نظرة الرؤساء الذين حكموا مصر بعد ثورة 52 لـ "سيدة العالم"

نظرة الرؤساء الذين حكموا مصر بعد ثورة 52 لـ "سيدة العالم"  نظرة الرؤساء الذين حكموا مصر بعد ثورة 52 لـ "سيدة العالم"   

*سلايد رئيسى1-4-2017 | 00:04

كتبت: نرفانا محمود

  التاريخ الحديث للعلاقات المصرية – الأمريكية، حافل بالأحداث، ويمكن وصف العلاقات نفسها بين البلدين بأنها شديدة الحساسية لعدد من المتغيرات، لذلك لم تشهد هذه العلاقات استقرارا مطلقا، وتذبذبت مؤشرات الصعود والهبوط فيها، حيث كانت تحكمها توجهات كل رئيس جلس على عرش مصر.

ومن جانبها فإن الولايات المتحدة كانت غالبا لا ترى فى تلك العلاقة سوى مصلحتها (وفى القلب منها مصلحة إسرائيل بالطبع) فى مصر والمنطقة العربية ، وأقليم الشرق الأوسط.

وعبر 6 رؤساء حكموا مصر منذ ثورة يوليو سنة 1952 كانت الرؤية المصرية لأمريكا وتأثيرها ودورها هى المتغيرة، ومن ثم كان التقارب أو البعد، الود أو الجفاء، وفى المقابل كان هناك ثبات نسبى من طرف الرؤساء الأمريكان، والثبات هنا فرضته المصالح الدائمة لأمريكا تجاه مصر كما أوضحنا.

كيف تعامل رؤساء مصر مع أمريكا أو كيف رأوها خلال ثلاثة أرباع قرن مضت من الزمان ؟! الإجابة فى التالى:

image2

محمد نجيب

"النظام القديم في مصر، قد سقط ونظام ثوري جديد قد قام، هذا النظام يستهدف تحقيق الأماني الوطنية للشعب المصري".

تلك الكلمات أبلغها مندوب خاص عن مجلس قيادة الثورة إلى السفير الأمريكي في القاهرة.

و محمد نجيب كانت فترة حكمه قصيرة وغير واضحة، خاصة فيما يخص سياساته الخارجية، بشكل صريح ولكن يفهم ضمنيا من الرسالة التي ذهب بها مندوب المجلس الأعلى للثورة بسعي الثوار - الذين صعدوا لحكم مصر وعلى رأسهم نجيب - للحصول على رضا أمريكا  وموافقتها على ما قرروه على الحكم الملكي شارحين في الرسالة ما تهدف إلية الثورة وهو الأمر الذى رحبت به أمريكا إذ كانت تسعى للسيطرة على إرث حليفتها بريطانيا بعد إزاحتها من منطقة الشرق الأوسط وليس مصر فقط.

image1 جمال عبدالناصر

"إذا كان الأمريكان فاهمين إنهم بيدونا شوية معونة علشان يتحكموا فينا وفى سياستنا أنا بقولهم إحنا مستعدين نقلل استهلاكنا من المواد الغذائية، في سبيل أن نحافظ على استقلالنا أللى حاربنا علشانه، ومستعدين نرجعلهم المعونة على الجزمة.. إحنا شعب مبيحبش الرزالة والغتاتة".

هذه كانت مقولة عبدالناصر التى عبرت بصدق عن موقفه الصارم تجاه الولايات المتحدة والتى لم يزرها أثناء فترة حكمه على الإطلاق.

والقصة بدأت عندما شعر ناصر أن الإعلان الأمريكى للنهوض بمصر كان موظفا فى إطار الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى (الذى كان)، ولم تخلص النوايا الأمريكية أو تصدق تجاه القاهرة، هى فقط الرغبة فى إبعاد موسكو، والدليل أنه لم تمض شهور أو سنوات قليلة على ثورة يوليو، توجه حكام مصر الجدد لأمريكا وطلبوا منها تزويدنا بالسلاح، فرفضت أمريكا تزويد مصر بالسلاح ورهنت الأمر بشرط إحلال السلام مع إسرائيل الأمر الذى دفع ناصر للذهاب تجاه الاتحاد السوفييتى والتعاون مع، وبالطبع رحب الأخير بشدة، أو هذا ما أظهره زعماؤه على الأقل.

