رسالة قاضٍ مصري لرئيس العدل الدولية

رسالة قاضٍ مصري لرئيس العدل الدوليةقاضٍ مصري يوجه رسالة لرئيس محكمة العدل الدولية

بمناسبة الدراسة الدولية المتميزة للمفكر والمؤرخ القضائي ، القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان (انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولي ضد الشعوب المسلمة - قراءة في أحكام العدل الدولية النظيرة) تناول برسالة تاريخية إلي رئيس محكمة العدل الدولية القاضي اللبناني نواف سلام عن مدي ملاءمة قيام القاضية جوليا سيبوتيندي نائبة رئيس محكمة العدل الدولية – وهي أوغندية - بالمشاركة في نظر الرأي الاستشاري المعروض علي المحكمة في ضوء رأيها المخالف الفردي السابق بأن القضية سياسية وليست قانونية! ورفضت التدابير المؤقتة بحجة لا يوجد دليل علي الإبادة , مما يعد رأيها تسلباً لاختصاص المحكمة يفقدها حياد القاضي .

ونعرض لرسالة الفقيه المصري لرئيس محكمة العدل الدولية ضماناً للحيدة لأخطر ثاني منصب قضائي في المحكمة الدولية من أجل عدالة القضية الفلسطينية , في النقاط التالية : نائبة الرئيس أنكرت العدالة في إبادة غزة وانحازت لإسرائيل بحجة السياسية ! ولا تصلح لنظرها قضاءً أو افتاءً , والقاضي الدولي له وظيفة سامية بوضع الحلول للنزاعات الدولية علي قمتها الحفاظ علي الجنس البشري لا التنصل من اتفاقية منع الإبادة الجماعية , وكيف تنكر نائبة الرئيس اختصاص المحكمة في إبادة غزة ثم تعتلي منصتها في رأيها الاستشاري في الإحتلال الحربي ؟ وهي تفتقد مبدأ حياد القاضي بإنحيازها لإسرائيل! وتخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية و الصراع العربي الإسرائيلي كقضية سياسية!وشتان بينهما .

أولاً : القاضي الدولي له وظيفة سامية هي وضع الحلول للنزاعات بين الدول علي قمتها الحفاظ علي الجنس البشري لا التنصل من اتفاقية منع الإبادة الجماعية

يقول الدكتور محمد خفاجي السؤال المطروح علي العالم خاصة القاضي اللبناني نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية , هل القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي نائبة رئيس محكمة العدل الدولية تصلح للنظر في قضية فلسطين قضاءً وافتاءً ؟ خاصة حينما أفصحت برأيها المخالف عن إنكار ولاية والمحكمة بركيزة أن القضية سياسية وليست قانونية ! كما رفضت حتي التدابير المؤقتة بحجة عدم وجود دليل علي الإبادة ! مما يجعل النزاع بلا قاض أو محكمة تفصل فيه ؟

ويضيف الفقيه المصري أن القاضي الدولي ملزم بقواعد القانون الدولي وتحقيق الغاية من إنشاء محكمة العدل الدولية , فبموجب المادة الأولي من النظام الأساسي ل محكمة العدل الدولية " تُنشأ محكمة العدل الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتكون الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة وتعمل وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي" ومن ثم فالقاضي الدولي له وظيفة سامية هي وضع الحلول للنزاعات بين الدول خاصة تطبيق المعاهدات الدولية علي أطراف النزاع وعلي قمتها الحفاظ علي الجنس البشري باتفاقية منع الإبادة الجماعية , وحماية شعوبها من إبادتها ومنع تدمير مكوناتها تحقيقا للعدالة والمحافظة علي حقوق الأطراف من الضياع .

ثانياً : قواعد المحكمة حصنت قاضيها بأن يصدر قراراً فردياً مخالفاً في المسائل القانونية حمالة الأوجه, لا التنصل من اختصاصها وهو إنكار بغيض للعدالة
ويضيف الدكتور محمد خفاجي صحيح أن الفقرة الثانية من المادة (95) من قواعد المحكمة المعتمدة في 14 أبريل 1978 – التي دخلت حيز النفاذ في 1 يوليو 1978 - حصنت قاضي محكمة العدل الدولية ومنحته مكنة أن يصدر قراراً فردياً مخالفاً لحكم المحكمة : " يجوز لمن يرغب من القضاة أن يعلق علي الحكم رأياً فردياً، سواء كان مخالفاً للأغلبية أم لا. يجوز للقاضي الذي يرغب في تسجيل الموافقة أو المعارضة دون إبداء الأسباب أن يفعل ذلك في شكل إعلان. وينطبق الشيء نفسه أيضًا علي الأوامر الصادرة عن المحكمة."

