تعدد الظواهر الكونية نتج عنها تعدد التصورات وفرض العديد من الثوابت والبحث حول حقائق المتغيرات؛ وسعى علماء الفزياء الكلاسيكية في سلك هذا الدرب وتفسير تلك الظواهر وفقاً لحقائق علمية وثوابت رياضية لا تقبل التغير.
ميكانيكا الكم والطفرة العلمية
ميكانيك الكم أو النظرية الكمية تعتبر أحد أكثر النظريات الفيزيائية تعقيداً وجنوناً، فهي تنقلنا إلى عالم متناهي الصغر غير مرئي، هو عالم الأجسام دون الذرية. وكلمة (Quantum) هي كلمة مشتقة من اللاتينية تشير إلى أصغر كمية من الطاقة أو الوحدات المنفصلة الصغيرة من الطاقة.
وساهمت ميكانيكا الكم في وصف وتفسير العديد من الظواهر الحديثة ودراسة واستكشاف الخواص الفزيائية للفضاء والنظام الكوني.
وهو جانب من علم الفيزياء يختص بدراسة سلوك وخواص المادة والطاقة على المستوى الذري ودون الذري، ويقوم على العديد من المبادئ والظواهر المدهشة و قد كان من الضروري ظهور علم ميكانيك الكم للإجابة على الأسئلة التي لم تستطع الفيزياء الكلاسيكية الاجابة عليها.
وقد بدأت في الظهور في القرن العشرين.
الطبيعة المزدوجة للضوء
يري العالم الفزيائي "نيلزبور" أن النظام الذري يشبه إلي حد كبير النظام الشمسي، حيث تتكون من نواة في المركز تدور حولها الإلكترونات في مدارات رئيسية مثل الشمس والكواكب.
وإذا قمنا بتسخين المادة تقوم تلك الإلكترونات بالقفز من مدارها إلى مدار أخر حول النواة نتيجة لتحفيزها بالحرارة وإكسابها طاقة، ونتيجة هذه القفزات تنتج الإلكترونات طاقة في شكل ضوء، وتسمى هذه القفزات بال (القفزات الكمية).
في عام 1920 قام فيزيائيين بإجراء تجربة الانشطار المزدوج والتي أظهرت أن الجسيمات في العالم الكمي تسلك سلوك الموجات.
تعدد الخواص الفزيائية للمادة أكسب بعض المواد طبيعة مزدوجة،فعلى سبيل المثال إذا وضعنا كوب من الشاي في غرفة مظلمة بطبيعة الحال سيكون لها ضوء وحرارة مادام في وسط محدد فهل يمكن تحديد طبيعة الضوء الصادر إذا كان جسيم أم موجة؟.
الله لا يلعب النرد
للإجابة على هذا السؤال اقترح ماكس بورن أن الموجة تظل موجة لا إلكترون ولا شيء آخر سوى أنها موجة، لكنها موجة احتمالية في العالم الكمي؛ أي أن حجم الموجة في أي موقع يتنبأ بإمكانية واحتمالية وجود الإلكترون فيه، فإذا كان حجم الموجة الاحتمالية كبير، سيحمل الإلكترون لمكان بعيد عن الموقع الذي من المفترض أن يكون فيه، لذا يتواجد الإلكترون في أماكن عدة هنا أو هناك، وليس في منطقة بعينها.
وتتفق تلك النظرية مع مبدأ الشك لـ"هايزنبرغ"، ونص على أنه لا يمكن تحديد بدقة موضع وسرعة جسم في آن واحد.
ولكن لم يؤيد أينشتاين فكرة الاحتمالات ولا سلوك الإلكترون في العالم الكمِّي، فقد كان يؤمن بالحقائق فقط الاحتمالات، وقال مقولته في هذا الشأن: أنا أحب أن أعتقد أن القمر موجود حتى عندما لا أنظر إليه ! وقال جملته الشهيرة حين تجادل مع «نيلز بور» في ذلك: الله لا يلعب النرد.
"ثابت بلانك" حجر الأساس في فيزياء القرن العشرين مع "نسبية أينشتاين"
في عام 1900 قام عالم الفزياء الألماني ماكس بلانك الذي يعد أحد مؤسسي نظرية الكم ،بتقديم ورقى بحثية لتفسير إشعاع الجسم الأسود، والذي استطاع من خلاله بهز الأوساط العلمية كلها ،عندما أعلن أن طاقة الموجات الضوئية تقفز بصورة غير متصلة وأنها مكونة من كموميات ومفردها: كم.
مفهوم ثابت بلانك
قيمة بعض الثوابت الرياضية تحظى باهتمام كبير جدا مثل سرعة الضوء وثابت الجاذبية الأرضية وغيرها من الثوابت.
لكن ثابت بلانك يُعرف على أنه خاصية فزيائية تستخدم لصياغة ثابت رياضي يقدر بـ 6.626 × 10 ^ −34 (جول.ثانية).
ليصف سلوك الجسيمات والأمواج في نطاقها الذري بما فيها الجانب الجسيمي للضوء من خلال صياغته الدقيقة لتوزيع الإشعاع المنبعث من الجسم الأسود، أو ما يُعرف بالممتص المثالي للطاقة المشعّة، فالإشعاعات ومن ضمنها الضوء تنبعث وتنتقل وتُمتص في حزم طاقة منفصلة أو ما يُسمى بكوانتا الطاقة، وما يُحدد ترددها هو الإشعاع، وهنا تكمن أهمية ثابت بلانك.
يمثل ثابت بلانك نسبة الطاقة إلى تردد الفوتون الذي يعد جسيم أولي بجانب كونه آلة وزن بالغة الدقة، لحساب كتلة جسم باستخدام قوة كهربية مغناطيسية مقاسة بدقة.
التطبيقات العلمية لثابت بلانك
نتج عن ثابت بلانك العديد من التطبيقات والنظريات العلمية حول نظرية الكم، ومنها:
- معادلة بلانك التي تُعطي قيمة الطاقة المرتبطة بالفوتون من خلال ثابت بلانك وتردده.
- وصف التأثير الكهروضوئي.
- إشعاع الجسم الأسود.
- التركيب الذري لإعطاء طاقة المدار التاسع.
- مبدأ عدم اليقين لإعطاء العلاقة بين الموضع والزخم.
إلي جانب التطور في تكنولوجيا النانو وخواصها الكمية الذي نتج عنها اختراع العديد من الأجهزة الحديثة ولعل أبرزها "الحواسب الكمية الفائقة" أو "الكوانتم كمبيوتر".