دعا الأمين العام لـ جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إلى وضع خطة عمل عاجلة ذات أفق زمني محدد لتنفيذ مضمون وثيقة الاستجابة الإنسانية التي تقدمت بها دولة فلسطين، والتي تشمل مختلف المجالات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في كل الأراضي الفلسطينية وتهدف إلى التخفيف من شدة الصعوبات المعيشية التي يكابدها الفلسطينيون بشكل يومي.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط، اليوم الخميس بالجلسة الافتتاحية للدورة العادية (113) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري برئاسة الأردن .
وقال أبو الغيط إن أعمال هذه الدورة تنعقد وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد والخطورة، مشيرا على نحو خاص إلى تلك التي يشهدها قطاع غزة الصامد منذ تاريخ 7 أكتوبر الماضي، وما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم إبادة جماعية ترتكبها قوة الاحتلال، وسط عجز دولي شجع الاحتلال على الاستمرار في همجيته.
وأضاف أن هذا الاحتلال لم يعد يخفي خططه الممعنة في الوحشية والمتجردة من كل الإنسانية، ونتابع جميعا بقلق شديد ما يعلن عنه قادة الاحتلال من عزمهم اجتياح مدينة رفح التي فرّ إليها أكثر من 1.4 مليون فلسطيني هربا من القصف العشوائي لباقي أراضي القطاع، منبها إلى أن هذا الاجتياح إن حدث، يهدد بكارثة إنسانية واشتعال للوضع الإقليمي على نحو نحذّر منه بشدة ومعنا عقلاء كثيرون عبر العالم -من بينهم حتى داعمون للاحتلال- من تبعاته وآثاره الممتدة على كل الأصعدة.
وناشد أبو الغيط كل الأطراف التي تدرك خطورة الموقف التحرك بشكل عاجل لوقف هذه الخطط الجنونية قبل فوات الأوان، مشيرا إلى أن تلك الأحداث الأليمة أزاحت الستار عن الوجه الحقيقي والقبيح للمعايير المزدوجة للسياسة الدولية، إذ تحطمت المبادئ وتلاشت حين اصطدمت بجدار الأمر الواقع.. وسقطت الأقنعة عن وجوه من يدّعون الدفاع عن القيم الإنسانية،أولئك الذين يدافعون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وينكرون أنها قوة محتلة أو يتعامون عن هذه الحقيقة ويلتفون عليها.
وتساءل أبو الغيط، ما قيمة العدالة والنظم الدولية إن ظلت عاجزة عن تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء هذه المذبحة اليومية البشعة؟!
وأكد أن العرب عبروا بوضوح وعلى نحو لا لبس فيه عن رفضهم القاطع لكل محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية وتهجير السكان من أراضيهم، مستغلة أحداث 7 أكتوبر لتسريع وتيرة تنفيذ مخططات التطهير العرقي وأوهام الانفراد بالأرض كلها من النهر إلى البحر، وكأنها أرض بلا سكان.
ووجه أبو الغيط حديثه للمشاركين في الاجتماع قائلاً، "إنكم تمثلون قطاعات الاقتصاد والتجارة والتنمية في الدول الأعضاء، وتدركون جيدا كيف يتأثر عموم المنطقة العربية سلباً عندما تتعرض أجزاء منها لأزمات عنيفة"، منبها إلى أن الحرب أدت إلى اضطراب طال الإقليم بأكمله، مع احتمالات بتصعيد أكبر للموقف، وما تمخض عن هذا كله من تبعات سلبية على الوضع الاقتصادي خاصة في ضوء التهديدات الأمنية المتزايدة في البحر الأحمر، والمخاوف من تعطل سلاسل الإمداد، فضلاً عن تراجع السياحة والأضرار التي أصابت مناخ الاستثمار.
وقال الأمين العام إن تواتر الأزمات جعل الأولويات العربية تركز في المرحلة الحالية على إنقاذ الحاضر، وتقليل الخسائر، بدلاً من التطلع للمستقبل، وعلينا أن ندرك أن هذه الصعوبات والأزمات تدفعنا إلى تعاضد أكبر، وتعاون أوثق، إذ لن تُحلّ المشكلات سوى بالعمل الجماعي على كل الأصعدة تحت مظلة الجامعة العربية التي يعد تحقيق الاستقرار والتنمية مقصدا رئيسا من مقاصدها السامية.
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية قد أعدت بالتعاون مع الإسكوا وثيقة "الرؤية العربية 2045"، والتي تم إطلاقها على هامش فعاليات الدورة 31 للجنة الإسكوا المنعقدة بمقر الأمانة العامة للجامعة في شهر ديسمبر الماضي، مضيفا "أن هذه الرؤية تعكس آمالنا وطموحاتنا المشتركة في غد أفضل لأبنائنا، وهي مقسمة إلى 6 محاور مترابطة ترتكز على قناعة راسخة لدينا بمزايا التضامن العربي، داعيا إلى الاطلاع عليها، ومتطلعا إلى الاستماع إلى الاقتراحات والتوصيات المفيدة في هذا الشأن.
وأشار أبو الغيط، في ختام كلمته، إلى أن اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي سيتناول عددا من الموضوعات المهمة المتعلقة بالتكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي، كما سيضطلع اجتماع اليوم أيضا بمهمة تحضير الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع للقمة العربية العادية المقبلة المقرر عقدها في مملكة البحرين الشقيقة يوم 16 مايو المقبل.
وكان الاجتماع قد بدأ بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء قطاع غزة.