حلم التوطين

حلم التوطينأحمد النومي

الرأى3-12-2023 | 14:59

الفراغ يولد الأطماع، و سيناء ظلت فى بؤرة الأطماع الصهيونية، فهى تحتل مكانه مقدسة فى الفكر الصهيونى والتوراتى باعتبارها أرض الميعاد المزعومة، وفيها جاء إبراهيم ويوسف وموسى، وحدث فيها "التيه" ومنها كانت قصة الخروج.

أرض الفيروز مثلما كانت ثغرة مر منها الأعداء كانت مقبرتهم أيضا، أهميتها لا تنبع من موقعها الجيوسياسى فقط بل كونها ملتقى التبشير بالديانات السماوية والكفاح المسلح، ولها فى نفوس المصريين قدسية خاصة، فعلى جبلها تجلى رب الكون وكلم نبيه موسى، ومنها دخل إبراهيم عليه السلام، فوق رمالها سار المسيح عندما كان طفلا برفقة والدته العذراء مريم ومن بوابتها دخل عمرو بن العاص فاتحًا مصر ومبشرًا بالإسلام، فهى شاهد على عظمة التاريخ وبسالة المصريين، ومعظم حروبنا التاريخية كانت فوق أرضها الطاهرة، ورمالها معبقة بدمائنا منذ عهد الملك "سمرخت" سابع ملوك الأسرة الفرعونية الأولى، وعلى أرضها دارت معارك فارقة، أهمها معركة أكتوبر وطرد الإسرائيليين.

الحقيقية أن مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ليس وليد حرب غزة، كتب التاريخ تفزعنا بمخططات شيطانية منذ قرون للاستيلاء على سيناء، فالأحلام الاستيطانية بدأت منذ الفتح العثمانى لمصر، وقت أن كانت محطة فى ربط الولايات العثمانية فى شمال إفريقيا بقلب الدولة العثمانية، فضلاً عن مرور طريق قوافل الحج من بلاد المغرب العربى إلى مصر ومروره عبر سيناء إلى الحجاز وصولا إلى مشروع هرتزل لاستيطان سيناء، نهاية بمشروع بول فريدمان لإقامة أرض مدين كبداية لإنشاء قناة "حيفا العقبة"

تربط البحرين الأبيض بالأحمر وبديل عن قناة السويس، الأمر الذى يطرح تساولا، هل هو محض مصادفة أن يطرح بول فريدمان فى نهاية القرن التاسع عشر مشروع قناة حيفا العقبة، وتطرح إسرائيل فى نهاية القرن العشرين مشروع قناة البحر الميت البحر الأحمر؟

الحقيقية أن أرض الفيروز عانت من مثلث بغيض "الاحتلال والإهمال والإرهاب"، تخلصت من الاحتلال لتقع فى شباك غياب إرادة سياسية فى العصور السابقة؛ لتحقيق تنمية شاملة، مما فتح الباب لطيور الظلام لتعويض الفراغ التنموى، الذى وصل ذروته عقب ثورة يناير بمخطط إقامة ولاية داعشية على حدودنا الشرقية.

القيادة السياسة وعت لثغرات الشيطان فى سيناء، وعبرت الطريق لتعميرها من خلال خطة تنموية شاملة لسد باب الأطماع، محاورها الذراع الأمنى لتطهيرها من دنس الإرهاب، والمحور التنموى، حيث ضخت ما يقرب من 600 مليار جنيه فى تنميتها شملت البنية التحتية من الأنفاق والمدن السكنية والمستشفيات والمدارس ومحطات المياه والمصانع.

نعم نجحت الدولة المصرية فى ربط الجغرافيا وإنهاء عزلة سيناء عن الوادى، ويتبقى الأهم ربط البشر وترجمة ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى بتوطين 8 ملايين مصرى على أرض الفيروز قبل 2050، فزراعتها بالبشر أقوى من أى سلاح.

أضف تعليق