حورية عبيدة تكتب: «سبتمبر الشِّعر والحُب والمطر»

حورية عبيدة تكتب: «سبتمبر الشِّعر والحُب والمطر»حورية عبيدة تكتب: «سبتمبر الشِّعر والحُب والمطر»

* عاجل15-9-2018 | 13:01

حين يزداد عِشق الأرض للمطر بعد طول انتظار؛ يجيء سبتمبر/ أيلول في موعده، حاملاً معاني النقاء؛ والصفاء؛ والأحلام الوردية؛ وروعة الحُب؛ والشِّعر؛ والرومانسية.

هكذا أدركتْ ملائكية الصوت "فيروز"، فرغم تساقط أوراق شجره؛ واختفاء طيره وفراشاته؛ إلا أنها أزالت كآبة الخريف، ونضّرتْ ذبوله، وعدّلتْ مزاجه، ومسحتْ الحزن عن جبينه، بكلمات "جوزيف حرب" الرائقة؛ التي تفيض عذوبة تخترق المشاعر حين شدتْ: "ورقه الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك.. ذكَّرني وورقه ذهب مشغول ذكرني فيك.. رجع أيلول وإنت بعيد بغيمة حزينة قمرها وحيد.. بيصير يبكيني شتا أيلول ويفيقني عليك يا حبيبي.. ليالي شتا أيلول بتشبع عينك.. ياريت الريح إذا أنت نسِيت حبيبي أول الخريف وما جيت.. ينساها الحور وقمرها يغيب وليلها يطول.. ونبقى حبيبي غريبة وغريب أنا وأيلول.

وينثر "نزار قباني" رذاذ الماء على صحراء القلوب؛ فيجعله شهْر عودة الرومانسية؛ والحُب، والمطر، والجَمال، حين يمتعنا قائلاً: المطر عاد يا حبيبة المطر.. كالمجنون أخرُجُ إلى الشرفة لأستقبله.. وكالمجنون أتركه يبلل وجهي وثيابي.. ويحولني إلى اسفنجة بحرية.. المطر يعني عودة الضباب والقراميد* المُبللة.. والمواعيد المُبللة.. يعني عودتك وعودة الشِّعر.. أيلول يعني عودة أيدينا إلى الالتصاق.. وعطركِ الهندي الذي يخترقني كالسيف.. مطركِ يتساقط داخلي.. يصير مهراً عربياً.. يصير بجعة تسبح في ضوء القمر.

ولمطر سبتمبر أنشودة يتغنى بها "بدر شاكر السياب" سابحاً في عَين حبيته فيقول: عيناك غابتا نخيلٍ ساعة السَّحر.. أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر.. عيناك حين تبسمان تورق الكروم وترقص الأضواء.. كالأقمار في نهر برجه المجداف.. وهنأ ساعة السَّحر.. كأنما تنبض في غوريهما النجوم.. وتغرقان في ضباب مِن أسى شفيف.. كالبحر سرح اليدين فوقه الماء.. دفء الشتاء وارتعاشة الخريف.. أنشودة المطر.. مطر.. مطر .. مطر.. تثاءب الماء.. والغيوم ماتزال تسح ما تسح من دموعه الثّقال.. كأن طفلاً يهذي قبل أن ينام.. بأن أمَّه التي أفاق منذ عام فلم يجدها.. ثم حين لجّ في السؤال قالوا له: بعد غدٍ تعود، لابد أن تعود. ................ *القراميد: حجارة خاصة لأسطح المنازل.

أضف تعليق

إعلان آراك 2