قال السفير الدكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القمة العربية الإسلامية المنعقدة بالرياض، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تأتي في ظل ظرف إقليمي شديد التعقيد والخطورة ووسط تحديات مرتبطة بتواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ولبنان، واستمرار غرور وغطرسة رئيس وزراء الاحتلال ودعواه وادعاءاته بشأن إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وأضاف السفير حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الإثنين، أن القمة العربية الإسلامية المنعقدة اليوم تأتي تزامناً مع مرور عام على القمة السابقة التي انعقدت أيضاً في نوفمبر 2023 بالرياض، ما يؤكد الإصرار على وحدة الصف العربي والإسلامي والحرص على تشكيل حائط صد موحد يجابه تلك التحديات.
وأوضح أن الوحدة العربية الإسلامية تبعث كذلك برسالة إلى كل الأطراف الإقليمية والدولية، بأننا نحن المسؤولون عن إقليمنا ومصيره، خاصة في ظل الأوضاع الدولية المضطربة، اتصالاً بأزمات وحروب المنطقة وكذا العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي دخلت عامها الثالث، وما تحمله من مخاطر استقطاب وتداعيات اقتصادية وسياسية مؤثرة.
ولفت إلى أن مصر، وسط كل تلك الضغوط تقف شامخة رغم كل التوترات التي تحيط بها من كافة الاتجاهات الاستراتيجية، أي مع استمرار الحرب على غزة - التي تحتاج لدعم وإسناد عربي وإسلامي سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً - إضافة للأزمة في السودان وليبيا والاضطرابات بالمنطقة .
وشدد السفير حجازي على الحاجة المُلحة لجبهة عربية إسلامية في ظل ما تقوم به إسرائيل من أفعال إجرامية مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وارتكاب جرائم حرب، مبرزاً أن من بين تلك الجرائم تدخل جهات ودول لتعطيل العدالة الدولية، علاوة على الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والكونجرس ضد المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ورئيسها كريم خان بل وفتح ملفات واثارة الشبهات حوله، لمنعهم من إصدار مذكرات التوقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق أولاف جالانت وشخصيات في حكومة تل أبيب، موضحا في الوقت ذاته أنّ جرائم الحرب عموماً لاتسقط بالتقادم.
وتابع أن كل ذلك بالإضافة إلى تعطيل إسرائيل والولايات المتحدة لمسار وآليات الأمم المتحدة والضغط على كافة المؤسسات الدولية، وعدوانها على جنوب لبنان وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام "اليونيفيل"، بجانب حظر الكنيست لنشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال "ومن هنا تكون وحدة الصف والرأي العربي الإسلامي ضرورية وأساسية للخروج بمشهد يقود لحلول إغاثية وإنسانية في غزة أولاً تتضمن وقف إطلاق النار والهدنة وتبادل الأسرى، ويلي ذلك تثبيت لسلطة وطنية فلسطينية بتوافق الفصائل بما فيها حماس تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وتتولي السلطة جهود إعادة الإعمار، وإطلاق حل سياسي، يقود لحل الدولتين، وكذا التوصل لحل سياسي في لبنان مع احترام القرار 1701 بدون تعديلات تمس بالسيادة اللبنانية، ونشر قوات الجيش اللبناني على خط الحدود، وتبني مسار سياسي يقود لانتخاب الرئيس اللبناني".
ونوه بالجهود والاتصالات التي تجريها مصر والمملكة العربية السعودية مع الإدارة الأمريكية للضغط على نتنياهو الذي استنفد أهدافه ويستخدم آلة القتل الإسرائيلية في القضاء على البشر والحجر ظناً منه أنه بذلك سيمحوا قضية شعب.
وأكد السفير حجازي الحاجة إلى إجراء حوار في هذه المرحلة المصيرية التي تمر بها المنطقة من أجل بناء مستقبلها، وتحقيق منظومة أمن وتعاون إقليمي تبدأ بإصدار "إعلان مبادئ" تتبناه دول المنطقة، ومن بينها إيران، والتي يجب أن تلتزم بعدم التدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة، وإسرائيل التي يجب أن تلتزم أولاً بحل الدولتين.
وقال إنه بذلك نضع أساسا لمنظومة تعاون عربي وإسلامي، معتبراً أنه من المناسب دعوة دول ذات تأثير مثل ماليزيا وإندونيسيا ونيجيريا وباكستان والهند، إن أمكن؛ للانضمام لهذه المنظومة الإقليمية، التي يمكن أن تطلق طاقات المنطقة لآفاق أوسع، لإرساء دعائم حسن الجوار واحترام القانون الدولي، ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، ودفع أطر وخطط وأهداف اقتصادية وسياسية واستثمارية مشتركة بين دول المنطقة وعالمنا الإسلامي ما يكمل مساعي تحقيق التفاهمات السياسية التي سيتم صياغتها مرحلياً في إعلان مبادئ شامل .
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق بأن تلك المنظومة العربية الإسلامية هي التي ستشكل الشرق الأوسط الجديد الذي نأمله لخير ورخاء واستقرار شعوبه، وليس الشرق الأوسط الذي يعنيه نتنياهو الذي سيحكم عليه التاريخ كما حكم على قادة مشابهين أخرين تعدوا بسياستهم القيم الراسخة وخانوا الإنسانية.