أكدت الدكتورة شريفة نعمان العمادي المدير التنفيذي لـ معهد الدوحة الدولي للأسرة، أن اقتراح البرامج التداخلية المعالجة مظاهر الخلل في العلاقات الزوجية خلال السنوات الأولى لزواج في العالم العربي.
وقالت السفيرة "العمادي" في افتتاح فعالية إطلاق التقرير الختامي لدراسة تقييم العلاقات الزوجية خلال الخمس سنوات الأولى للزواج في العالم العربي، بالشراكة مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، واضعين بين إيديكم هذه المبادرة العلمية المرتكزة على دراسة استطلاعية شملت 20 دولة عربية، تمكنا من خلالها رصد مسببات النجاح والتحديات.
لافتة إلى الوصف القرآني للزواج الذي أسماه الله عز وجل في كتابه الكريم بـ"ميثاقاً غليظاً"، هذا الميثاق الغليظ ليست رابطة كأي رابطة تشاركية تقام في أعراف البشر، ولكنها الرابطة التي تؤسس لنواة بناء المجتمعات والأمم، ومن ثم أجلَّ اللهُ هذه الرابطة وقدّسها بـالقول "وأخذنا منكم ميثاقاً غليظا" أي عهداً وثيقاً مؤكداً يصعب انفكاكه. وقد وردت هذه الآية في سورة النساء، وهي ثاني أطول السور القرآنية، والتي تميزت بأنها جمعت بين تقرير عقيدة التوحيد و الإيمان بالله واليوم الآخر وتنظيم الروابط الاجتماعية ومعاني التكافل والعلاقات الأسرية والتراحم.
وأضافت، أن الخطاب القرآني في مواضع أخري يذكرنا بأن الزوجين من نفس واحدة ويجمعهما "السكن" بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ وقيم، وتجمعهما المودة والرحمة، فيقول الله تعالى في (سورة الروم)، بسم الله الرحمن الرحيم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً".
وقالت أن، أواخر عام 2019 في (الدوحة) أطلق المعهد بالشراكة مع جامعة الدول العربية كتاب "حالة الزواج في العالم العربي" والذي يعد الأول من نوعه الذي يتناول بشكل مجمل وشمولي كافة الأبعاد المتعلقة بالزواج في العالم العربي منها الاختيار الزواجي، والأنماط التقليدية والمستحدثة للزواج، ومسألة العمر والزواج، والعلاقات الزوجية، وتشابك الزواج مع منظومات التعليم العمل والاقتصاد، إلى غير ذلك من الجوانب التحليلية لظاهرة الزواج في الإثني وعشرين دولة عربية.
لافتة أن، ما استدعى الانتباه والتوقف في هذا الكتاب أن الإحصاءات تشير إلى أن نسب الطلاق تتزايد في السنوات الأولى للزواج، وهذا في كافة الدول العربية بلا استثناء، وأن هناك علاقة ارتباطية بين مدة الزواج واستمراريته، بمعنى أنه كلما تجاوز الزوجان الفترات الأولى للزواج تزيد احتمالية استدامة مؤسسة الزواج.
وشددت على، أهمية أن نؤسس لفهم علمي ودقيق للعلاقات الزوجية، بالأخص ما يحدث في السنوات الأولى يؤدي إلى الطلاق والتفكك المبكر لمؤسسة الزواج، وما يمكن كذلك أن يمثل عوامل قوة ووقاية لاستدامة الزواج. ومن ثم عملنا بشكل مشترك جنباً إلى جنب مع قطاع الشؤون الاجتماعية بالأمانة العامة ل جامعة الدول العربية في مشروع بحثي حول "تقييم العلاقات الزوجية خلال الخمس سنوات الأولى للزواج في العالم العربي".
وأشادت بإطلاق فعالية تقرير هذا المشروع، الذي مثل لنا مساحة للوقوف العلمي على أسباب الطلاق المبكر، فعلى الرغم من وجود العديد من البحوث وأطروحات الدكتوراة التي تناولت هذه الظاهرة، ولكن تمثل هذه الدراسة الأولى من نوعها من حيث رافدين؛ أولهما الشمول في العينة الكمية المستجيبة من الدول العربية وتمثيل أقطارها المختلفة: المشرق والمغرب والخليج والدول الأقل تقدماً، ومن حيث الشمول المواضيعي المحدد حول العلاقات الزوجية وتقديم بدائل سياساتية وبرامجية لدعم استمرار مؤسسة الزواج واستدامتها.
وأكدت، إنه لم يكن لنا القيام بهذه الجهود دون الشراكة المؤسسية الراسخة مع جامعة الدول العربية، فقد تم توزيع الاستبيان وفقاً لآليات عمل الجامعة العربية، وكان هناك تفاعلاً من قبل الدول واستجابات المندوبيات حتى في تنقيح التقرير والمرئيات المشتركة، ما جعل التقرير الختامي يؤخذ به كوثيقة استرشادية للدول الأعضاء وفقاً للقرار الصادر عن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب رقم (1014) في دورته العادية (43)، بجمهورية مصر العربية.
وأخيرًا، أشارت إلى عدة توصيات هامة منها، خريطة مسببات التفكك المبكر لمؤسسة الزواج، وما تضمنته من أسباب لا تبدو تقليدية، فنجد أن أحد الأسباب هي المقارنات بالفاشونيستا والتأثر بالسوشيال ميديا، أو على سبيل المثال، أحد الأسباب التي أوردها الشباب هو قناعات الزوجات بالنسوية والتأثر بأفكارها. فما أريد التأكيد عليه هو أنه على الرغم من أن هذه الأسباب لم تأخذ حيزاً كبيراً من إجمالي المسببات من حيث النسب الإحصائية، إلا أنها تستدعي العمل البحثي المواكب لهذه الأنماط من الأسباب المعاصرة، والخروج أيضاً بتوصيات خارج أنماط كلاسيكية الصندوق.
وأشارت إلى، التوصية الثانية التي توقف عندها، وهي المتعلقة بالعمل المشترك ما بعد التقرير، فـ معهد الدوحة الدولي للأسرة كبيت خبرة عربي، لا يهدف بإنتاج الدراسات إلى التوقف عند رصد الظواهر وفهمها فحسب، ولكن يسعى لمحاولة التأثير في السياسات والبرامج التدخلية التي تسهم في حل الظاهرة، ومن ثم اقترحنا في هذا التقرير أن تكون هناك برامج تأهيل للمقبلين على الزواج مبنية على الأدلة العلمية التي أسسها هذا التقرير.
وأنوه في هذا الصدد، أنه معكم وبكم من خلال هذه الفاعلية سنتدارس بالأخص في ورش العمل خلال اليوم الثاني، كيفية الخروج ببرنامج تأهيل للمقبلين على الزواج يكون استرشادياً على مستوى العالم العربي، بل إننا نسعى كذلك إلى مناصرة فكرة جعل هذه البرامج إجبارية كما حدث من تجارب أثبتت نجاحات في دول أخرى كرخصة الزواج في ماليزيا.