بات العالم في حيرة من حدوث إمكانية اشتعال حرب إقليمية بعد تصارع الأحداث في جنوب لبنان في ظل الهجمات الإسرائيلية المستمرة واستهداف الكثير من قادة حزب الله ومنظومته العسكرية ،ولكن يبدو أن خطة نتنياهو مع الولايات المتحدة هو الاستمرار في مسارين في آن واحد الضغط العسكري؛ الإسرائيلي وتدمير بعض قدرات حزب الله العسكرية وكذلك الاجتياح البري المحدود لجنوب لبنان مع السير في مسار المفاوضات السرية من أجل تحقيق ما يريده نتنياهو وهو تأمين مستوطنات الشمال وفك الارتباط بين حماس و حزب الله وأن يبتعد الحزب عن الحدود حتي شمال نهر الليطاني.
أكدت صحيفة معاريف الإسرائيلية أنه وفقا لمصادر عسكرية إسرائيلية هناك خطة من نتنياهو لتوغل بري في جنوب لبنان، بالتزامن مع تهديد الجيش الإسرائيلي بتكثيف العمليات ضد حزب الله ، ووسط استمرار الضربات المتبادلة عبر الحدود بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية أن إسرائيل تخطط لهجوم بري يشمل الاستيلاء علي مناطق من بضعة أميال في عمق أراضي لبنان .
وأوضح اللواء الإسرائيلي المتقاعد جيرشون هاكوهين أن الجيش سيضطر إلي التوغل البري في لبنان واستمرار المواجهات لأسابيع، وهذا يأتي بالتوازي مع ما صرح به المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري عن احتمال توغل بري إسرائيلي في لبنان، بأن إسرائيل " ستفعل كل ما هو مطلوب " من أجل إعادة السكان الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من الشمال إلي منازلهم بأمان.
وهذا الأمر جدد تأكيده يواف جالانت وزير الجيش بأن هجماتهم في لبنان والعمليات ستسمر حتي يتحقق هدفهم بإعادة سكان شمال إسرائيل إلي منازلهم.
وقال عاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقًا لموقع N12 الإسرائيلي إن الهدف ليس حربا ثالثة ضد لبنان وإنما وقف الضربات من جانب الحزب ضد إسرائيل وعدم مهاجمة المستوطنات في الشمال مستقبلا في حال أي عملية ضد قطاع غزة، وكذلك إلحاق الضرر بالمنظومات الاستراتيجية للحزب.
وأشار يادلين إلي أنه في الأيام المقبلة يهدف الجيش الإسرائيلي لإلحاق الضرر بمشروع الصواريخ الدقيقة الذي يهدف إلي تهديد الأرصدة الاستراتيجية لإسرائيل، ومحالة اغتيال حسن نصر الله .
بينما أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أنه بعد الضربات الجوية والمدفعية إن لم يقتنع حسن نصر الله بدخول مفاوضات جدية بشأن التسوية، فإن لدي إسرائيل خيار تصعيد آخر عن طريق مناورة برية بأن يتمركز الجيش الإسرائيلي علي خط معين، ثم ستوضح إسرائيل و الولايات المتحدة لنصر الله أن الانسحاب من هذا الخط لن يكون إلاّ عبر تسوية، وأن هناك إمكانية جيدة لأن تنجح هذه الخطة المتدرجة في تحقيق أهدافها، بعد التوصل إلي تسوية عبر مفاوضات دبلوماسية.
وسيكون من الأسهل علي نصر الله قبول الخيار المر، لأنه بحلول ذلك الوقت سيكون الجيش الإسرائيلي في وضع يقوم فيه بتفكيك البني التحتية والقدرات العسكرية ل حزب الله في جنوب لبنان.
وأوضحت الصحيفة أنه من خلال هذا السيناريو، سيكون من الممكن إعادة سكان الشمال إلي مستوطناتهم، وبدء إعادة تجديد ما تدمر من بيوتهم.
وأكد المقدم عساف أوريون رئيس مركز ديان في تحليل لمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "INSS" أن إسرائيل ستشن هجوما محدودا ومباشرا من أجل إبعاد حزب الله عن الحدود، وربما أيضاً الاستيلاء علي شريط أمني في الأراضي اللبنانية،وشبه مايواجهه حزب الله من ضربات بالضربات العشر التوراتية.
وأضاف أن القيام بهجوم محدود بأسلوب غير مباشر سيجبر حزب الله علي وقف هجماته وإبعاد قواته عن الحدود.
وأوضح أن تعزيز أهداف إسرائيل الأمنية تجاه لبنان ستكون من خلال أدوات سياسية، مثل اتفاقيات وقف الأعمال العدائية، ووقف دائم لإطلاق النار، وإلي حد اتفاق سلام مع ترتيبات أمنية عميقة.
و أكد "رون بن يشاي" محلل الشئون العسكرية بصحيفة يديعوت أحرونوت أن حزب الله يهدد إسرائيل عبر الجبهتين الداخلية والحددوية، وأن هدف الحرب ليس إزالة التهديدين اللذين يشكلهما نصر الله علي إسرائيل، إنما إزالة أحدهما فقط، وهو التهديد علي سكان الشمال ومستوطنيه، حتي خط حيفا بصورة أساسية، ولم يأت هذا من قبيل الصدفة؛ فلكي يتمكن الجيش الإسرائيلي من مواجهة التهديد الشامل علي الجبهة الداخلية الإسرائيلية وإزالته، فستحتاج إسرائيل إلي خوض حرب ستكون طويلة، وسندفع فيها ثمناً باهظاً من حيث الخسائر والأضرار الاقتصادية في كل من الجبهة الداخلية والجبهة المتقدمة.
