عملية غزة في 7 أكتوبر 2023.. حسابات المكسب والخسارة لجميع الأطراف -2

عملية غزة في 7 أكتوبر 2023.. حسابات المكسب والخسارة لجميع الأطراف -2وليد فاروق

الرأى18-11-2023 | 11:57

تعرضنا فى مقالنا السابق لعمليه غزه فى 7 اكتوبر- حسابات المكسب والخساره لجميع الاطراف .. حيث بدأنا بحسابات المكسب والخساره للجانب الاسرائيلى .. وخلصنا منها الى أن الجانب الاسرائيلى هو اول الخاسرين حيث خسر كافه اهدافه من العمليه حتى الان .. سواء على المستوى العسكرى .. فلم يحقق اى تقدم فى ملف تحرير الرهائن .. ولم يستعد هيبه الجيش الاسرائيلى المهدره .. ولم يستعد ثقه المواطن الاسرائيلى فى جيشه .. وكشف على الملأ وعلى مرأى ومسمع العالم اجمع عن الوجه القبيح للعسكريه الاسرائيليه التى تقتل النساء والاطفال الابرياء العزل فى مممارسات اقل ماتوصف به انها ممارسات تطهير عرقى ترتقى الى وصفها بالنازيه .. ويستحق مرتكبيها محاكمه جنائيه عاجله .. فضلا عن ان هذا النوع من الممارسات العسكريه ضد الابرياء العزل هى فى الاساس نذير ضعف وليست دليل قوه فهكذا علمنا التاريخ العسكرى .. ومن ثم فقد خسرت اسرائيل عسكريا الحرب المزعومه قبل ان تبدأها وليس ادل على ذلك من تدمير بعض مدرعات الجيش الاسرائيلى من المسافه صفر .. !! وهو ما يعنى ( لغير المتخصصين ) ان فرد من مقاتلى حماس يعتلى سطح المركبه المدرعه او الدبابه ليسقط بيديه قنبلته داخل المركبه ..لسبب بسيط ان المدرعات الاسرائيليه تتحرك دون جنود المشاه الاسرائيلين حولها علما بانه من المفترض ان تلك القوات تقوم بعمليه تمشيط لمبانى وخنادق وانفاق ..تستلزم وجود افراد مشاه مترجلين ..؟؟ وهو ما يعنى ببساطه خوف الجندى الاسرائيلى وخوف قادته ايضا من المواجهات المباشره مع افراد حماس الاقل تسليحا وتدريبا ومهاره وعددا ..!! وهو ما يعطى مؤشرات سلبيه عن كفاءه الجيش الاسرائيلى على الاقل على مستوى العنصر البشرى .. وقد ادى هذا الارتباك العسكرى الواضح فى اداء الجيش الاسرائيلى الى تفاقم الاضرار السياسيه للدوله الاسرائيليه ..حيث فقدت الكثير من التأييد الدولى والشعبى لها .. وتسببت فى ان الدول الداعمه لها وعلى رأسها الولايات المتحده وفرنسا قد عدلت من خطابها السياسى تجاه الازمه الى المطالبه بحل الدولتين مجددا عكس ما كانت عليه عند بدء الازمه من ضروره تهجير الفلسطينيين واخلاء القطاع من سكانه تحت بند حق الدفاع عن النفس .. ولا نستطيع اغفال ( الدور المصرى والاردنى ايضا فى هذا المجال واثره فى تعديل خطاب العديد من دول العالم مؤخرا .. ) اما باق الخسائر السياسيه فقد شملت انهيار شعبيه نيتنياهو الى ادنى مستوى لها ( 29% استطلاع راى جريده معاريف يوم 17/11/2023) وهو ما يؤكد توقعاتنا بإقدام اسرائيل على انتخابات مبكره فى اقرب فرصه يلقى فيها نتنياهو حتفه كسياسى الى الابد .. اما على صعيد الخسائرالاقتصاديه فحدث ولا حرج فقد اصبحت الامدادات والمعونات الاقتصاديه المعتاده من الدول الاوروامريكيه فى مهب الريح مستقبلا لاول مره فى تاريخ اسرائيل بعد ان فطنت معظم الشعوب الغربيه (الممول الرئيسى للدوله الصهيونيه) الى حجم التغييب والزييف الذى مارسته وسائل اعلامهم وحكوماتهم علي مواطنيهم لتجعل المواطن الاوربى والامريكى ممول لاكبر جيش عنصرى فى العصر الحديث ..تحت مذاعم خاطئه ومفبركه تتشدق بحمايه حقوق الانسان ونشر الديمقراطيه .. وحقوق الانسان منهم براء .. اما الشلل الاقتصادى الذى يصيب اسرائيل نتيجه التوقف شبه التام للمصانع والشركات والسياحه لصالح تنفيذ خطه استدعاء الاحتياطى خلال عمليه قتل المدنيين العزل الجاريه الان والتى بدأت فى _ 9/10/ 2023 .. لا تعلن اسرائيل عن حجم خسائرها تفصيليا .. لانها من مقتضيات الامن القومى الاسرائيلى لكننا نستشف الخسائر من حجم المعونات الماديه العاجله التى صدق بها الجانب الامريكى فقط وقدرت ب 14 مليار دولار فى الايام الاولى للعمليه.

