خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليعمر في الأرض وليكون خليفةً فيها، وكذلك ليعلم مقدار علم الله سبحانه وتعالى وكمال قدرته وبديع خلقه، فهو الله وحده لا شريك له وهو المعبود والإنسان له عابد، وهو الذي خلق السماوات والأرض من ذرة، وهو من سيبعث الخلق يوم القيامة ليجزي المؤمنين والكافرين على أعمالهم.
قال الدكتور حسن القصبى، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن النفس تميل والنفس تشتهي، لكن الإنسان أمر أن يُهذب هذه النفس وأن يأخذها إلى شرع الله عز وجل، وألا يترك لنفسه هواها.
وأكد القصبي: كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزه بالعقل وفضله على كثيراً مما خلق تفضيلاً، وميز الله الإنسان عن البهائم التي تنام وتأكل وتتكاثر فقط، فالعاقل فقط من يعرف الحكمة من خلق الله سبحانه وتعالى على خلاف الجهلاء والجاحدين الذين أنكروا الحكم من خلقهم، فقال تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179].
وأشار القصبي إلى أن لدينا ثلاث مقاصد ربنا يريدها من العبد ، ثلاث أمور مهمة أوكلها الله للإنسان، موضحًا أن ثلاثة أمور هي:
أولا: العبادة، كما جاء في قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، مع اعتبار أن العبادات ليست شعائر فقط، بل تشمل عبادة قلبية وبدنية ومادية، إلى غير ذلك من أنواع العبادات.
ثانيا: العمارة، كما جاء في قوله تعالى: "هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"، أي طلب منكم عمارتها.. وعمارة الكون تشمل استخراج كنوزه وغير ذلك.
ثالثا: التزكية بالأخلاق الحسنة، لقوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
واختتم القصبي: خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وجعل له في الحياة والموت اختبار وابتلاء، ليعلم من يستطيع أن ينجح فيه ومن يثبت على الحق، ومن يتجاهل ويعصي ويسلك طريق الضلال. خُلق الإنسان لعبادة الله سبحانه وتعالى وطاعته وتوحيده ومعرفة صفاته وأسمائه ومعانيها والتفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى، ومحاربة كل صور الضلال والجهل والفساد الموجودة على الأرض.