ليست المشكلة فى العمل على نفس الفكرة المطروقة، ولكن فى أن تكون المعالجات كسولة، وفيها الكثير من التقليدية، ومن الاستسهال، وهذا حال فيلم مثل "شوجر دادي"، من تأليف لؤى السيد، وإخراج محمود كامل، وبطولة ليلى علوي، وبيومى فؤاد، وحمدى الميرغني.
من الواضح أن الفيلم جاء استغلالا لنجاح فيلم "ماما حامل"، الذى كتبه لؤى وأخرجه كامل، وقام ببطولته الثلاثى ليلى علوي، وبيومى فؤاد، وحمدى الميرغني، بل إن ليلى لعبت فى "ماما حامل" دور زوجة بيومي، وأم الميرغني، وهو ما يتكرر فى "شوجر دادي"، ولكن من خلال سياق آخر، فبينما كانت حبكة "ماما حامل"، تدور حول إنجاب الأم فى سن كبيرة، وغيرة أولادها الكبار من المولود القادم، فإن "شوجر دادي"، يتناول أيضا تدخل الأولاد فى حياة الأبوين الكبار، ولكن بسبب مغامرات الأب "بيومى فؤاد"، الذى يفترض أنه يعانى من أزمة منتصف العمر، فيقع فى غرام راقصة، ويحاول الابنان إعادته إلى أسرته، بما يذكرنا بما فعله الأبناء مثلا فى ال مسرحية الشهيرة "العيال كبرت".
الفارق أيضا أن تجربة "شوجر دادي"، بالمقارنة بفيلم "ماما حامل"، أخذت طابعا أقرب إلى المسلسلات بحواراتها ومشاهدها الطويلة، وتميزت بانتقالات وقفزات وتحولات سريعة، ونهاية مفتعلة.
ورغم أن المكان الأساسى الذى تدور فيه الأحداث متسع وكبير، وهو شاطئ سهل حشيش، إلا أن ضعف الخيال، والعلاقات المحدودة، والمشاهد الطويلة نسبيا، لم تمنح الفيلم إيقاعا سريعا يناسبه، ويتسق مع نوعية الكوميديا الاجتماعية الخفيفة، التى يفترض أن العمل يندرج فى إطارها.
يقدم الفيلم العائلة من خلال مسابقة للإختراعات، يفوز بها الابن المهندس "حمدى الميرغني"، فى حضور والدته أميمة مديرة البنك "ليلى علوي"، ووالده شوقى " بيومى فؤاد "، والابن الثانى حسام طبيب أمراض النساء "مصطفى غريب "، وزوجته الغيورة "فرح الزاهد"، ثم نكتشف أن انشغال أميمة بعملها يحول دون استمرار العلاقة الحميمة مع زوجها، فينتهز أول فرصة، ويقبل دعوة أصدقائه إلى الملهى، وهناك يعجب بالراقصة الشرقية الروسية كاتى "جوهرة"، وفى قفزات سريعة يعرض عليها الزواج، بشرط أن تعتزل الرقص، على أن يكون ذلك بعد تعاقدها الأخير مع فندق فى سهل حشيش!
يعرف الشقيقان بأمر علاقة والدهما، وبدلا من أن يفسدا هذه المغامرة دون علم الأب، يقومان بمواجهته، فيطردهما، ولكنهما يواصلان المطاردة إلى سهل حشيش، وتنضم إليهما أميمة وزوجة الابن الغيورة.
تنحصر الأحداث على الشاطئ، ويقع ارتباك حقيقى بسبب إصرار الأب على الزواج من الراقصة كاتي، وعدم خوفه من ولديه، بينما يخفى الأمر عن الزوجة، وهو موقف ساذج وغريب، لأن الأمر سيتم معرفته فى النهاية، ولكنها محاولة السيناريو لخلق مفارقة ما، مع استغلال متكرر لغيرة زوجة الابن طبيب أمراض النساء.
يظهر خط آخر لقصة حب هى أضعف ما فى الفيلم بين الميرغني، وفتاة تدعى توتى "مى الغيطي"، هى بالمصادفة ابنة صاحب الفندق "محمد محمود"، وهو خط لا علاقة له بأزمة الزوج والراقصة، ولكنها محاولة لتوسيع علاقات محدودة بطبيعتها، رغم اتساع الشاطئ، وتزاحم السائحات على رماله.
تظهر شخصية زياد "تامر هجرس" بصورة مفتعلة كرجل وسيم وقوى البنيان، يثير غيرة شوقى على الراقصة كاتي، ولكن زياد يبدو مصلحا اجتماعيا، ويثرثر طوال الوقت بنصائح للجميع، وسنعرف فيما بعد سر حكايته، ولكن حتى قبل أن نعرف، فإنه يظل لافتا فى سلوكه المفتعل.
ولا يبقى فى النهاية، سوى حيلة مفبركة لكى تسامح الزوجة زوجها، فالرجال يتميزون بالطفاسة كما يقول زياد، وعلى الزوجة والأولاد أن يتحملوا نزق الأب بسبب هذه الطفاسة، المهم أن الأسرة متماسكة، وزوجة الابن الغيورة لم تعد غيورة، والمهندس المخترع سيخترع المزيد من الأجهزة، وإن كنا لم نعرف بالضبط مصير علاقته مع توتي.
لم يستطع الفيلم أن يخرج من دائرة المتوقع، ولم يقدم الكثير من المشاهد الضاحكة، وكان من السهل أن يتم حذف حكاية رفض فتاة للزواج من الابن المهندس قبل سفره إلى سهل حشيش، بينما بدت شخصية الراقصة متأرجحة بين أموال شوقي، وبين حيوية وأناقة وقوة زياد، وكانت شخصية الزوجة أميمة ضبابية، وغابت عن جزء كبير من بداية الفيلم، مع أنها محور الحكاية، فهى سبب طفشان الزوج، وصاحبة جهود استعادته.
من عيوب التجربة الجديدة أن تجد صعوبة فى تصديق أن تكون ليلى علوى أما للميرغنى ولمصطفى ، وعدم تدخل المخرج والمونتير فى ضبط إيقاع الكثير من المشاهد الطويلة، مثل مشهد لعبة الأفلام على الشاطئ، بوجود حشد من الممثلين.
بعض المشاهد تبدو أيضا مسرحية، بتكرار طرق الباب، ودخول الممثلين، مع اضطراب إنهاء المشهد بصورة ناجحة، ورغم وجود بعض الإيفيهات المضحكة، سواء من ببومى أو من الميرغني، إلا أن كثيرا من المشاهد ظلت عادية.
وبينما كان أداء ليلى علوى باهتا، جاء أداء فرح الزاهد شديد المبالغة والعصبية فى دور زوجة الابن الغيورة، واجتهد مصطفى غريب فى دور الابن الطبيب، وهو ممثل واعد، لو تم توظيفه فى أدوار مناسبة وملائمة.
"شوجر دادي" تجربة غير موفقة متعجلة، فيها الكثير من الاستسهال، ونجاح الفيلم خارج مصر وداخلها، لا يعنى التفوق والإجادة، ولكنه يعنى تشوق الجمهور لأفلام نجوم يحبونهم، وإعجابهم بهذه الأفلام الاجتماعية الخفيفة، التى تستحق إتقانا أفضل، واهتماما أكبر فى كتابتها وتنفيذها وتمثيلها، وخصوصا أنها تنافس أفلاما أمريكية، فيها الكثير من الإتقان والابتكار، والاجتهاد الأكبر فى العمل على الأفكار والمواقف والأحداث.