نعم.. في وداع رجل محترم.. وأستاذ قدير وفقيه قانوني رفيع المستوى
بدأت علاقتى مع الراحل الكبير فى ثمانينيات القرن الماضي، عندما بدأت عملى ب مجلة أكتوبر (محررا قضائيا)، وكان هو من أعلام المحاماة فى مصر، خاصة فى قضايا الجنايات، وبدأت العلاقة بتقدير كامل لكتبه ومرافعاته واهتمام ورعاية لى من جانبه، لدرجة أنه عندما كان يشارك فى إحدى البرامج أو اللقاءات التليفزيونية كان يتصل بى ليسعدنى بزيارته، ونتناول القهوة فى مكتبي.. مع الدردشة الصحفية والقانونية اللطيفة والمحببة.
ثم تصادف أننى ذهبت لأداء فريضة الحج، وعندما دخلت صحن الكعبة بهرتنى أنوارها فوقفت مكانى وأجهشت فى البكاء حمدًا وشكرًا لله الذى مكننى من أداء الفريضة وزيارة بيته المعمور.
ووجدت أيادى تربت على كتفى فى حنان بالغ مع تساؤل ملهوف: محمد ماذا يبكيك؟! ولم أجب.. واكتفيت بالإشارة إلى الكعبة المشرفة ، ففوجئت بأستاذى أحمد فتحى سرور يحتضننى بشدة ويقبل رأسى ويدعو لي، وظللنا كذلك لما يزيد على 10 دقائق، وبعدها عرفنى بزوجته الفاضلة.. وطفنا معا.
وبعدها بعدة سنوات، وكان عميدًا لكلية الحقوق طلبنى ليسألنى عن مقال بالمجلة بعنوان (هل تقبل المحكمة مبادرة عصمت السادات؟!).
وكان السؤال من شقين: هل تستعينوا بقانونيين بالمجلة؟.. ومن هو كاتب المقال؟
وكانت المفاجأة عندما أخبرته أن الكاتب تلميذك وحبيبك محمد نجم! فعقّب بسرور: أنت دارس صحافة مالك ومال القانون؟! فكانت إجابتى إننى تلميذك أنت وأحمد الخواجة ( نقيب المحامين الأسبق) ووجدى عبد الصمد (رئيس محكمة النقض الأسبق)، فكان رده: خلاص.. تدرس قانون.. هات ملفك ونلتقى مساءً بمكتبى بجاردن سيتي.
وهو ما حدث فعلا.. وألحقنى بكلية الحقوق جامعة القاهرة (انتساب)، وانتظمت فى الدراسة لمدة أربعة سنوات، وحصلت على الليسانس بتقدير جيد جدًا، وبعدها تخصصت للعمل فى الاقتصاد.
ولكن ظلت علاقتى وطيدة بأستاذى وهو نائب رئيس جامعة القاهرة ، ثم وزيرًا للتعليم، ثم رئيسًا لمجلس الشعب.
وكان من أدبه الشديد لا ينادينى إلا بأستاذ محمد، وأثناء الحوار (يا نجم بيه).
وفى أحداث يناير 2011، حدث ما حدث واتصلت به أكثر أكثر من مرة، ثم باعدت بيننا الأيام والسنون إلى أن تلقيت خبر وفاته.
رحم الله الفقيه المحترم.. والرجل المهذب.. أستاذى د. أحمد فتحى سرور .