وأضاف بن يشاي أن خطة إسرائيل الشروع في حملة عسكرية دبلوماسية مشتركة بالتعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق الهدف المعلن للحرب، والمتمثل في إعادة سكان الشمال إلي منازلهم بأمان.
وتابع، سيتحقق الهدف إذا أدار الأمريكيون بالتوازي مع العمليات العسكرية المفاوضات الدبلوماسية للوصول إلي تسوية مقبولة لدي الطرفين، مشيرًا إلي أن التجربة أثبتت أن الضغط العسكري الذي يسبب تهديدات حقيقية لسلامة لبنان الإقليمية، وكذلك أمن ورفاه الطائفة الشيعية التي تمثل الأغلبية في لبنان يجعل حزب الله مستعدا للحوار.
وأوضح أن الفكرة الاستراتيجية تتمثل في مواصلة الضغط العسكري المتزايد علي حزب الله، وفي الوقت نفسه بذل جهد دبلوماسي سري بهدف التوصل إلي صيغة تمكن إسرائيل من ضمان أمن سكان الشمال، وفي المقابل، إبعاد نصر الله قواته وأسلحته الثقيلة عن حدود إسرائيل من دون أن يظهر كمن استسلم وفقد مكانته تماماً في العالم العربي.
وقال يشاي إن الجيش الإسرائيلي قدم إلي المستوي السياسي سلسلة من الخطط التي أعدها سلاح الجو وقسم العمليات في الجيش، وهي تتيح للمستوي السياسي الموافقة علي مرحلة أُخري من التصعيد المستمر والمبادرات، ستجعل حسن نصر الله ورعاته الإيرانيين خلال عدة أسابيع أكثر استعداداً للاستماع إلي العروض التي سيقدمها إليهم الوسطاء سراً للمحافظة علي كرامتهم، وهي مهمة جداً في العالم الإسلامي.
وقالت صحيفة هاآرتس في تحليل لرفيف دروكر إن هذا هو الوقت للسعي نحو تسوية سياسية وإجبار حسن نصر الله علي قطع الارتباط مع حماس، وتوقيع اتفاقاً منفرد مع إسرائيل.
وأضاف رفيف أن الضربات التي وجهتها إسرائيل في 2006 إلي لبنان تركت ندوباً عميقة لدي حزب الله، وهذه الندوب أدت إلي هدوء شبه الكامل طيلة 18 عاما وأن هذه الحرب المحددوة الحالية مع الحزب سيجعله يرتدع لسنوات عديدة.
وأكد دكتور سامح عباس أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة قناة السويس أن الحديث الإسرائيلي عن احتلال بعض الاراضي اللبنانية في الجنوب لتأمين عودة السكان الإسرائيليين في الشمال بات مقترحا أكثر واقعية من وجهة النظر العسكرية الإسرائيلية بهدف الضغط السياسي علي المفاوض اللبناني لإنهاء حالة الحرب الحالية من جهة ومن جهة أخري بتوجيه رسالة لإيران بأن إسرائيل قادرة علي هزيمة وكلائها في المنطقة.
وأضاف عباس أن بنيامين نتنياهو يسعي إلي استغلال الموقف الأمريكي الداعم له لتحقيق اكبر مكاسب علي الجبهة اللبنانية والفلسطينية لضمان بقائه في سدة الحكم لأكبر فترة ممكنة.
خطة اغتيال نصر الله :
تخطط إسرائيل، بعد نجاحها في اغتيال العديد من قيادات حزب الله ، إلي اغتيال حسن نصر، ورغم فشلها في 2006 ذلك ونجاح حسن نصرالله الإفلات من المكان المستهدف مرتين وفقا لما كشفه ضابط مخابرات إسرائيلي سابق لصحيفة يديعوت أحرونوت، إلا أن العقيد المتقاعد رونان كوهين، الذي شغل منصب نائب رئيس قسم الأبحاث (HTAM) في الاستخبارات، أكد أن إسرائيل تحاول حاليا اغتياله وكانت هناك فرصة للقضاء عليه عندما أطلّ آخر مرّة علناً علي الحشود في مناسبة للحزب، بحضور الصحافة الأجنبية والمحلية، ولكنّ إسرائيل ضيّعت الفرصة.
وأضافت الصحيفة أنه بعد الاختراق الكبير واغتيال العديد من القيادات تسعي إسرائيل لاغتيال حسن نصرالله ، الشخصية الأكثر تأثيرا في الحزب.
الحرب مع حزب الله تدمر الاقتصاد الإسرائيلي :
تواجه إسرائيل أزمة نقدية غير مسبوقة، بسبب اندلاع حرب مع حزب الله في الوقت الذي تعطي فيه البيانات المالية مؤشرات قاتمة حول اتساع العجز المالي، وارتفاع أعباء الديون وهروب رؤوس الأموال إلي الخارج وفقا لصحيفة كلكليست الإقتصادية.
وتوقعت الصحيفة مزيدا من التآكل علي قيمة الشيكل بفعل تواصل هروب رؤوس الأموال.
ولفتت الصحيفة إلي أن الشيكل "الذي كان يعد من أقوي العملات في العالم يفقد قيمته ويصبح هشاً، وبينما قرر البنك الفيدرالي الأمريكي، الأسبوع الماضي، تخفيض قيمة الفائدة، اضطر البنك المركزي الإسرائيلي إلي الحفاظ علي قيمة الفائدة.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل أصبحت عاجزة عن اعتماد سياسة نقدية ملائمة، بفعل زيادة نفقات الحرب "التي لا تبدو أنها تقترب من نهايتها" وارتفاع معدل التضخم من 2.5% إلي 3.6٪.