يثور التساؤل عن أسباب الموقف الثابت لـ مصر – وهو موقف تاريخي – عن رفض التهجير القسرى للفلسطينيين الذى تسعى إليه إسرائيل بتنفيذها استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع لتنفيذ مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء، وهو ما ترفضه مصر بثبات حفاظاً على وطن فلسطين وعدم تصفية القضية الفلسطينية وحفظاً للأمن القومي المصري، رغم ما تقوم به إسرائيل من فظائع جرائم حرب وضد الإنسانية بالمخالفة الصارخة للقانون الدولى.
وفي سبيل معركة الوعي القومي العربي والمصري نعرض للدراسة المهمة للمفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان (لماذا ترفض مصر التهجير القسرى للفلسطينيين؟ نظرات في معركة الوعي) ونعرض لدراسة الفقيه المصري في الجزء الثالث في نقاط أربع:
إسرائيل عام 1967 حلت المجلس البلدي للقدس الشرقية، وضمت أراضيه إلى بلدية القدس الغربية الإسرائيلية بإجراءات "باطلة"
يقول الدكتور محمد خفاجى: " إسرائيل عام 1967 حلت المجلس البلدي للقدس الشرقية، وضمت أراضيه إلى بلدية القدس الغربية الإسرائيلية بإجراءات "باطلة" بحكم العدل الدولية، فالاحتلال العسكري الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967، ثم ضمها نتيجة للحرب التي شنتها في 5 يونيه 1967 غير مشروع، وتعتبر أفعالها في القدس الشرقية انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب والقانون الدولي فيما يتعلق بإدارة الأراضي المحتلة".
ويضيف: "من بين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل عام 1967 أنها حلت المجلس البلدي للقدس الشرقية، وضمت أراضيه إلى بلدية القدس الغربية الإسرائيلية، وتوسيع حدودها من خلال دمج أراضي إضافية في الضفة الغربية وهو ما تم ادانته بأغلبية كبيرة قرارات الجمعية العامة رقم 2253، التي وصفت تصرفات إسرائيل بأنها "باطلة"، ودعاها إلى إلغاء تدابيرها والكف فوراً عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يغير وضع القدس، وفي عام 1968 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 252، بأن جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل والتي تهدف إلى تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة ولا يمكنها تغيير هذا الوضع، طالبًا من إسرائيل إلغاء جميع هذه الإجراءات التي اتخذتها بالفعل والكف عن اتخاذ أي إجراء آخر من شأنه تغيير وضع القدس".
جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ عام 1967 بالاستيطان لتغيير طابع القدس الشرقية باطلة وليس لها أي شرعية بحكم العدل الدولية
ويذكر الدكتور محمد خفاجى: "جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ عام 1967 بالاستيطان لتغيير طابع القدس الشرقية باطلة وليس لها أي شرعية قانونية بحكم العدل الدولية، إذ سعت إسرائيل على مدار عدة عقود تالية لعام 1967 إلى إحداث تغيير جذري في جغرافية وديموغرافيا القدس الشرقية، من خلال إنشاء وتوسيع المستوطنات بشكل منهجي داخل القدس الشرقية وما حولها في محاولة لتفتيت المدينة العربية الفلسطينية".
ويضيف: "وما ارتكبته إسرائيل بالاستيطان للقدس الشرقية يعد انتهاكا للقانون الدولي، والاستيطان وفقا لاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 انتهاكات جسيمة، ويعد من جرائم الحرب، لذا تم إحالة سلوك إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية، التي أصدرت حكمًا مهما عام 2004 يؤكد من جديد المبدأ القائل بأن جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ عام 1967 لتغيير طابع القدس الشرقية ليس لها أي شرعية قانونية ومن ثم لاغية وباطلة".
القوات الصهيونية دمرت في القرن الماضي 531 بلدة وقرية فلسطينية، وقتلت 15 ألف فلسطيني والتاريخ يعيد نفسه والمهجرين قسرياً في الشتات 6.567 مليون فلسطيني وهو ما لا تسمح به مصر حفظاً لفلسطين وبقاءً لشعبها فوق أراضيه
ويضيف: "الاستخدام المنهجي والمفرط للقوة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، ضد الفلسطينيين في جميع الأراضى الفلسطينية خاصة الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والتحريض العنصري على العنف وجرائم الكراهية إنها جراح نكبة 1948 التي مازال نهجها مستمرًا لدى إسرائيل، فالقوات الصهيونية بين عامي 1947 و1949، دمرت ما لا يقل عن 531 بلدة وقرية فلسطينية، وقتلت 15 ألف فلسطيني تقريباً، وأصبح ما بين 750.000 و900.000 لاجئًا أو نازحًا داخليًا بعد أن تم تهجيرهم قسرياً من منازلهم وأراضيهم، حتى وصل عدد المهجرين قسريًا من فلسطين 6.567 مليون في المنفى والشتات خارج وطنهم الأم".
ويختتم " تواصل إسرائيل، المتأصلة في نظام الفصل العنصري والاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، تنفيذ سياساتها وممارساتها غير القانونية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك من خلال الاستيلاء على الموارد الطبيعية، والحرمان من حقوق الإقامة، وهدم المنازل، والتخطيط وتقسيم المناطق التمييزية وأدوات الفصل العنصري لخلق بيئة قسرية للفلسطينيين أينما كانوا كي يرحلوا عن بلادهم، وهو ما تريده إسرائيل عام 2024 بتهجيرهم إلى سيناء، وهو ما لا تسمح به مصر حفظاً لفلسطين وبقاءً لشعبها فوق أراضيه، وهو غاية موقف قادتها الثابت في رفض التهجير القسري مراعاة للأمن القومي المصري والعربي معاً ".
قانون الكنيست ب القدس الكاملة الموحدة عاصمة إسرائيل معدومًا .. وقرارين للمنظمة الدولية يبطلان سيادة إسرائيل غير المشروعة على القدس الشرقية
ويذكر: "قراري مجلس الأمن رقمى 465 و 478 عام 1980 يبطلان سيادة إسرائيل غير المشروعة على القدس الشرقية، فقرار مجلس الأمن رقم 465 لسنة 1980 يقضي بأن جميع التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير الطابع المادي، والتركيبة الديموغرافية، والهيكل المؤسسي أو وضع الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس، أو أي جزء منها، ليس لها أي شرعية قانونية، وأن سياسة إسرائيل بتوطين أجزاء من سكانها والمهاجرين الجدد في تلك الأراضي انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، كما تشكل عائقًا خطيرًا أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط".
ويشير: "أما قرار مجلس الأمن رقم 478 لسنة 1980 فقد جاء ردًا على اعتماد البرلمان الإسرائيلي – الكنيست - في 30 يوليو 1980 للقانون الأساسي الذي أعلن أن القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل معلنًا أن التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، والتي غيرت أو تهدف إلى تغيير طابع ووضع مدينة القدس المقدسة، تعتبر لاغية ويعد هذا العمل التشريعي الإسرائيلي معدومًا لا تقوم له قيامة لمخالفته أحكام القانون الدولي".