بينما تواصل سلطنة عُمان احتفالاتها بالعيد الوطنى الثالث والخمسين فى 18 نوفمبر من كل عام، وتبدأ عاماً جديداً من الخطط والمشروعات الاقتصادية اللازمة لتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، أكد قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانى، عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجى، قائلًا: «أصبح من الضرورى عقد لقاء سنوى منتظم للمنتدى لتنفيذ توصياته، والبحث عن حلول فنية، وإقامة منصة بين الغرف العربية، والتى تعتبر من أساسيات دورها عرض المناقصات والفرص الاستثمارية ب مصر ودول مجلس التعاون الخليجى.
جاء ذلك خلال إلقاء كلمته بفعاليات افتتاح «منتدى الأعمال الخليجى المصرى الأول»، بعنوان «أعمال - شراكة - استثمار»، الذى عقد بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية فى مصر بحضور رؤساء اتحادات الغرف التجارية بدول الخليج.
وأشار اليوسف إلى المؤشرات الإيجابية لمختلف المؤسسات الدولية التى توقعت تحقيق معدلات نمو إيجابية فى مصر، وقال: نعتز بما وصلت إليه مصر من تقدم وازدهارٍ فى شتى القطاعاتِ الاقتصاديّة، إذ تبوّأت مصرُ اليوم مكانةً مرموقةً بين أهم اقتصادات الوطن العربى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل وقد رفع البنك الدولى توقعاته بنمو الاقتصاد المصرى بنسبةٍ تجاوزت 4%، وهى ماضيةٌ نحو تحقيق رؤيتها ببناء اقتصاد تنافسى ومتنوع. ونحنُ نؤكدُ أنّ هذا الطُموح المصرى يتواءم تمامًا مع طموحِ دول مجلس التعاون الخليجى نحو تحقيقِ الرفاهيةِ والرخاءِ والازدهارِ.
وأكد وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني، سعى سلطنة عُمان ودول الخليج إلى تعميقٍ أكبر وفهم أوسع، لفرص التنمية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون ومصر، وقال: لقد تشرفت فى (مايو الماضي) بزيارة مصر ضمن الوفد الرسمى المرافق للسلطان هيثم بن طارق، حيث وجّه بالعمل على تطوير العلاقات التجارية بين البلدين الشقيقين، استنادا إلى ما تتمتع به سلطنة عُمان و مصر من علاقات تجارية راسخة.
العلاقة بين مصر ودول الخليج تعد من العلاقات الاستراتيجية
كما أكد أن العلاقة الاقتصادية بين مصر ودول مجلس التعاون تعد من العلاقات المهمة والاستراتيجية، التى لا يمكن الاستغناء عنها من قبل كلا الطرفين؛ حيث تمثل قناة السويس شِرْيانًا حيويًّا لدول المجلس، علاوة على المبادلات التجارية المتنامية والاستثمارات الخليجية الكبيرة فى مصر.
وتشير العلاقة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون و مصر إلى تجاوز حجم التبادل التجارى 30 مليار دولار فى العام 2022 منها 20.4 مليار دولار للصادرات الخليجية و9.5 مليار دولار للواردات الخليجية من مصر، حيث يتجاوز حجم الاستثمارات الخليجية فى مصر 62 مليار دولار ويوجد أكثر من 8500 شركة خليجية تستثمر فى مصر.
إشادة بالاقتصاد المصرى والمشروعات القومية
وأكد اليوسف أن يخرج المنتدى بتوصيات هادفة تشكل انطلاقة حقيقية نحو بناء شراكات وعلاقات اقتصادية قوية بين الجانبين، على أن يكون للقطاع الخاص من الجانبين والذى تمثلونه اليوم دوراً محورياً فى تعزيز علاقات الجانبين الاقتصادية حتى يستفيد منها المواطن الخليجى والمصرى.
وعن الاقتصاد المصرى وآفاق الموعودية به، أشير إلى تقرير (آفاق الاقتصاد العالمية) الصادر عن البنك الدولى للإنشاء والتعمير فى 2022، والذى رفع فيه خبراء البنك الدولى توقعاتهم لمعدل النمو فى الاقتصاد المصرى بنسبة 1% ليصل إلى 5.5% نتيجة تحسن الطلب الخارجى من الشركاء التجاريين الرئيسيين، والتوسع فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقطاعات استخراج الغاز، والتحسينات التدريجية فى السياحة.