ويؤكد لكن مناط تطبيق النص الدولي السالف بمكنة الرأي المخالف هو جواز السماح بالتعبير عن رأي قانوني بالمخالفة لرأي المحكمة من الناحية القانونية , فلا غبار إطلاقاً في الخلاف في المسائل القانونية حمالة الأوجه , لا التنصل من اختصاص المحكمة بحيث لا تجد قضية الإبادة الجماعية لشعب فلسطين قاضياً ينظرها , ولا محكمة تفصل فيها , ولا افتاء أيضاً يتعلق بالإحتلال الحربي وحكمه وطبيعته وأثاره , وفي ذلك إنكار بغيض للعدالة .
ثالثاً : كيف تنكر نائبة الرئيس اختصاص المحكمة في إبادة غزة ثم تعتلي منصتها في رأيها الاستشاري للإحتلال الحربي ؟ وهي تفتقد مبدأ حياد القاضي بإنحيازها لإسرائيل!

ويذكر الدكتور محمد خفاجي كيف تنكر نائبة رئيس محكمة العدل الدولية القاضية الأوغندية اختصاص المحكمة التي تعتلي منصتها في قضية الإبادة الجماعية لشعب فلسطين في قطاع غزة ثم تعتلي منصتها في رأيها الاستشاري للإحتلال الحربي ؟ وكيف تنكر ما تقضي به الفقرة الأولي من المادة (36) من النظام الأساسي ل محكمة العدل الدولية من أن يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التي يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات النافذة ؟ كيف تنكر فقرتها الثانية من جواز قيام الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي من أن تعلن في أي وقت أنها تعترف باختصاص المحكمة في جميع المنازعات القانونية المتعلقة بما يلي: تفسير معاهدة من المعاهدات - أية مسألة من مسائل القانون الدولي – تحقيق واقعة من الوقائع إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي - طبيعة التعويض أو مدي الجبر الذي يتعين تقديمه عن خرق التزام دولي.

ويضيف كيف تنكرت نائبة الرئيس من الفقرة السادسة الأخيرة من المادة (36) المشار إليها في حالة قيام نزاع بشأن ولاية المحكمة - أي اختصاص المحكمة – تفصل المحكمة في هذا النزاع بقرار منها , وقد فصلت المحكمة مجتمعة بجميع قضاتها سواها باختصاصها بنظر قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بالتدابير المؤقتة لمنع الإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة ! فكيف يتسني لها أن تتنصل منفردة بالخروج عن تطبيق اتفاقية منع الإبادة الجماعية , قاصدة غل يد المحكمة الدولية عن ممارسة اختصاصها الأصيل لنظر القضية والفصل فيها وحجب ولاية المحكمة عنها بحجة أن القضية سياسية ! ولا يمكن أن ينشطر وجدانها نصفين قضاءً أو افتاءً ؟

ويشير صحيح أن المادة (17) من النظام الأساسي ل محكمة العدل الدولية تحدثت عن حالات لا يصلح فيها قاضي بالمحكمة الدولية أن يفصل في النزاع المطروح عليها بأنه 1- لا يجوز لأي عضو من أعضاء المحكمة أن يتصرف كوكيل أو مستشار أو محام في أي قضية . 2- لا يجوز لأي عضو أن يشارك في القرار في أي قضية شارك فيها سابقًا كوكيل أو مستشار أو محامٍ لأحد الأطراف، أو كعضو في محكمة وطنية أو دولية، أو في لجنة تحقيق، أو بأي صفة أخري 3- يسوي أي شك في هذه النقطة بقرار من المحكمة. ولكن تلك الحالات تختلف اختلافا جذرياً عن حالة إنكار العدالة بالتسلب من ولاية المحكمة فتصبح القضية القانونية بلا قاض يفصل فيها ! ويتسلب اختصاص المحكمة القضائي والإفتائي في حالات وجوبه , مما يثير فوضي شريعة الغاب علي أرض فلسطين .