ثم ازداد الأمر سوءا برفض الولايات المتحدة مساعدة مصر فى بناء السد العالى، رغم قبول عبد الناصر لكل الشروط الأمريكية، إلا إن ردها جاء مهينا للقاهرة حين أعلن دالاس أن اقتصاد مصر لا يستطيع تحمل مثل هذا المشروع، ليشعر عبد الناصر بالإهانة الشديدة، ويقرر تأميم قناة السويس.

وعندما جاء نيكسون  ليزور مصر فى عام 1963 مبعوثا من الرئيس الأمريكى كيندى، ورأى حجم العمل فى السد العالى، قال لعبد الناصر "لقد رأيت اليوم أفدح خطا ارتكبته أمريكا، فقد اعتصر الألم قلبى عندما رأيت السوفييت يعملون جنبا إلى جنب معكم فوق موقع السد العالي، فلولا دالاس لكان هناك أمريكيون بدلا من السوفييت".

وهناك حكايات كثيرة يمكن أن نرويها للأجيال عن عبد الناصر وأمريكا منها مثلا حكاية برج القاهرة الذى تم بناؤه بأموال حاولت أمريكا أن ترشو بها عبد الناصر، ورحل عبد الناصر وفى قلبه غصة من أمريكا ، وغضب مكتوم من الاتحاد السوفيتى الذى كان يناوره ويحاوره بما لايقل عن أمريكا لكن عبد الناصر كان مضطرا للتعامل معه كحليف استيراتيجى ، وهو الأمر الذى رفضه وتمرد عليه خلفه السادات.

image3 أنور السادات

"أمريكا تمسك بكل الكروت"

كانت تلك المقولة التى يرددها السادات دائما وهى تعبر عن اتجاهاته المغايرة تماما لفترة حكم عبدالناصر، فقد كانت سياساته تجاه الغرب وأمريكا تحديدا أكثر انفتاحا بكثير عن سلفه.

لقد رأى السادات في يد أمريكا مفتاح تغيير منطقة الشرق الأوسط، وقواعد اللعبة فيها (حسب تعبيره) تلك اللعبة التى تملك أوراقها ( حسب اعتقاد السادات).

لقد قرر السادات أن يمشى على سياسات سابقه الزعيم عبد الناصر لكن بـ "أستيكة" كانت هذه نكتة مشهورة فى الماضى الذى شهد تحول التوجه المالي للدولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية والاقتصاد الحر،  وشهد مزيدا من سياسات الانفتاح على العالم وعلى إثر ذلك فقد استأنفت العلاقات المصرية – الأمريكية ثانية، وتم فتح السفارة الأمريكية في القاهرة عام 1973، فى نفس العام الذى انتصرت فيه مصر على إسرائيل وكسرت أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وكان السادات قد قطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي قبل ذلك بعامين تقريبا، تمهيدا لإقامة العلاقات الأمريكية فى المستقبل، و زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون مصر كأول رئيس أمريكي يقوم بهذا العمل منذ ثورة 23 يوليو،  كما تعددت زيارات السادات أيضا إلى أمريكا و ألقى  فى نوفمبر 1975 خطابًا أمام الكونجرس الأمريكى حول الأزمة فى الشرق الأوسط،  ثم جاءت اتفاقية كامب ديفيد والتى تزعم كارتر مساعي  التوسط فيها بين الرئيس المصري ونظيره الإسرائيلي مناحم بيجن ونتج عنها استرداد مصر لأراضيها المحتلة، قبل اغتياله الذى أشيع بعده أن أمريكا تعرف تفاصيل المؤامرة لكنها لم تتحرك لتنقذ حليفها الاستيراتيجى فى المنطقة.

image4 حسنى مبارك

" إحنا مبنقبلش ضغوط من حد فى السياسة الداخلية..متفكرش أى إدارة مع احترامنا لأى إدارة إن الضغوط الخارجية عشان إصلاح فى الداخل ممكن نقبلها".

كان ذلك رد مبارك عندما سئل عن رأيه فى طريقة بوش لتعزيز الديمقراطية، ولعل هذا الرد يوضح المنحى الذى اتخذته العلاقة بين مصر وأمريكا فى أواخر عهد مبارك.

فى البداية سار مبارك على خطى السادات واتبع أسلوبا مواليا للولايات المتحدة ظهر ذلك فى زياراته المتعددة والمصالح المشتركة بينهما فالدعم الأمريكى ظل مستمرا كما أن التعاون العسكرى والاقتصادى والاستخبارى من جانب مصر ظل مستمرا أيضا.