وبحسب آراء هؤلاء الخبراء فإن الاقتصاد المصرى قادر على تحقيق معدلات نمو أعلى، مستندين إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى اتبعته مصر، والمشروعات القومية التى تجرى الآن تزيد حجم الاستثمارات وبذلك تزيد معدلات النمو.
وأضاف الوزير العُمانى: كل هذه الآفاق الواعدة تدفع باتجاه إيجابى نحو استثمار الممكنات الاقتصادية الكامنة فى الاقتصادات المحلية لجنى مزيد من ثـمارٍ تنمويةٍ تأخرت رعايتها واستغلالها كثيرا، وحان الوقت للنظر إليها بعين التنفيذ والتفعيل عوضا عن التأميل والتأجيل.
ف مصر بما تمثله من سوق تجارى واعد هو الأكبر فى المنطقة من حيث عدد السكان وبما تشمله شبكة علاقاتها التجارية الممتدة جنوبا فى إفريقيا (عبر الكوميسا والاتفاق الإفريقى الشامل AFCFTA) وشمالا فى الاتحاد الأوروبى (عبر اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية)، وغربا حتى أمريكا اللاتينية (عبر اتفاقية الميركوسور – الأرجنتين وأوروجواى والبرازيل وباراجواي)، و مصر هى خير البوابات لأسواقٍ تعدادُ سكانها مئات الملايين وبقوى شرائية تقارب ثلث القوى الشرائية فى العالم.
ومن ناحية أخرى فإن دول مجلس التعاون تسعى للدخول فى عدد من اتفاقيات التجارة الحرة بينها وبين مختلف دول العالم، مما يجعل الفرصة مواتية لدراسة التكامل التجارى والاستثمارى بناءً على ذلك، وعلى المزايا الأخرى لكلا الجانبين.
توصيات محورية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج
وفى ختام كلمته فى «منتدى الأعمال الخليجى المصرى الأول»، بعنوان «أعمال - شراكة - استثمار»، طرح وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، العديد من التوصيات التى يمكن دراستها وهي: عقد هذا اللقاء بشكل سنوى ومنتظم وأن تكون هناك أمانة عامة تتابع فى التوصيات التى يخرج بها المنتدى، وتعرض فى الاجتماع السنوى القادم أهم الإنجازات. والبحث عن الحلول التقنية التى تساهم فى التبادل التجارى والاستثمارى بين البلدين، مثل إنشاء منصة تتبناها اتحادات الغرف، بحيث تعرض فيها المناقصات وكذلك الفرص الاستثمارية.
كما أوصى الوزير العُمانى قيس بن محمد اليوسف، بدراسة التكامل الصناعى بين دول مجلس التعاون الخليجى وجمهورية مصر العربية، وخصوصا فى ظل إقرار دول الاتحاد الأوروبى ضريبة الانبعاث الكربوني، والذى سيؤثر على نمو الصادرات العربية والاستفادة من الطاقة المتجددة، وفى سلطنة عمان من المتوقع أن يضع سادس دولة على مستوى العالم فى إنتاج الهيدروجين فى عام 2030.
وكذلك التكامل فى الصناعات الغذائية وخاصة مع التحديات التى تظهر بين فترة وأخرى من أمراض وأوبئة والتغير المناخى والظروف الجيوسياسية، وبالتالى الاستفادة من تكامل صناعاتنا وإيجاد الاكتفاء الخليجى العربى لبعض الصناعات وخاصة فى مجال الأمن الغذائي، مشيراً إلى أهمية التعاون فى مجال الصناعات الدوائية أو الأجهزة والأدوات الصحية.
الترحيب باتفاق الهدنة فى غزة والتأكيد على موقف سلطنة عُمان الثابت تجاه القضية الفلسطينية
كما رحب وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانى باتفاق الهدنة فى غزة، مؤكدا على موقف سلطنة عُمان الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وقال: لا ننسى ونحن فى هذا المقام أن نذكر إخواننا فى فلسطين، حيث إن النمو الاقتصادى يجب أن يصاحبه الأمن والأمان والله نسأل أن يفرج عليهم ويشفى مصابهم ولأهل الشهداء الصبر والسلوان.
وأضاف: نؤكد على موقف سلطنة عُمان الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وإقامة دولتها المستقلة حتى يعم السلام منطقتنا، وفى هذا الصدد تلقينا بكل سعادة بإتفاق الهدنة برعاية قطرية ومصرية آملين أن يسهم ذلك فى إنهاء المعاناة الإنسانية فى غزة.
إقرأ العدد الجديد من مجلة أكتوبر، اضغط هنا