تُعدّ الهبة عبادةً من العبادات، وهي مُستحبّةٌ في الشريعة الإسلاميّة لما فيها من تأليف القلوب وحصول المودّة والألفة بين الناس، وتحصيلٌ للأجر والثواب عند الله تعالى.
وقد شرعها الله -عزّ وجلّ- لما لها من أثرٍ في توثيق عُرى العلاقات بين الناس، خاصةً إذا كانت لجارٍ أو قريبٍ أو ذي عداوةٍ، فقد تحصل الخصومات بين الناس، ويقع بذلك التدابر والتنافر، ممّا يُؤدّي إلى قطع الأرحام، فتكون الهبة وسيلةً لتصفية القلوب آنذاك، وسبباً في إزالة الفُرقة ونحوها، كما أنّها تُطهّر النفس من الشحّ والبخل والطمع، وتجلب للمسلم الأجر العظيم إن فعلها ابتغاء وجه الله تعالى.
وتُعرف الهديَّة في الاصطلاح بأنها: المال الذي أُتحِفَ به وأُهْدِيَ لأحدٍ إكرامًا له.
والفرق بينها وبين الهبة: أن كلًّا منهما: تمليكٌ في الحياة بلا عوض، غير أن الهبة يلزم فيها القبول عند أكثر الفقهاء، ولا يلزم ذلك في الهدية.
قالت دار الإفتاء المصرية: إن الهدايا، والصدقات، والتبرعات، وكل ما يُملَّك من غير عِوضٍ؛ هي من العطايا التي حبب فيها الشرع الشريف ودعا إلى فعلها كوجهٍ من وجوه البرِّ ومظهرٍ من مظاهر الخير؛ لِمَا فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عُرى المحبة، وسد الحاجات؛ قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾.
وأكدت الإفتاء أن النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهدية ويدعو لقبولها، ويُثيب عليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، وبوَّب عليه بقوله: (باب القليل من الهبة).