلاج بالفم لـ فيروس سي، سارعت الدولة بإدخاله ضمن برنامج العلاج وبدأ إستخدام (السوفالدي) في 18 أكتوبر 2014، وتسارع المرضى للعلاج وظهرت طوابير المرضى أمام مراكز الفحص وتلقي العلاج، وأنفقت الحكومة 2.8 مليار دولار منذ عام 2014، على العلاج والفحص، وفي عام 2015، تمكنت مصر من صناعة الدواء محلياً لخفض ثمنه وبنفس تأثير الدواء الأصلي المستورد، مما أدى إلى خفض تكلفة الدورة العلاجية إلي 800 جنيه، بينما السعر في أمريكا وأوروبا 80 ألف جنيه، وزاد عدد الشركات المصرية المصنعة للدواء ليقابل هذا العدد الهائل من المرضى.

وفي يوليو 2015، تحتفل منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي للإلتهاب الكبدي، وتقديراً لـ مصر ولدورها الرائد في العلاج، تم نقل الإحتفال من مقر المنظمة إلى القاهرة، ويومها قالت "مارجريت تشان" مديرة المنظمة: «إن المصريين يضربون لنا المثل في الإنجاز عندما يكون هناك إلتزام سياسي وتخطيط مالي ودلائل علاج إسترشادية».

وفي أكتوبر 2016، أعلنت مصر الإنتهاء من قوائم الإنتظار التي وصلت إلى 250 ألف مريض في نهاية عام 2015، وذلك بزيادة عدد مراكز الفحص وتقديم العلاج من 53 مركزاً إلى ما يقرب من مائتي مركز، وفي إحتفالية عند سفح الهرم في 4 أكتوبر 2016، أثنت مديرة المنظمة على ما يحدث في مصر وقالت: «أريد أن أثني على الحكومة المصرية لإلتزامها الكامل بتقديم دواء بأسعار معقولة للمصريين»، وقال ممثل المنظمة في القاهرة "جان جبور": «إن ما حققته مصر إنجاز كبير وإن هذا الإنجاز دفع المنظمة للعمل على نقل تجربة مصر إلى بلدان أخرى في العالم».

وخرجت تجربة مصر في علاج فيروس سي إلى إفريقيا وقدمت المساعدة في علاج الأشقاء الأفارقة، وأرسلت النموذج الإسترشادي العلاجي إلي العديد من الدول، وخرج أكثر من 15% من الأبحاث العالمية حول علاج المرض لأطباء مصريين، وقدموا خبراتهم وساهم خفض تكلفة العلاج إلى نحو ألفي جنيه لكل مريض، بعد تصنيع الدواء داخل مصر.

كل هذا الإنجاز كان تحت مراقبة ومتابعة منظمة الصحة العالمية والعديد من المؤسسات الدولية، وعندما تقدمت مصر للحصول على شهادة القضاء على فيروس سي وهذا الإستحقاق له درجات ومعايير يتم التحقق منها والحصول عليها حتى يتسني منح منظمة الصحة العالمية الشهادة.

وأهم هذه المعايير هو الحصول على 80% في التشخيص، وفي هذا المعيار قامت مصر بإجراء أكبر مسح للمرض تم فيه فحص 63 مليون شخص، وهو أكبر رقم لفحص على مستوى العالم بنسبة 87% من 80% خلال سبعة أشهر، والمعيار الثاني هو علاج 70% من المرضى، وفي هذا المعيار تفوقت مصر على نفسها وعلى المعايير الدولية للإستحقاق، وقامت بعلاج 93% من المصابين بالمرض، ونشرت تجربة مصر في المحافل الدولية والمجلات العالمية المتخصصة، واعتبرت تجربة مصر في علاج فيروس سي درساً لجميع دول العالم يُحتذي به، حتى إن مجلة فوربس الأمريكية، أشادت بمبادرة «100 مليون صحة» التي أطلقتها الدولة المصرية، وانتقدت السياسة الأمريكية التي طالبت خمس سنوات لعلاج فيروس سي وتكلفة 11 مليار دولار.

هذه شهادة نجاح وإنتصار عالمي لـ مصر على نجاح القضاء على مرض لعين تعهد الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقضاء عليه، وهذه مسيرة رحلة مذهلة أصبحت نموذجاً للعالم يحتذى به، فلا شيء عصي على النجاح إذا توافر الإلتزام في بلد فيه أعلى معدلات الإصابة بالمرض إلى بلد حقق المعجزة في أقل من عشر سنوات، فهنيئاً لـ مصر قيادة وشعباً.. وتحيا مصر.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2