انتشرت ظاهرة التسول في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكلٍ كبيرٍ في الآونة الأخيرة، ولا شك بأن هذه الظاهرة السلبية تؤشر على وجود عددٍ من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية في مجتمعاتنا.
وحرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان، وصون نفسه عن الابتذال والتعرض للإهانة والوقوف بمواقف الذل والهوان، فحذّر من التعرض للتسول الذي يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي خصها الله تعالى للإنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ).
وكشف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الله جعل الكرامة لبني آدم مسلمين وغير مسلمين، مشيرا إلى أن الإسلام والشرائع كلها تحض على بذل المجهود لنيل المقصود بعرق الجبين وكد اليمين، قائلا: "تنازل الإنسان عن كرامته وعزته ويرفض العمل الشريف ويجري في بطالة وعطالة وراء استجداء الناس فهو أمر محرم ومجرم وصاحبه يأثم".
وقال كريمة: إن المجتمع المدني به جمعيات ومؤسسات خيرية يدفع إليها الأموال نظير سندات وهي تدفع للمستحقين للزكاوات، أما من في الطرقات وإشارات المرور وأمام المساجد لا يدفع لهم أموال، قائلا: "المستول آثم والمتصدق عليه آثم، يعني أن المباشر للآثم هو من يعينه على الآثم والجريمة مشارك له في الآثم".
وطالب "كريمة" المواطنين بضرورة التحري فيمن يتلقى الصدقات للأشخاص في الشوارع والطرقات، مشددا على ضرورة عدم الانخداع في المحاولات والأعيب من قبل المتسولين في الطرقات أو إشارات المرور وإعطاءهم أموال بحجة أنهم يحتاجون.
وفى نفس السياق قال د. شوقي علام مفتي الجمهورية إن الأصل في سؤال الناس مِن غير حاجة أو ضرورة داعية أنه مذمومٌ في الشرع؛ لأنه يتضمن المذلةَ والمهانةَ للمسلم وهو مما يُنَزِّهُه عنهما الشرعُ الشريفُ، وقد روى مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة فقال: «ألا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟»- وكنا حديثَ عَهدٍ ببيعة- فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: «ألا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟» فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال: «ألا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟» قال: فبَسطنا أيدينا، وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: «على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، وتطيعوا»، وأَسَرَّ كلمة خفية: «ولا تسألوا الناس شيئًا». قال الراوي: «فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطُ أحدهم، فما يسأل أحدًا يناوله إياه».