بوسة من روقه

بوسة من روقهسعيد صلاح

الرأى21-7-2024 | 15:11

- بوسه من بوقه.

- بس دا جربان.

- بوس الباشا من بوقه.

- عاش رشدي الخيال نصير الفقراء والجربانين.. عاش الجربانين.

حوار عبقري في فيلم طيور الظلام للكاتب الفذ وحيد حامد رحمة الله عليه يشير فيه إلي أهمية ما يمكن أن تقوم به "لقطة" ما في حسم معركة أو ترك انطباع ما لدي الغير أو توصيل رسالة ضمنية لمن يتابع أو يشاهد أو حتي يراقب.

في هذا المشهد إن كان يشير إلي تلك الأهمية التي تلعبها اللقطة فهو أيضا يشير إلي أهمية أخري، وهي إيمان ويقين من يقوم بهذه اللقطة في مدي تأثيرها علي المتلقي.

و"اللقطة" التي نحن بصدد الحديث عنها كانت للأسف مؤخرًا هي الشغل الشاغل لعدد ليس قليل من مسئولي الحكومة الذين تم تكليفهم مؤخرًا، فمنذ الأوقات الأولي لتولي عدد من الوزراء والمحافظين المسئولية راحوا يطبقون المثل الشعبي القائل "الغربال الجديد ليه شدة" منهم من ذهب إلي مكتبه بعد منتصف الليل، ومنهم من نزل الشارع في جولات ميدانية والتقي بالأهالي.

وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي عددًا كبيرًا من هذه المشاهد التي تسبب بعضها في لغط كبير بين المواطنين ولعل أشهر هذه المواقف ما فعله محافظ الدقهلية والذي ظل يتتبع أكياس العيش المدعم حتي توصل إليها في بيت رجل بسيط وأخرجها بنفسه في أداء درامي تسجله كاميرات المرافقين وكأنه ضبط ضبطية كبيرة دون أن يكلف نفسه دقائق قليلة يسأل فيها عن الحقيقة وراء تواجد أرغفة العيش بهذه الكمية عند هذا الرجل ودون أن يلتفت وهو رجل شرطة إلي إجراء دخوله بيت المواطن بهذه الطريقة، وهل في هذا مخالفة قانونية أو حتي إنسانية، والمفاجأة أن تنكشف حقيقة الخبز ويتبين أن سيدة بسيطة تقوم بتجميعه ثم توصيله إلي أصحابه في بيوتهم مقابل أجر متفق عليه، وأن هذه الطريقة هي مصدر رزقها الذي تنفق منه علي أبنائها، وينتهي المشهد وتبقي "اللقطة" التي أراد بها المحافظ أن يظهر للجميع أنه واخد المسألة جد أهو من أول يوم.

ومن هذه اللقطة إلي أخري والتي شغلتنا جميعا في نهاية الأسبوع الماضي وهي لقطة محافظ سوهاج وطبيبة المستشفي، محافظ سوهاج وهو أستاذ قانون لم ينتبه أيضا إلي مدي مخالفة تصرفه من عدمه، وأخذ فقط "اللقطة" التي سجلها بالطبع مرافقيه الذين لم يهتموا بتسجيل الحالة المزرية التي كانت عليها المستشفي من قصور في الإمكانات وغيرها والمعاناة التي يعانيها المرضي، ومنهم الطفل الذي كان بطل القصة والحوار الذي دار بين الطبيبة والمحافظ.

هذا المشهد انتهي هو الآخر باعتذار دون أن يلتفت أحد إلي أهمية أن يكون الاعتذار أيضا لذلك الطفل ووالده الذين قالوا إنهم ذاقوا الأمرين ليتمكنوا من أخذ جزء بسيط من حقهم في العلاج.
شيء محمود أن تكون لدينا ثقافة الاعتذار وأن تتواجد وتتأصل في ثقافة وفكر المسئولين، فلقد اعتذر رئيس الوزراء ووزير الصحة والمحافظ للطبيبة.. وبقي الطفل ووالده وبقيت حالة المستشفي التي تعاني من ضعف الإمكانات وخلافه.

ليس عيبا ولا مرفوضا أن يأخذ المسئول مسئولية بمحمل من الجد الزائد ويعمل من أول يوم تكليف حتي آخر يوم بجدية وإخلاص، ولكن العيب أن تكون "اللقطة" هي همنا الأول، لسنا في حاجة إلي وزراء "لقطة" أو محافظين "لقطة".. نحن في حاجة إلي وزراء ومحافظين يعملون بجد واجتهاد من أول يوم تكليف حتي آخر يوم.

وكنت قد أشرت في المقال السابق إلي أن "الأداء الضعيف" فساد، وهي مقولة للرئيس عبد الفتاح السيسي عندما تحدث عن الفساد وبدأ معركة مواجهته منذ توليه المسئولية، نعم الأداء المتواضع "فساد"، علينا جميعا أن نجتهد ونبذل قصاري جهدنا من أجل هذا الوطن، فهو والله يستحق وليس علينا أن نبحث فقط عن "اللقطة".

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن.

أضف تعليق

عُمان الخير والسلام تسقط خفافيش الظلام

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين

الاكثر قراءة

تسوق مع جوميا
إعلان آراك 2