فقدت دار المعارف، بل مصر كلها والعالم العربى بصفة خاصة الرائد والمعلّم والملهم والأب يعقوب الشارونى.. والذى لم يكن مؤلفًا أو مبدعًا عاديًا لكن معلم وملهم وأحد الرواد العمالقة فى أدب الأطفال فى مصر والعالم العربى.
عاشت على إبداعاته أجيال مختلفة وله فى كل بيت أثر وعمل يثرى حياة أبنائنا فى كل مكان.
عندما توليت المسئولية فى دار المعارف كرئيس لمجلس إدارتها زارنى بكل رقة ولطف وكان يعلم قيمة هذه المؤسسة العريقة التى قدمت للأجيال أفضل ما كُتب للطفل، واتفقنا على أن يكون مستشارًا ل أدب الأطفال وعملنا سويًا.
معرض الكتاب
وعند قرب معرض الكتاب كانت أفكارنا ورؤيتنا يجسدها يعقوب الشارونى واقعًا، فالأطفال عادة ما يكونون تابعين للأسرة فى المعرض ونادرًا ما تكون الأسرة تابعة لطفلها ورغباته.
وأمام هذه المسألة فكر فى عمل ورشة للرسم للأطفال بمدخل جناح دار المعارف بالمعرض لتترك الأسرة طفلها يمارس هوايته فى الرسم أو يتعلمه فيه أو من المشرف على المكان من خلال أدوات توفرها المؤسسة.
وكانت الفكرة لطيفة وجديدة حيث استمتع الطفل، والأسرة اتجهت لاختيار ما تريده، وفى النهاية نقدم جائزة لكل طفل حضر معنا فى نهاية الفترة.. وكانت الجوائز من شخصيات دار المعارف للأطفال عبارة عن «كوب» عليه صور سندباد أو بادج أو كراسة تلوين فى النهاية استخدام الشخصية الشهيرة سندباد والتى صدرت كمجلة من خلال دار المعارف يرأسها الأديب محمد سعيد العريان وكانت أول مجلة عربية تهتم بالطفل وصدر العدد الأول منها عام 1952 فى 3 يناير، وكانت رسومها بريشة الفنان حسين بيكار واستمرت هذه المجلة إلى 7 يوليو 1960.
لذا قمنا بتجسيد ماكيت لشخصية سندباد فى مدخل المعرض وعدة كتب صدرت مثل سندباد يجوب البلاد وغيرها.
لقد ذخرت دار المعارف بعمالقتها فى كل مجال منذ تأسيسها 1890 وبصفة خاصة أدب الطفل مثل محمد سعيد العريان، محمد عطية الإبراشى وعادل الغضبان وعبد الله الكبير وكامل كيلانى وأحمد نجيب، ولا تزال تقدم أجيالاً جديدة واعدة ليس من مصر وحدها لكن من دول عربية أخرى.
يعقوب الشاروني
ظاهر فى كل شىء حبه وعشقه لمهنته ولأدب الأطفال.. أفنى حياته فى هذا الطريق وتعلم على يديه الكثير فى مصر والوطن العربى، خلوق مهذب يساعد ويُسدى النصيحة لطالبها ولا يتردد وهذا من شيم الكبار.
ذكرت موسوعة إعلام الفكر العربى أنه أحد كبار رواد أدب الأطفال.
ولد يعقوب الشارونى 10 فبراير 1931 بالقاهرة درس القانون وحصل على ليسانس الحقوق عام 1952 وتولى رئاسة المركز القومى لثقافة الطفل ودرس الاقتصاد وتدرج فى القضاء حتى وصل إلى منصب النائب بهيئة قضايا الدولة «رئيس محكمة»، وفى عام 1967 طلب د. ثروت عكاشة، وزير الثقافة، انتدابه من منصبه فى القضاء ليعمل بوزارة الثقافة ثم مدير عام للثقافة الجماهيرية «الهيئة العامة لقصور الثقافة» 1969 سافر إلى فرنسا لدراسة أساليب العمل الثقافى بين الجماهير.
ثم عمل مستشارًا لوزير الثقافة لشئون ثقافة الطفل وأنشأ المسابقة القومية للطفل الموهوب وأصدر أول عدد من مجلة الثقافة العلمية للطفل باسم «النحلة».
حصل على جائزة الدولة فى الأدب عام 1960 من الرئيس جمال عبد الناصر والجائزة الأولى للتأليف المسرحى 1962 وأحسن كاتب أطفال 1981 عن قصته «سر الاختفاء العجيب» وجائزة معهد جوتة عام 1998 من المجلس الأعلى للثقافة وعام 2002 جائزة معرض بولونيا بإيطاليا عن كتاب أجمل الحسابات الشعبية.
وعمل أستاذًا زائرًا لأدب و قصص الأطفال بجامعات حلوان والإسكندرية وكفر الشيخ وجنوب الوادى وغير ذلك من الجوائز والتكريم فى جميع المحافل الدولية التى كان يحظى باحترام كبير لديها.
ومن أهم الكتب التى كتبها وصدرت عن دار المعارف، «25» كتابًا ضمن المكتبة الخضراء للأطفال - تنمية عادة القراءة عند الأطفال - مهارات الكتابة للأطفال - القراءة مع طفلك - كيف نقرأ لأطفالنا - كيف نحكى قصة – تنمية عقل وذكاء الطفل - القيم التربوية فى قصص الأطفال - قصص و روايات الأطفال فن وثقافة، وله أكثر من 60 دراسة وبحثًا عن أدب الأطفال والكتابة لهم.
ومن أهم رواياته الصادرة عن دار المعارف: كنز جزيرة عروس البحر - سر الاختفاء العجيب - مفاجأة الحقل الأخير - مغامر فوق السد - شجرة تنمو فى قارب - صندوق نعمة ربنا - حكاية طارق وعلاء - أحسن شىء أنى حرة - مغامرة زهرة مع الشجرة - عفاريت نصف الليل - أبناء لهم أجنحة - معروف فى بلاد الفلوس - تائه فى القناة - منيرة وقطتها شمسة - حسناء والثعبان الملكى - أبطال أرض الفيروز - أسرار بيت الطالبات - سلطان ليوم واحد - الرحلة العجيبة لعروس النيل - قليل من الراحة فوق السلالم - طيور الأحلام - ثروة تحت الأرض - الكسلان وتاج السلطان - حكاية نعيم ونعمة.
وبلغ عدد الكتب التى كتبها للأطفال وتم نشرها أكثر من 400 كتاب، تم ترجمة عدد كبير منها إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والماليزية والمجرية.
رحمة الله عليه.. سيظل معنا بأعماله الخالدة.