دكتور محمود ضياء* يكتب: حوارات الشباب والأمن القومى

دكتور محمود ضياء* يكتب: حوارات الشباب والأمن القومىدكتور محمود ضياء* يكتب: حوارات الشباب والأمن القومى

* عاجل31-7-2018 | 19:45

قد لا يشعر عدد من المواطنين بأهمية الحوار الشهرى الذى يجريه الرئيس مع الشباب، وقد يعتبره البعض مجرد تمثيلية هزلية لاحتواء الشباب، أو لإيهام المواطنين بمشاركة الشباب فى طرح الأفكار لإدارة الدولة، دون أن يتفهم أن هؤلاء قادرين على طرح العديد من الأفكار الجديدة خارج الصندوق والتى تحتاجها مصر خلال هذه المرحلة الحرجة من عمرها، على جانب آخر ألا تعد هذه اللقاءات بمثابة كشف حساب شهرى تقدمه القيادة السياسية للمواطنين كافة، وأحد أوجه المتابعة والمراقبة على السلطة التنفيذية.

من متابعتنا لمؤتمرات الشباب التى تم عقدها نستخلص ثلاث حقائق جوهرية، الأولى هى أن تقاعس بعض المسئولين خاصة التنفيذيين عن القيام بمهام وظائفهم بدقة وأمانة تجعلهم يستنزفون وقت الرئيس فى تفاصيل وأمور تزيد من أعبائه، فى وقت يفترض فيه أن يتفرغ تماما لوضع السياسات الإستراتيجية للبلاد خلال هذه المرحلة الدقيقة فى عمر الوطن.

 أما الحقيقة الثانية فتتمثل فى كسر حاجز الرهبة من الحديث مع رأس الدولة كما كان فى السابق، واختفاء ظاهرة تكليف بعض الحضور بطرح أسئلة معدة مسبقاً، بل نجد نقاشات وحوارات قوية فيها اختلاف فى رؤى الشباب عن المسئولين بالدولة، وحتى مع الرئيس نفسه، وتقبله بصدر رحب الأفكار والأطروحات الصائبة وقيامه بتدوينها وتكليف الجهات المختصة بتنفيذها ويتابع التنفيذ، بل ويأمر بتشكيل لجان من الشباب للتنفيذ والمتابعة جنباً إلى جنب مع المسئولين.

 وأخيراً تبرز الحقيقة الثالثة جلية وواضحة بتمسك الرئيس بنهج الشفافية والمكاشفة والمصارحة للمواطنين وحرصه على عدم إخفاء الحقائق مهما كانت قاسية، لإيمانه بأن المصداقية فى التعامل وعرض الحقائق كاملة هى أفضل الوسائل لتعزيز الثقة بين القيادة والمواطنين، وإدراكهم لحجم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، الأمر الذى يساهم فى تقوية الإرادة لدى المواطنين على تحمل ضغوطات المرحلة، وتقديم التضحيات، ومساندة الأجهزة والمؤسسات التنفيذية خاصة التى تقوم بمهامها، ومعاونة الدولة فى القيام بالدور الرقابى على الأجهزة المقصرة، وفضحها، وبما يساهم فى إقصاء الفاشل، أو المقصر.

ولعل من أكثر القرارات التى أثلجت صدرى وعكست بصورة كبيرة وعى وإدراك القيادة السياسية لمتطلبات ومقتضيات ومفردات الأمن القومى، هى الحفاظ على دورية انعقاد تلك المؤتمرات، وإصرا الرئيس على حضور كافة فعالياته بنفسه، وعقدها بالتناوب بين محافظات الجمهورية، الأمر الذى يساهم فى توصيل رسائل مباشرة وغير مباشرة للداخل والخارج بشأن ما تتمتع به مصر من استقرار وأمن، وأن كافة المحافظات التى كانت مهمشة فى السابق فى قلب وعقل القيادة السياسية، وأنه قد أن الأوان لأن تحظى كافة المحافظات بالتنمية والتطوير لتجاوز سلبيات الماضى التى كانت تركز على العاصمة دون غيرها، مما أوجد فجوة كبيرة فى الخدمات كافة "تعليمة - صحية - اجتماعية " بين المركز والمحافظات الأخرى خاصة فى صعيد مصر.

إذًا ما علاقة المؤتمرات الشهرية بالأمن القومى؟!!

 ألا يساهم عرض الحقائق فى القضاء على الشائعات التى تستهدف الوقيعة بين المواطنين والقيادة السياسية، وأيضاً فى زيادة تشابك النسيج الوطنى والولاء والانتماء للوطن، واحتواء الشباب وتوجيهه التوجيه الصحيح المفيد للدولة بدلاً من استقطابهم بواسطة الجماعات المتطرفة وبث سموم أفكارهم.

إضافة إلى أن إشعار الشباب بدورهم فى بناء مصر الحديثة، فرصة لإعداد الكوادر الشبابية القادرة على قيادة البلاد خلال السنوات القادمة، تذليل العقبات الإدارية التى تعرقل تنفيذ مشروعات تساهم فى خفض نسبة البطالة، حرية التعبير عن الرأى فى وجود رأس السلطة التنفيذية تعطى انطباعًا بقدرة الشباب على التغيير وأن لهم صوتًا أصبح مسموعاً فلماذا اللجوء للعنف أو المنابر غير الشرعية للتعبير عن الرأى طالما هناك آذان تسمع وقرارات فورية يتم اتخاذها لتلبية المطالب المشروعة والممكنة التنفيذ فى توازن كامل بين الأحلام والطموحات والإمكانيات.

كل هذا وغيره ألا يساهم فى تعزيز الأمن القومى، والحد من انتشار الإرهاب آفة هذه المرحلة، ودحض الافتراءات المتعمدة لتشويه صورة الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع، ألا يساهم إرتفاع درجة الوعى العام لدى المواطنين والتنبه إلى خطورة ما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعى وفى بعض وسائل الإعلام فى الحفاظ على الأمن القومى.

وأخيراً يجب على القيادات التنفيذية كل فى موقعه أن تحذو حذو الرئيس فى الاستماع إلى مواطنيهم بنطاق محافظاتهم وعقد لقاءات دورية مع الشباب والمواطنين والإستماع إلى أفكارهم وآرائهم، والنزول ألى أرض الواقع لمتابعة تنفيذ القرارات التى تصدر فى المكاتب المكيفة هل دخلت حيز التنفيذ أم أنها حبيسة الأدراج، كذلك الأمر يتطلب قيام أصحاب الخبرات ببلورة ما يتم طرحه من أفكار من قبل الشباب وتحويل الأحلام إلى واقع يمكن تنفيذه.

كما أدعو المسئولين بوزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والشباب والرياضة، والثقافة، والمؤسسات الدينية بعقد مثل هذه اللقاءات مع الشباب وتوعيتهم وتوجيههم وتشجيعهم للتعبير عن رأيهم بشجاعة وحرية للقضاء على حالة السلبية والخوف من الحوار مع المسئولين أو الحوار غير الهادف العشوائى، خاصة أننا فى حاجة إلى أفكار الشباب والتى عادة تكون خارج الصندوق، وتتجاوز حدود النمطية بغية النهوض بالوطن العزيز 00 حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.

...............................................................................

* الكاتب:

– إستشارى الدفاع والأمن القومى

– زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2