في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة ومعارضة بعض الدول الأوروبية، أعلنت المجر عن تأمين إمداداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، مؤكدة استعدادها الكامل لاحتياجات التدفئة بالبلاد قبل موسم الشتاء القادم.
جاء ذلك، عقب اختتام زيارة وزير الخارجية والتجارة المجرى بيتر سيارتو، إلى سانت بطرسبرج نهاية الأسبوع الماضى، حيث أجرى محادثات مع الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية أليكسي ميلر.
وأكد "سيارتو" أن الاتفاقية طويلة الأجل التي وقعتها بودابست مع غازبروم في عام 2021، والتي تمتد لمدة 15 عامًا، تضمن استقرار إمدادات الغاز إلى المجر حتى في ظل الظروف الجيوسياسية المعقدة.
وأوضح أن مسار العبور الجنوبي عبر تركيا و بلغاريا و صربيا يشكل عاملًا أساسيًا في الحفاظ على تدفق الغاز بشكل مستمر وآمن إلى البلاد.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية المجرية بأن بودابست استلمت نحو 5.6 مليار متر مكعب من الغاز عبر خط تورك ستريم العام الماضي، بينما وصل حجم الغاز المستلم منذ بداية عام 2024 إلى 4.8 مليار متر مكعب، مما يبرز الأهمية المتزايدة للطريق الجنوبي في تأمين احتياجات المجر من الطاقة.
وفي ظل إشارة أوكرانيا إلى احتمال عدم تجديد عقد العبور مع روسيا بعد 31 ديسمبر 2024، تحرص المجر على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم انقطاع إمدادات الطاقة، خصوصًا في ظل معارضة بعض الشركاء الأوروبيين لتوجهاتها في هذا المجال.
وأكد سيارتو أن مخزون الغاز في المجر تصل نسبته الى 89 بالمائة، مما يغطي 57 بالمائة من الطلب السنوي للبلاد، وهي نسبة تفوق بكثير متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 27 بالمائة فقط، مشيرًا الى أن بودابست تعارض بشدة أي عقوبات قد تهدد إمدادات الطاقة إلى البلاد.
ويعكس هذا التحرك التزام المجر بضمان أمن الطاقة لديها، على الرغم من التحديات الجيوسياسية والانتقادات الأوروبية، حيث تسعى للحفاظ على علاقات مستقرة مع روسيا وشركائها في مسار العبور الجنوبي.
ففي الوقت الذي كان "بيتر سيارتو" يتوجه إلى سانت بطرسبرج في زيارته العاشرة لـ روسيا منذ بدء الحرب، كان بالاش أوربان المدير السياسي ومستشار رئيس الوزراء المجري، يمثل بلاده بشكل منفرد في منتدى الأمن السنوي العالمي (جلوبسيك) في براغ، بجمهورية التشيك، لعام 2024.
وعقد المنتدى على مدار يومين 30 و31 أغسطس الماضي لمناقشة القضايا الأمنية والاقتصادية وغيرها من القضايا الأوروبية الهامة.
وفي مناقشة جماعية، انتقد "أوربان" النهج الأوروبي تجاه الحرب، مشيرًا إلى أن السياسات المؤيدة للحرب في السنوات الأخيرة قد فشلت، وأن أوروبا بحاجة إلى استراتيجية تضع المصالح الأوروبية في المقام الأول.
كما اتهم "أوربان" نخبة بروكسل بأنها تعاني من "متلازمة ستوكهولم" باتباعها الأعمى لسياسات الحكومة الليبرالية الأمريكية، حتى عندما تتعارض مع المصالح الأوروبية.
وتحدث عن اجتماعه مع دونالد ترامب، حيث أكد له الرئيس الأمريكي السابق أنه إذا تم إعادة انتخابه، فإنه سيحقق السلام في أوكرانيا خلال 24 ساعة. وأضاف أوربان بنبرة فكاهية أنه حتى 36 ساعة ستكون مرحبًا بها، لكن ترامب أصر على حل خلال 24 ساعة.
وقال أوربان إنه من غير المرجح أن تغير المجر سياستها تجاه أوكرانيا، حتى لو فازت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الأمريكية.
وفقًا للمستشار السياسي، فإن النهج الحالي للمجر تجاه أوكرانيا يستند إلى الواقعية، على الرغم من مواجهة انتقادات من شركاء أوروبيين آخرين. وأعرب أيضًا عن ثقته في أنه بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة ستسعى لمواصلة التعاون مع روسيا لتجنب دفعها نحو الصين.