إلا أن العلاقة بين مصر وأمريكا شهدت توترا فى الأيام الأخيرة لحكم مبارك على إثر مشادة حدثت بينه وبين بوش حول التطور الديمقراطى فى مصر ونظم الانتخابات والتجاوزات فى حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته مصر تدخلا فى الشأن الداخلى .. وما لبثت أن عادت مرة أخرى العلاقة مع حكم أوباما الذى اختار جامعة القاهرة ليوجه منها خطابًا للعالم الإسلامى لينهى بذلك قطيعة دامت سنوات، ثم بعد قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ تحول موقف واشنطن و تخلى البيت الأبيض عن حليفه مبارك، وبدأت مرحلة جديدة من دعم الحكم الإسلامى فى مصر ودفع الإخوان للسلطة.

image5

محمد مرسى

وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قبيل بداية الانتخابات الرئاسية، بأن مرسى خطوة أخرى «عرجاء» تخطوها مصر نحو تحقيق الديمقراطية وتجنب الوقوع في فخ الفوضى، كما أن تصريحاته النارية عن الكيان الإسرائيلي بأنهم القردة والخنازير، جعلت هناك نوعًا من الحساسية في التعامل مع الحكم الإخواني في مصر وربما نوع من الترقب  .. ولكن هل كانت هذه المؤشرات مجرد تمويه لدفع الرأى العام بعيدا عن دعم الولايات المتحدة للحكم الإخوانى، وسواء كان الإجابة بالسلب أم بالإيجاب فإن العلاقة سرعان ما تحولت وأيدت أمريكا مصر بشكل مطلق.

image6 عبدالفتاح السيسى

وتأتى سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي على الصعيد الخارجى التى يمكن وصفها بـ "الدبلوماسية المنفتحة الهادئة" ترحب بالعلاقات الأمريكية وتراها ضرورية في ظل سياسة تقوية العلاقات على كافة المناحي الدولية والإقليمية التي يتبعها السيسي، وفي رؤية مستقبلية بتحسين الأوضاع المصرية التي تبنى على علاقات جيدة، فى إطار الند للند خاصة وأن الرئيس السيسي حكم مصر في فترة حرجة من تاريخ البلاد، وتحول الدعم الأمريكى للإخوان إلى حالة عداء تجاه الشعب المصرى عقب ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بالجماعة الإرهابية وأجهضت مخططات واشنطن، حيث عاقبت الإدارة الأمريكية مصر على ثورتها بقطع جزئى للمعونات العسكرية وتوتر فى العلاقات دام خلال السنوات الماضية، ولم يزر الرئيس عبدالفتاح السيسى واشنطن خلال السنوات الأخيرة لعهد أوباما، لكن كانت هناك إشارات قوية تدل على أن الإدارة الأمريكية التى سوف تحكم بعد أوباما ترغب فى تحسين العلاقات مع مصر لذلك حرص كلا المرشحان الرئيسيان فى السباق الانتخابى دونالد ترامب وهيلارى كلينتون على لقاء الرئيس السيسى أثناء زيارته لأمريكا لحضور اجتماعات الأمم المتحدة والتشاور معه بشأن المستقبل.

واليوم تقف العلاقات الأمريكية المصرية أمام منحى جديد يؤشر على عودة التعاون بين البلدين إلى سابق عهده، وذلك بعد فشل مخططات أوباما وإدارته من الديموقراطيين فى إقامة حكم إسلامى فى دول المنطقة العربية، ومجيء دونالد ترامب الذى يحاول ترميم ما أصاب العلاقات بين مصر وأمريكا خلال السنوات الست الماضية.

وتنال الزيارة المرتقبة الاهتمام من قبل وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وتحت عنوان "السيسي وترامب.. الطريق إلى تحالف استراتيجي جديد"، قالت الصحف إن السلام والتنمية فى الشرق الأوسط والإرهاب وقضايا فلسطين وسوريا وليبيا على رأس ملفات زيارة واشنطن.

وتأتي هذه الزيارة تزامنًا مع تأكيد الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بعودة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بالكامل، فضلا عن عملية تعزيز للتعاون العسكري بين مصر وأمريكا.

أضف تعليق