خاص| المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني: جثامين الشهداء في قطاع غزة تأكلها الكلاب والقطط

خاص| المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني: جثامين الشهداء في قطاع غزة تأكلها الكلاب والقططجثامين الشهداء في قطاع غزة

عرب وعالم30-7-2024 | 20:36

يشهد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر حالة من الانهيار والنزيف المستمر جراء حرب الإبادة المستمرة على القطاع.

المأساة بدأت منذ عشرة أشهر، تعمد خلالها الاحتلال الإسرائيلي استهداف البشر والحجر والشجر إضافة للقطاعات الحيوية والطبية والإنسانية، ومنها جهاز الدفاع المدني، الذي تعمد الاحتلال منذ بداية عدوانه على قطاع غزة قصف طواقمه ومعداته التي كانت قبل الحرب تصنف على إنها متواضعة؛ نتيجة للحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 18 عامًا.
تحديات كبيرة فرضتها حرب الإبادة على القطاع ووضعتها آلة الحرب الإسرائيلية على طاولة رجال الدفاع المدني الفلسطيني، أبرزها فقدان الجهاز الإغاثي نحو 80% من معداته أثناء الحرب، واستشهاد عدد كبير من طواقمه ناهيك عن منع الاحتلال الإسرائيلي معظم الأحيان لرجال الدفاع المدني الوصول إلى أماكن الاستهدافات، لانتشال الجثامين الشهداء .

وفي هذا السياق.. يكشف المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بصل، لـ« دار المعارف »، كيف يبدو المشهد داخل قطاع غزة عقب مرور عشرة أشهر من الحرب.. و آلية عمل جهاز الدفاع المدني في ظل ظروف أقل ما يقال عنها إنها قاهرة.

الدور الرئيسي للدفاع المدني هو حماية أرواح المواطنين من مخاطر الكوارث والحروب.. لو تحدثنا عن ألية عملكم في ظل الحرب ونقص الإمكانات التي يعاني منها جهاز الدفاع المدني الفلسطيني ؟

دورنا يتمثل في حماية الأرواح والممتلكات، وتقديم المساعدة للمواطنين سواءً كانت هذه المساعدة عبارة عن عمليات إنقاذ أو أطفاء أو إسعاف، ولكن الوضع مختلف لدينا حيث نتعرض لاستهداف إسرائيلي ممنهج منذ بداية الحرب؛ مما خلق تحديات جسيمة أمامنا في ظل إنهيار بل إنعدام الإمكانيات التي تساعدنا في القيام بدورنا الطبيعي.. لكن ما زالنا نحاول بقدر ما يمكننا أن نغطي بقدر ما نستطيع.

كيف يمكن توصيف المشهد في قطاع غزة في ظل المجازر اليومية التي يقوم بها الاحتلال ؟

المشهد في القطاع يصعبُ شرحه ولا يمكن لعقل بشري أن يتخيله الوصف صعب جدًا.. جميع الأحداث مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، على مدار المعاناة التي تشهدها القضية الفلسطينية منذ عقود لم يمر على فلسطين مثل ما يمر عليها من خراب وتدمير مثل الآن.

الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 48 وحتي هذه اللحظة لم يرتكب أعمال غاشمة مثل الذي يرتكبها في هذه الحرب المجنونة.. قتل وتعذيب بكافة الأدوات والأساليب الممكنة وغير الممكنة و تدمير كل مناحي الحياة.. ما يحدث هو تدمير للإنسان.

الاحتلال الإسرائيلي قام بقتل كل مقومات الحياة، فمن لا يفارق الحياة بالأسلحة العسكرية يفارقها من المرض والجوع.. نحن أمام واقع مرير يعيشه المواطن هنا في قطاع غزة.. حتى الأطفال الرُضع يعانون من انعدام الحليب.. وكذلك المرأة الحامل لا تستطيع الحصول على الأدوية اللازمة.. "الكل يعاني هنا".

قلتم في تصريحات سابقة أن هناك ألاف من جثامين الشهداء تحت أنقاض البيوت ولا تستطيعون التعامل معها بسبب عدم وجود أليات ومعدات مناسبة للعمل ... كيف تتعاملون مع ذلك ؟

للأسف هناك 10 آلاف مفقود تحت الانقاض قد يزيد العدد أو ينقص حسب عمليات الانتشال المستمرة والقصف المستمر أيضا.. ولا يمكننا بأي حال منه الأحوال أن نقوم بانتشال كافة جثامين الشهداء في ظل عدم توفر المعدات الثقيلة التي تمكنا من رفع الإنقاض بعدما دمرها الاحتلال بشكل كامل.

