من ملفات السويس.. تفاصيل المؤامرة على مصر في ذكرى العدوان الثلاثي

من ملفات السويس.. تفاصيل المؤامرة على مصر في ذكرى العدوان الثلاثيالعدوان الثلاثي على مصر

مصر29-10-2023 | 18:19

على مدار تاريخ مصر الممتد منذ سبعة ألاف عام، وهي مطمع للأعداء في مشارق الأرض ومغاربها، يتربص بها الأعداء منتظرين اللحظة المناسبة للانقضاض، ومن هذه اللحظات كانت لحظة العدوان الثلاثي على مصر، من بريطانيا وفرنسا إسرائيل نتيجة لتأميم مصر لقناة السويس واستردادها لحقها المشروع الذي سلب منها منذ أكثر من قرن. والتي تمر ذكراها 67 اليوم في 29 أكتوبر 1956.

خطة العدوان الثلاثي على مصر

كانت الساعة الخامسة مساء 29 أكتوبر، في مثل هذا اليوم، 1956، حين بدأ هجوم إسرائيل على سيناء، وبعد خمس دقائق من بدايته، تلقى الرئيس جمال عبدالناصر أول نبأ عنه من وكالة الأنباء الأمريكية، يونايتد برس، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس».

كان الهجوم هو المرحلة الأولى فى العدوان الثلاثى « بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» ضد مصر، بسبب قرار عبدالناصر بتأميم شركة قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، بعد أن رفضت أمريكا والبنك الدولي تمويل مشروع السد العالى، كما كان الهجوم أول خطوة فى اتفاقية «سيفر» بين رئيس الوزراء الإسرائيلى، بن جوريون، وجى موليه، رئيس وزراء فرنسا، وسلوين لويد، وزير خارجية بريطانيا، وعرفت بهذا الاسم نسبة إلى المكان «سيفر» فى فرنسا، الذى شهد اجتماعات استهدفت إرغام مصر على التراجع عن قرار تأميم القناة.

يؤكد «هيكل» أن بن جوريون أصر على كتابة اتفاقية سيفر فى ورقة يوقعها الأطراف، وبالفعل تمت صياغتها فى ورقتين وقعهما بن جوريون عن إسرائيل، وكريستيان بينو عن فرنسا، والسير باتريك دين عن بريطانيا، واتفق الجميع على سريتها، وبعد التوقيع طبق بن جوريون نسخته مرتين ووضعها فى جيب جاكتته الداخلية، قائلا: «حققنا هنا فى سيفر جميع أهداف إسرائيل».

اتفاقية سيفر .. صك العدوان على مصر

كانت تنص اتفاقية سيفر بين الدول الثلاث على الآتي:

1 - فى مساء 29 أكتوبر 1956 تشن القوات الإسرائيلية هجوما واسع النطاق على القوات المصرية بهدف الوصول إلى منطقة قناة السويس فى اليوم التالى.
2 - عندما تعرف الحكومتان البريطانية والفرنسية بهذه التطورات توجهان يوم 30 أكتوبر نداء إلى الحكومتين المصرية والإسرائيلية نصه:

"إلى الحكومة المصرية: وقف إطلاق نار كامل- سحب كل القوات المسلحة إلى مسافة عشرة أميال بعيدا عن قناة السويس- القبول بصفة مؤقتة باحتلال المواقع الرئيسية على القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية، لضمان حركة المرور فى القناة بكل البواخر من كل الأمم، وإلى حين وصول ترتيبات نهائية مضمونة، إلى الحكومة الإسرائيلية: وقف إطلاق نار كامل، وسحب قواتها المسلحة مسافة عشرة أميال إلى الشرق من القناة".

