ربما أضفت تبعية معهد التخطيط القومى لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وكذلك تخصص "الآباء المؤسسين" مثل د. حلمى عبد الرحمن وإسماعيل صبرى والجنزورى.. الطابع الاقتصادى لمهام المعهد ونشاطه، فى حين أنه أنشئ منذ 65 عامًا لتحسين منهجية وأفكار التخطيط العلمى فى مصر.
ويحاول د. أشرف العربى، الرئيس الحالى، إعادة الطبيعة القومية من خلال "التخطيط العلمى" لقضايا المجتمع الأساسية من صحة وتعليم وثقافة وعدالة وتنمية.. إلخ، فكلها مترابطة، وتستوجب تحسين جودتها وكفاءة القائمين بها.
أقول ذلك.. من خلال متابعتى للمؤتمرات السنوية والحلقات النقاشية والدراسات المختلفة للمعهد فى العامين الآخرين.
ومؤخرًا.. نظّم المعهد مؤتمرًا موسعًا بعنوان الصحة والتنمية المستدامة، بالتعاون مع جامعة كولومبيا وهيئة المعونة الأمريكية، حشد له العديد من الخبرات المحلية والدولية، وشارك فى جلساته جميع وزراء الصحة السابقين وكبار العاملين فى القطاع، كما افتتح المؤتمر د. هالة السعيد ود. خالد عبد الغفار وتحاورا مع المشاركين فيه.
وكشفت مناقشات المؤتمر أننا حققنا إنجازات ملحوظة فى هذا القطاع الحيوى من خلال المبادرات الرئاسية المتتالية، لكن مازالت التحديات كثيرة وتحتاج لجهود مضنية، أولها التمويل، ثم العجز فى الأطباء والممرضين، والأسرّة فى المستشفيات.
والطبيعى.. أن تتاح جميع الخدمات الصحية الشاملة لكل المواطنين وفى حدود إمكانياتهم.
لكن بسبب ضعف التمويل، والذى لم يتجاوز 1.20% من الناتج المحلى، فأكثر من 70% من موارد النظام الصحى جاءت من مدفوعات الأفراد.
والمفاجأة.. أن نظام التأمين الصحى الجديد لم يطبق سوى على خمسة ملايين مواطن فى خمس محافظات – كمرحلة أولى – وهى الأقصر وأسوان وسيناء والإسماعيلية وبورسعيد، وهو ما يعنى أننا نحتاج لسنوات عديدة لتعميم النظام الجديد فى بقية المحافظات الـ27، أو كما قيل: لكى نضع أقدامنا على "التراك الصحى" المتعارف عليه عالميًا!
نعم لدينا تحسن ملحوظ فى المؤشرات الصحية، لكن مازلنا نحتاج لتحسين الإدارة ورفع كفاءة القائمين على المنظومة كلها، وتحقيق تكافؤ الفرص فى الحصول على العلاج، مع البحث عن مصادر تمويل مبتكرة، ومشاركة مجتمعية فاعلة.
ولقد كشف المؤتمر عن قدرات إدارية هائلة للدكتورة هالة أبو على، وقدرات فنية ومالية لـ مى فريد، المدير التنفيذى لهيئة التأمين الصحى الشامل .
الصحة تاج على رءوس البشر، كما أنها استثمار مضمون العائد.