جيم جونز.. حكاية أكبر انتحار جماعي في التاريخ

جيم جونز.. حكاية أكبر انتحار جماعي في التاريخالقس الأمريكي جيم جونز

حوارات وتحقيقات18-11-2023 | 17:53

في مثل هذا اليوم في الثامن عشر من نوفمبر عام 1978، كان العالم مع أكبر عملية انتحار جماعي حدثت في التاريخ في مدينة جونز تاون بغيانا راح ضحيتها ما يقرب من 1000 شخص تت سطوة رجل دين بروتستانتي، هو "جيم جونز".

جيم جونز.. قس في زي سينمائي

ولد جونز عام 1931م، والده جيمس ثورمان جونز كان محاربا في الحرب العالمية الأولى، وأحد ضحايا غاز الخردل. والدته ليناتا جونز كانت امرأة مستقلة، لحقت بابنها أخيرا إلى غيانا. لم يلق جونز الرعاية من والديه، فوالدته كانت منشغلة في العمل، وقد قال لرعيته ذات مرة بأنه لم يحصل على الحب، وأنه لا يعرف ما هو جحيم الحب.

كان بنظر الحي الذي يسكن به في ولاية إنديانا الطفل المؤذي والمزعج. بدأ جونز حياة الوعظ الديني منذ صغره، فقد كان يقدم خطبا دينية في المدرسة، وحسب وصف زملائه فقد كان واثقا من نفسه على خشبة المسرح.

تخرج من المدرسة الثانوية، وكان مهتما بالطب. وحين كان يعمل بالمستشفى التقى بـ "مارسلين بالدوين” وهي طالبة تمريض تزوجها عام 1949م. درس كطالب قس في الكنيسة الميثودية عام 1952م، لكنه أراد أن يؤسس كنيسته الخاصة.

كنيسة معبد الشعوب

أسس جونز "معبد الشعوب” وذلك عام 1956م في إنديانا. اتبعت الكنيسة التعاليم البروتستانتية عام 1960م، وتم تعيين جونز عام 1964م الأب الروحي لها. سادت العنصرية في الولايات المتحدة، وهو ما كان يزعج جونز حيث التفرقة العنصرية حتى في الكنائس، فقد دعا لنبذ العنصرية والمساواة، وكان مع الفقراء والمضطهدين خاصة من السود. كان يرى بأن عائلته تمثّل قوس قزح، فقد تبنى وزوجته طفلا أسود وآخر أبيض وثلاثة أطفال كوريين.

كان جونز مختلفًا عن البيئة المحيطة بدعوته لتكامل الأعراق، وهو ما خشي منه المقيمون ولذلك تعرضت زوجته مارسلين للاعتداء والبصق من قبل المارة. وقد وصلت رسائل تهديد لأتباع الأب جونز. وفي عام 1965م، نقل جونز أتباعه إلى شمال كاليفورنيا، حيث كان قادرًا هناك على جذب المزيد من الأتباع، وإقامة المعابد جنوبا حتى لوس أنجلوس، وحظي على احترام القادة السياسيين الليبراليين في سان فرانسيسكو.

وأخذ يسير على أتباعه بكاريزمته الطاغية والتي جعلته يأمر وينهى ويهدد حتى أصبح ذا سطوة طاغية وأصبح خطره يزداد يوما بعد يوم.

جونز تاون.. ما قبل المذبحة

في عام 1974م بدأ جونز بتحركه لنقل أتباعه إلى غيانا وهي في أمريكا الجنوبية، وبدأت تظهر نواياه الشريرة. سافر أكثر من 1100 شخص إلى مشروع مدينة جونز تاون، حيث بدأت تصرفات جونز تصبح أكثر قسوة. فقد فرّق العائلات، وأجبر الأتباع على العمل اليدوي لساعات طويلة، واستمر بالتحقيق معهم بوحشية، وعزلهم عن العالم الخارجي، فأخبرهم بأن هناك انتشارا للعنف والفوضى في أمريكا.

أوهم جونز أتباعه في كثير من المرات بأنهم تحت التهديد، فكانوا يجهزون أنفسهم لذلك. وفي هذه الفترة بدأ جونز يقدم فكرة "الانتحار الثوري". بدأت عائلات من المعبد بتقديم التماس إلى حكومة الولايات المتحدة للتحقيق فيما يجري.

توجه عام 1977م عضو الكونجرس الأمريكي ليو رايان مع صحفيين وأقارب أعضاء المعبد إلى جونز تاون. وبعد ثلاثة أيام التقى بجونز وأتباعه، والذين عبّر بعضهم عن رغبتهم بترك المعبد. وهنا من أصر على البقاء وبالفعل رتّب رايان الأمور لسفر 17 من الأتباع المنشقين إلى الولايات المتحدة. بينما كانت المجموعة تستعد للسفر مع عضو الكونجرس هاجمتهم جماعة مسلحة وأطلقت عليهم النار، ما أدى لمقتل رايان وثلاثة صحفيين وأحد الأتباع السابقين.

مذبحة بتوقيع "جيم جونز"

بعدما تبين للجميع أن "جيم جونز" أصبح دولة بمفرده، وبعما تبين ساديته وعنفه وديماجوجيته ولعبه بالدين للسيطرة على تلك الجموع الغفيرة، وبعد مقتل عضو الكونجرس "رايان"، خطب "جونز" في أتباعه وزرع في قلوبهم الخوف بأن هناك جيشا جرارا ثم يقتحم عليهم المدينة ويأخذهم إلى الولايات المتحدة ليذوقوا العذاب هناك.

وبدأ في إقناعهم بفكرة "الانتحار الثوري"، وبالفعل فاعتبر قوله على أنه "أمر إلهي" وبدأت المذبحة، وفي تمام الساعة الخامسة مساء من الثامن عشر من نوفمبر عام 1978م وزع جونز مشروبات الفاكهة المسممة بالسيانيد، وقد سمم الأهالي أبناءهم الرضع والأطفال، ومن ثم أقدموا على تسميم أنفسهم تحت تهديد السلاح. ومن كان يفكّر بمخالفة الأوامر فسيواجه عقابا شديدا.

وبعد ساعات امتلأ المكان بجثث المنتحرين من الأطفال والنساء والرجال. وبينما تتعالى صرخات الأطفال الذين لم تحتمل أجسادهم النحيلة هذا الألم الكبير، وبينما يتلوى الكبار على الأرض يمينا ويسارا كان جيم لا يزال يخطب بالناس، ويحثهم على الانتحار من أجل الراحة والتخلص من هذا العالم، ولم يلقِ بالا لكل الألم الذي أحدثه لمن حوله.

وأخيرًا، قُتل جونز برصاصة بالرأس ولم يُعرف إن أقدم هو على الانتحار أو أن أحدا قام بقتله. ونجا أقل من 100 شخص من أعضاء الطائفة في غيانا من الحادث، وغالبية الناجين إما انشقوا في ذلك اليوم أو كانوا في جورج تاون.

واكتشف المسؤولون في وقت لاحق مخبأ للأسلحة النارية، ومئات من جوازات السفر مكدسة معا، و 500 ألف دولار أمريكي. وقد تم حل كنيسة معبد الشعوب فعليا بعد الحادث.

وتمت محاكمة رجل واحد فقط من أعضاء الطائفة هو لاري لايتون في الولايات المتحدة لتورطه في الحادث.

وقد أدين لايتون بالتآمر والمساعدة والتحريض على قتل رايان ومحاولة قتل المسؤول بالسفارة الأمريكية ريتشارد دواير وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، وقد تم إطلاق سراحه في عام 2002.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2