ومن ثم فإن خسائر اسرائيل على الصعيد العسكرى والامنى والسياسى والاقتصادى موجعه للغايه .. وهو الامر الذى سينعكس بالضروره على المواطن الاسرائيلى الذى فقد شعوره بالامان بالإضافه الى توقع معاناته مستقبلا من ضغوط اقتصاديه فادحه نتيجه تقييد حجم المساعدات الاوروامريكيه .. و تزايد احتمالات توقف الهروله الاقتصاديه الخليجيه للتطبيع الاقتصادى مع الجانب الاسرائيلى والذى كان بمثاباه رئه جديده لانعاش الاقتصاد الاسرائيلى المنهك فى الاساس .. وهو الامر الذى سوف يشجع ولا شك على زياده معدلات الهجره العكسيه لليهود من داخل اسرائيل ..الى خارجها فى ظل الزياده الغير مسبوقه للكراهيه ضد اليهود ليست على مستوى شعوب الدول العربيه والاسلاميه فقط بل لدى العديد من المجتمعات ذات الفطره الانسانيه السويه ليصبح اليهودى مهددا منبوذا فى اى مكان يذهب اليه داخل او خارج اسرائيل.

أما اذا نظرنا لحسابات المكسب والخساره من وجهه نظر الجانب الامريكى ..فعلى المستوى السياسى الداخلى بالنسبه للرئيس بايدن ومن خلال موقفه وموقف حزبه الديمقراطى المتطرف فى الدعم الغير مسبوق لاسرائيل عسكريا واقتصاديا فى هذه العمليه فقد يؤدى ذلك الى ان يلحق بصديقه نتينياهو بعد عده اشهر فعلى مايبدو انه قد خسر مقدما سباق الانتخابات الرئاسيه القادمه (نوفمبر 2024) فى الولايات المتحده عكس ما كان يهدف اليه من خلال هذا التأييد الاعمى والدعم المبالغ فيه لاسرائيل حرصا منه على اصوات اليهود وتأثيرهم على الميديا داخل وخارج الولايات المتحدة لينقلب السحر على الساحر ويفقد الكثير من مؤيديه ومؤيدى حزبه بالطبع داخل و خارج الولايات المتحده .. الا ان الأمر لن يتوقف على هذا الحد ..فقد وضع بمجمل سياساته مكانه الولايات المتحده كقوة عظمى تقود عالم احادى القضبيه على المحك بحيث اصبحت معها تلك المكانه مهدده بقوه للزوال اكثر من اى وقت مضى .. فلا يليق بالقوه الوحيده العظمى ان تدفع باساطيلها وحاملات طائراتها لحمايه قوات تنفذ عمليه تطهير عرقى ضد شعب اعزل لا حول له ولاقوه فى تظاهره عسكريه تحمل معها تهديد واضح لكل دول المنطقه فى مشهد ينم عن بلطجه عسكريه اكثر منه استعراض للقوه .. ولايليق بقوه عظمى ان تدعم اباده شعب اعزل معظمه نساء واطفال وتهجيرهم قصريا دون ذنب واضح اقترفوه مع اباحه مهاجمه المستشفيات ودور العباده ..!! الامر الذى اصبحت معه الولايات المتحده محط انتقاد لازع من كافه شعوب العالم بما فيها مواطنيها انفسهم ..خاصه بعد قصف المستشفيات والمرضى والمصابين فى غزه وفرض حصار على شعب وتجويعه حرفيا .. ؟؟ فكيف لهذه القوه العظمى الوحيده فى العالم ان تتشدق بحمايتها للشرعيه الدوليه والقانون الدولى الانسانى وفى طليعتها قوانين حمايه حقوق الانسان الذى تدعى انها حاميه له على مستوى العالم .. !! ولا يليق برئيس اكبر قوه فى العالم ان يذهب للقاء قاده الدول المعنيه بالازمه فيرفضوا مقابلته اعتراضا طبيعيا على دور حكومته المشبوه فى حرب الاباده ..!! ولا يليق ايضا به ان يعلن عن تاييده الكامل لاسرائيل فى بدء العمليه متخذا حق الدفاع عن النفس ذريعه لذلك ثم يعدل من موقفه بعد اسبوعين نتجيه للضغوط السياسيه والجيوسياسيه التى واجهها رافضا التهجير القصرى ومناديا بحل الدولتين .. وكانه كان لا يتوقع ردود الافعال بكل مالديه من مراكز بحثيه واجهزه امنيه واستخباراتيه تحدد له السيناريوهات وردود الافعال المتوقعه .. !! فإذا ما اضفنا سؤ ادارته لهذه الازمه الى ماسبق من تخبط وفشل فى ادارته للازمه الروسيه الاوكرانيه والتى فرضت روسيا فيها ارادتها على الجميع واحتلت الجنوب الاوكرانى وضمته اليها .. وازاقت اوروبا الامرين نتيجه هذه الحرب .. ولا تزال .. الامر الذى اصبحت معه الولايات المتحده الامريكيه فى نظر الكثيريين نتيجه لفقد مصداقيتها و اتخاذها لسياسه الكيل بمكياليين بكل فجاجه منهجا وطريقا غير مؤهله كقوه عظمى لقياده العالم خاصه بعد كم الاخفاقات التى واجهتها خلال العقدين الاخيرين بدءا من خروجها المهين من افغانستان والعراق وسوريا وفشلها فى استكمال خطه الخريف العربى واخيرا فشلها فى اوكرانيا وبإذن الله ظهرت بوادر الفشل فى عمليه غزه .. فلا شعب تم تهجيره ولا مقاتلين لحماس سقطوا ولا حل للازمه الفلسطينيه الا حل الدولتين ظهر على الافق .. بل على العكس عادت القضيه الفلسطينيه الى صداره المشهد الدولى والعالمى كقضيه حق شعب فى الوجود على ارضه .. واكتسبت المزيد من المؤيدين والداعمين على مستوى العالم .. واعربت العديد من الدول الاوربيه على الاعتراف بدوله فلسطين (اسبانيا والمجر ) خاصه بعد ان تحرر الكثيريين من اكاذيب الاعلام الغربى المضلل التى مارسها على شعوب اوروبا الغربيه وامريكا طيله سبعه عقود ماضيه.

ومن ثم فإن التخبط الامريكى فى اداره معظم الملفات الدوليه يعتبر هو الدافع الرئيسى لحاله الترقب والصمت الايجابى فى هذه الازمه تحديدا لكلا من الدب الروسى والعملاق الصينى .. على طريقه( اترك له الحبل .. ليشنق نفسه بنفسه.. ) فكلاهما يتمنى مزيدا من الاخفاق ومزيدا من التورط والسقوط الامريكى فى مستنقع الشرق الاوسط .. فهذا الامر يمهد لهم ولا شك مع غيره من الملفات ومنها الازمه الاوكرانيه والتايوانيه بالاضافه الى الملف الاقتصادى المعقد جدا .. غايتهم العظمى فى ازاحه الكابوى الامريكى عن موقعه كقوه عظمى وحيده فى العالم ليحتل كلاهما تلك المكانه بدلا منه او على اقل تقدير مشاركته تلك المكانه ليعود العالم الى طبيعته كعالم متعدد الاقضاب ... ومن ثم فإن الخسائر الامريكيه فى تلك العمليه قد تكلفها مكانتها كقوه وحيده مهيمنه على العالم بالاضافه الى فقدها للتوحد الاوربى خلفها والذى اثبتت التجارب مره بعد الاخرى عدم جدارتها لقياده القاره العجوز .. وهو ما يستحق مقال آخر منفصل ..

وللحديث بقيه بإذن الله.

أضف تعليق