3 - تخطر الحكومة الإسرائيلية بأن الحكومتين البريطانية والفرنسية طلبتا إلى حكومة مصر أن توافق على الاحتلال المؤقت للنقط الرئيسية على قناة السويس، بواسطة قوات بريطانية وفرنسية، وإذا رفضت أى من الحكومتين هذا النداء، أو إذا تأخرت فى إعلان موافقتها عليه خلال 12 ساعة، فإن القوات البريطانية الفرنسية ستتخذ الإجراءات الضرورية للتأكد من قبول طلباتها.
4 - إن حكومة إسرائيل لن تكون مطالبة بقبول شروط النداء المرسل إليها، فى حال إذا ما تأخرت الحكومة المصرية فى قبول النداء الذى تتسلمه.
5 - إذا لم تستجب الحكومة المصرية إلى شروط النداء فى الموعد المحدد، تقوم القوات البريطانية الفرنسية بالهجوم على القوات المصرية فى الساعات الأولى من صباح 31 أكتوبر.
6 - للحكومة الإسرائيلية أن تبعث بقواتها لاحتلال الشواطئ الشرقية لخليج العقبة وجزر تيران وصنافير لكى تضمن حرية الملاحة فى الخليج.
7- إن إسرائيل لن تقوم بمهاجمة الأردن فى فترة العمليات ضد مصر، وإذا حدث أن قام الأردن بمهاجمة إسرائيل خلال هذه الفترة، فإن الحكومة البريطانية لن تساعد الأردن.

تفاصيل الهجوم

بدأ الهجوم الإسرائيلى بتقدم اللواء السابع المدرع فى اتجاه موقع «الكونتيلا»، وكان جمال عبدالناصر فى بيته يشارك فى احتفال عيد ميلاد ابنه عبدالحميد، تتذكر زوجته السيدة تحية كاظم فى مذكراتها «ذكريات معه» قائلة: «فى 29 أكتوبر سنة 1956 كان عيد ميلاد ابني عبدالحميد، كان الرئيس موجودا فى البيت بمكتبه، وطلب منى أن أخبره عند حضور الأطفال إذ كان يسعده أن يحضر حفل أعياد ميلاد أولاده، دخل حجرة السفرة وصافح الأطفال، ووقف لدقائق وقت إطفاء الشموع، وكان عبدالحميد عمره خمس سنوات».



يؤكد «هيكل» في كتابه "ملفات السويس": "أن عبدالناصر قرأ تقرير الهجوم الإسرائيلى ثم ناوله إلى عبدالحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة، ثم غادرا الاثنان الغرفة التى فيها عيد الميلاد، إلى غرفة مكتب الرئيس فى بيته لمتابعة الموقف، الذى بدأت تفاصيله ترد دقيقة بعد دقيقة".

يذكر الكاتب الصحفى الأمريكى دونالد نيف فى كتابه «عاصفة على السويس 1956»، ترجمة وتعليق وتقديم عبدالرؤوف أحمد عمرو، جانبا من الإرهاب الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى هذا اليوم، قائلا: إنه تم وضع كل الفلسطينيين تحت المراقبة من الخامسة مساء وحتى السادسة صباح اليوم التالى، وحدثت مذبحة فى قرية كفر قاسم، فحين عودة مزارعيها من حقولهم بعد صدور القرار تم إيقافهم، ثم صدرت الأوامر بقتلهم، وسقط 16 قتيلا بينهم امرأتان ورضيع عمره 8 أشهر.

صمود المقاومة المصرية

توقف القتال بين مصر وإسرائيل يوم 6 نوفمبر، وتم سحب الجيش المصري من سيناء إلى غرب القناة، حتى لا يقع في المصيدة بين القوات الإسرائيلية في سيناء والقوات الإنجليزية الفرنسية في القناة.

والتحمت قوات الجيش المصري والمقاومة الشعبية في بورسعيد أمام تحقيق هدف واحد وهو دحر العدوان، ونال صمود شعب بورسعيد وكفاحه في مقاومة العدوان إعجاب العالم، فبرغم استمرار قصف المدينة جواً وبحراً طوال يوم 5 نوفمبر، فقد أنها نجحت في تثبيت قوات الإبرار الجوي الأنجلو-فرنسي طوال يوم 5 نوفمبر، وأنزلت بها كذلك خلال يوم 6 نوفمبر خسائر كبيرة، وتمكنت من تثبيت العدو داخل منطقة رأس الشاطئ ومنعته من تأمينها وعرقلة انطلاقه صوب الإسماعيلية. ودارت معارك عنيفة بين قوات الاحتلال وقوات المقاومة ظهرت خلالها أمثلة عديدة للفداء سواء من المدنيين من أبناء بورسعيد أمثال السيد عسران ومحمد مهران، أو العسكريين أمثال المقدم بحري جلال الدسوقي والملازم بحري جول جمال اللذين استشهدا في معركة البرلس البحرية. ومن أشهر العمليات التي أسفرت عنها عمليات المقاومة أسر الضابط أنتوني مورهاوس والادعاء باغتيال شخصية عسكرية باسم الميجور جون وليامز.

أضف تعليق