في ذكرى ميلاده.. كيف جسد بهاء طاهر "المأساة الفلسطينية" في رواية الحب في المنفى ؟

في ذكرى ميلاده.. كيف جسد بهاء طاهر "المأساة الفلسطينية" في رواية الحب في المنفى ؟بهاء طاهر

ثقافة وفنون13-1-2024 | 17:44

تمر اليوم ذكرى ميلاد الروائي والأديب والمفكر بهاء طاهر الذي عاش ومات معبرًا عن الإنسان ومآسيه وأحلامه وأحزانه وجراحه، ومن هذه الروايات التي عبر فيها "طاهر" عن المآسي الفلسطينية ومنها مذيحة "صبرا وشاتيلا" في بيروت عام 1982، يث جسد بصدق وبعمق المأساة العربية وهي ترى الفلسطينيين جثثا وأشلاء أمام الكاميرات ولا تتحرك لذلك ساكنًاـ

المأساة تتكرر..

التاريخ يعيد نفسه وهو أكثر دموية ووحشية وماحدث بالأمس يحدث الآن في غزة وتحت سمع وبصر العالم، فلقد صور "طاهر" عمق المأساة في روايته "الحب في المنفى" قائلا في وصفه الأحداث التي تلت مذبحة صبرا وشاتيلا واصفا مشاهد تشبه المشاهد التي رأيناها على شاشات التليفزيون على لسان أبطال الرواية : "قال بصوت حاول أن يجعله هادئا: سيداتي وسادتي المشاهدين.. في خلال عشرين عاما من العمل هذه هي الرسالة التي تمنيت ألا أنقلها لكم".

يرتعش صوته مع ذلك وهو يقول: هذه أول مرة تدخل فيها الكاميرا إلى مخيم صبرا بعد المذابح ضد الفلسطينيين خلال الأيام الماضية..

تتجول الكاميرا بعد ذلك في صمت. تتجول وسط أزقة ضيقة. وسط بيوت مدمرة تبرز منها أسياخ حديد ملتوية وبقايا أثاث محطم ولكن لا مظهر لأي حياة تتحرك. ثم تتمهل الكاميرا وهي تنقل الصور من بعيد.

أكوام من الجثث ملقاة على الأرض.

جثث وراء جثث. وجثث فوق جثث..

كومة لجثث مختلطة لرجال ونساء ملقاة على وجوهها وجنوبها وظهورها.

كومة أخرى ترتمي على ظهورها وسيقانها منفرجة، نساء وأطفال..

كومة ثالثة جثث رجال منتفخة كأن جلودها وثيابها ستنفجر في أي لحظة.. بحيرات دم متجلط تحت الرءوس وجحول الأجساد.

جثث أخرى لرجال وأطفال يحتضنون بعضهم البعض بسواعد ملتوية..

جسد محشور يتدلى نصفه الأعلى فقط من بين الأنقاض ورأسه منكس في الأرض، رقبته من الخلف مجزوزة بالعرض..

طفلتان متجاورتان، نصفهما العلوي عار.. حاول أحد أن يغطي نصفهما السفلي بصحيفة مفتوحة فلم ينجح، تبرز السيقان الصغيرة منفرجة.

ترتعش الكاميرا عندهما وتقترب قليلًا، واحدة من الطفلتين في مكان العينين فجوتان تجلط فيهما الدم.

كومة جثث ممدودة الأذرع إلى جوار جدار مهدم، كأنها تتسلق بعضها البعض.. في الجدار ثقوب رصاص وخطوط دم بالطول.. أصابع جريحة كانت تتشبث قبل السقوط..

جثث كأنها تسجد إلى جوار حصان أبيض يرتمي على جنبه وجرح كبير يشق بطنه وقد انتفخ كفلاه وظل ذيله متشنجا.. إلى جواره عجوز أشيب تبرز ساقاه النحيلتان من جلباب أبيض، بجانب عكاز تمتد يده إليه وفي رأسه ثقب مدمم.

فوق الحصان ذباب كبير، وفوق الجثث ذباب كثير.

والغريب والمؤلم أنه لا يزال مسلسل الدم و الإبادة والقهر والاحتلال الغاشم مستمرا، ولكن في هذه المرة بدموية وعبثية ووحشية منقطعة النظير.

 <a class='inner-tag' href='Search/الحب-في-المنفى-.aspx?from=body'>  الحب  في  المنفى    </a> - كتاب صوتي - Bahaa Taher - Storytel

أضف تعليق

إعلان آراك 2