رابعاً : نائبة رئيس العدل الدولية تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية و الصراع العربي الإسرائيلي كقضية سياسية! وشتان بينهما :

يقول الدكتور محمد خفاجي إن القاضية الأوغندية التي تتبوأ منصباً رفيعاً كنائب رئيس محكمة العدل الدولية تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية و الصراع العربي الإسرائيلي كقضية سياسية ! , ف الإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة مسألة قانونية محضة وفقاً للاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية , تلزم المحكمة بالفصل فيها بقوة القانون الدولي وأحكام تلك الاتفاقية سواء فيما يتعلق بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية بموجب المادة التاسعة منها .ولا فكاك لها من الفصل في قضايا الإبادة الجماعية أو التنصل من اختصاصها بحجة السياسة! , كما أن الإحتلال الحربي المعروض علي المحكمة في الرأي الاستشاري أيضاً مسألة قانونية محضة .

ويضيف أما الصراع العربي الإسرائيلي بشأن فلسطين، فهو عبارة عن قضية سياسية بين العرب ككل وإسرائيل الغاصبة ,هو الصراع السياسي في الشرق الأوسط، سواء كان بين دولة إسرائيل والدول العربية بسبب العنف بين اليهود والفلسطينيين، بل هي القضية السياسية الرئيسية الأولي المثيرة للقلق الإقليمي في جميع أنحاء الشرق الأوسط لأكثر من قرن من الزمان. وقد فشل المجتمع الدولي وأجهزته المعنية في حل قضية الصراع العربي الإسرائيلي بسبب فلسطين الذي يؤثر علي استقرار المنطقة وديناميكياتها الجيوسياسية وفي تشكيل الرأي العام العالمي , وتدخل أمريكا وحمايتها الكاملة لإسرائيل الصغيرة وإمدادها بالأسلحة المتطورة لا شك من شأنه الحد كثيراً من الخيارات المتاحة أمام القادة العرب.

ويشير بهذه المثابة فإن الصراع العربي الإسرائيلي بشأن فلسطين قضية سياسية إقليمية أساسية في السياق التاريخي ترتبط بتوجهات عدة دول وتأثيرها خارج المنطقة , فقد سقطت "عملية السلام" في أوسلو وفشلت في تحقيق سلام عادل ومستدام في إطار عملية السلام في "حل الدولتين". وهذا الفشل والسقوط أدي إلي تفاقم المشاكل الإقليمية الحالية , مما يستنهض عدل المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في فشل حل الدولتين في البحث عن حلول وإجراءات بديلة للوصول إلي تلك القضية السياسية .

ويوضح هذا بالضبط ما غم علي فكر القاضية الأوغندية نائبة رئيس محكمة العدل الدولية , وهو الخلط بين القانون والسياسة بشأن شعب فلسطين , ف الإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة قضية قانونية تختص بها محكمة العدل الدولية ,والإحتلال الحربي من إسرائيل للأراضي الفلسطينية تختص المحكمة بالافتاء فيه , بينما الصراع العربي الإسرائيلي بشأن اليهود والفلسطينيين قضية سياسية تخرج عن نطاق اختصاص المحكمة ويتم تسويتها بالطرق الدبلوماسية , وشتان بين الأمرين يا سيادة نائبة رئيس العدل الدولية !

ويختتم الفقيه المصري أن المبادئ العامة للقانون باتت مصدراً من مصادر القانون الدولي من المسلمات القانونية, وأدعو نائبة رئيس محكمة العدل الدولية الرجوع إلي حكم محكمة العدل الدولية الذي أشارت فيه المحكمة إلي المبادئ التي تقوم عليها اتفاقية منع الإبادة الجماعية بوصفها مبادئ تعترف بها الأمم المتمدينة وأنها ملزمة للدول ؟ أدعوكي يا سيادة نائبة الرئيس للاطلاع علي قضية نيكاراجوا التي أشارت فيها العدل الدولية إلي المبادئ العامة الأساسية للقانون الإنساني ؟ أدعوكي إلي تصفح الحكم الصادر في قضية تيمور الشرقية الذي أشارت فيه المحكمة إلي مبدأ تقرير الشعوب مصيرها باعتباره أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي المعاصر ؟ وغيرها من الأحكام التي تجعل رأيك المخالف لقرار المحكمة والذي تنكرين فيه ولاية المحكمة هو والعدم سواء , فلا تصلحين لإعتلاء منصتها لنظر قضية فلسطين قضاءً أو افتاءً .

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2