هناك ألاف من الجثامين ما زالت تحت الأنقاض ولا نستطيع إخراجها؛ وتحللت هذه الجثامين وكونت بكتيريا وأمراض معدية لدرجة أن الناس أصبحوا لا يستطيعون المرور من الأماكن التي تتواجد بها هذه الجثامين من شدة الرائحة الكريهة والبكتيريا الموجود في محيط المنازل المدمرة.
والمأساة والأمراض تتزايد خاصةً مع فصل الصيف.. حتي أن «الكلاب والقطط تأكل من جثامين الشهداء»، وتوزع أشلاءها في أكثر من منطقة وبالتالي قطاع غزة يشهد كارثة بيئية واضحة.

اشرح لنا التحديات التي تواجهكم أيضا في نقل الإصابات والجرحى إلي المستشفيات خاصةً أن الكثير منها قد يكون في وضع حرج وعدم إنقاذه يعني الموت؟

الصعوبة البالغة في الأمر تكمن في أن «أغلب الإصابات بها حالات بتر»، ومعظمها من الأطفال؛ لذلك توجد صعوبة شديدة في نقل هذه الحالات من مكان الحادث إلي المستشفيات نظرًا لعمق الإصابة، كما أن عملية الاستهداف الواحدة تخلف إصابات بالجملة تحتاج لكمية كبيرة من الإسعافات لنقل هذا العدد الكبير من الجرحى والمصابين.
إضافة إلى أن الأعداد مهولة تدخل جميعها المستشفي في وقتٍ واحدٍ، وجميعها تحتاج إلي رعايةٍ شاملةٍ ولم تعد هناك إمكانيات متوفرة لكل هذا، بجانب أن معظم الأوقات نجد طرقات المستشفي مكتظة بالمواطنين لا يوجد مكان لمصابٍ واحدٍ، حتي ساحة المستشفيات بها مصابين و لا يوجد مكان للسير.

ماذا عن دور المجتمع الدولي في دعمكم خصوصًا أن هناك قرارات واضحة من محكمة العدل الدولية بتخفيف المعاناة ؟

منذ 7 أكتوبر وحتي هذه اللحظة لم يتم تزويد طواقم الدفاع المدني بأي شئ على الإطلاق، وحتي قبل 7 أكتوبر أي دون وجود حرب كنا دومًا نناشد ونقول نحتاج إلى إمكانيات ومعدات، لكن مع الأسف الشديد لا حياة لمن تنادي، عندما قامت الحرب كنا في أشد الحاجة للمساعدة، كان هناك دعمًا بسيطًا من بعض الدول كقطر وماليزيا والإمارات لكن هذا الدعم مستهلك، لكن هذا لا يكفي ونتسائل على ضوء ذلك أين دور المؤسسات الدولية والإنسانية التي تتحدث عن الحماية المدنية والخدمات التي يجب أن تقدم للمواطن؟ كل هذا يحتاج إلى وقفة حقيقية من أجل أن يحدث دعم حقيقي.

ونحن في الدفاع المدني الفلسطيني نعمل على مساعدة ومساندة المواطن فقط و ليس لدينا أي لون أو نشاط سياسي، وهذا الأمر تحدثنا فيه كثيرًا لكن الاحتلال الإسرائيلي يرفض أن يعترف بذلك، وسرعان ما يروج بأن الدفاع المدني يتبع لحماس، وهذا ليس بصحيح وعاري تمامًا عن الصحة، نحن نقدم خدمة إنسانية العالم بأسره يراها.

قدمنا حتي هذه اللحظة 79 شهيدًا من طواقمنا، وأكثر من 200 جريحٍ، وأعداد الطواقم يقرب من 800 عنصر ولدينا من 4 إلي 5 مراكز في كل محافظة تقريبًا، كل شيئ تدمر والسيارات تهالكت تمامًا والإمكانيات والمعدات بنسبة 80% تم تدميره في هذه الحرب.

أضف تعليق