د. ناجح إبراهيم يكتب: الحب .. شعار المسيح الأثير

د. ناجح إبراهيم يكتب: الحب .. شعار المسيح الأثيرد. ناجح إبراهيم يكتب: الحب .. شعار المسيح الأثير

* عاجل22-12-2018 | 21:20

 تتلخص رسالة المسيح عليه السلام في نقاط محددة أبرزها الحب اللا محدود للجميع والتسامح والعفو والصفح,والتبشير بالغفران وبث الأمل في نفوس العصاة والشاردين والاهتمام بالدعوة إلي الله وتعليم الناس الخير. ويعد"الحب"المعلم الأبرز في رسالته والجامع الأكبر لدعوته ومن لم يتشرب الحب قلبه لن يستطيع أن يتفهم أو يتعايش أو يكتب عن المسيح عليه السلام ورسالته. و يظن البعض أن الحب شيء سهل بسيط ولكنه في الحقيقة هبة ربانية يهبها الله للأصفياء المجتهدين في بذله واكتسابه،الحب هو السلعة الغالية المفقودة في حياتنا,والتي لو وجدت لحلت معظم مشاكل البلاد والعباد. لقد جاء عيسي بشريعة الحب والضمير التي تهتم بإصلاح الباطن،وهي أسمي بكثير من الشريعة التي تهتم بالأشكال والظواهر فحسب والتي جاء المسيح فوجد الناس عليها,يصلحون ظواهرهم وقلوبهم خربه مظلمة كالقبور. شريعة الحب لا تنقض الناموس"أي نصوص الشريعة"بل تزيد عليه طهارة القلوب ودفء الحب وسكينة المودة والمحبة ونقاء الضمير,فما جاء المسيح لينقض ناموس موسي عليه السلام"التوراة"ولكنه جاء ليتممه ويكمله. لقد جاء بـ"الحب"الذي يقوى الناموس ليس في الأشكال والصور ولكن في النفوس والأفئدة ويجعله راسخاً في الأرض وعالياً في السماء,وبالحب قضي علي منطق الكبرياء والرياء،وأبطل دعاوى الاستعلاء علي العصاة والعوام,ورؤية النفس والإعجاب بها،وبالحب علم الناس التماس المعاذير للآخرين,وأدبهم علي أن اقتناص الزلات واستطلاع العيوب والاستطالة علي العصاة أكبر ذنباً وجرماً من المعصية ذاتها, وأن العاص التائب أقرب إلي الله من الطائع المدل علي الله بطاعته والمستطيل بها علي الناس. لقد اثبت المسيح عليه السلام مكانته في التاريخ عبر نشر الحب وشريعته وفلسفته بين الناس أكثر من أي شيء آخر،شريعة الحب"لا تجعلك تنظر إلي القذى في عين أخيك ولا تنظر إلي الخشبة في عينك". قاوم المسيح فلسفة الفرح بالعقاب والسعي وراء العورات فها هو يرجم هذه النفوس المريضة بدلاً من رجم الزانية التي تابت بصدق فيهتف في الجموع:"من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"مطابقاً قول النبي محمد"عليهما السلام"لقد تابت توبة لو وزعت علي أهل المدينة لوسعتهم"وقوله لمن أحضر زانيا"هلا سترته بثوبك"فلا تعارض بين الستر ومقاومة الرذيلة,فالستر حياة,الفضيحة موت,والفرح لزلات الآخرين مرض في القلوب أسوأ من مرض المعصية والكبيرة. جاء المسيح بشريعة الحب التي تمنع المصلي بأن يفخر بصلاته وتحول بين الصائم والرياء بصيامه والعباد والزهاد أن يظهروا ذلك للناس فخراً وسمعة"ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيرون وجوهم ليظهروا للناس صيامهم فقد استوفوا أجرهم فلا أجر لهم،فإذا صمتم فادهنوا رءوسكم واغسلوا وجوهكم،لا يظهر صيامكم للناس بل لأبيكم المطلع في الصدور". جاء المسيح فوجد الدين حكراً علي طائفة بعينها وكأنه امتياز رسمي محتكر في بني إسرائيل في ذرية إبراهيم ويعقوب عليهما السلام,وهؤلاء الأحفاد ضعف الدين في قلوبهم حتي اتخذوه حرفة للتكسب والفخر والاستعلاء علي عوام الناس فجاء المسيح بالحب ليوضح أن الدين ليس بالوراثة وأن الصلاح منوط بالقلب والجوارح النظيفة،فالدين عمل وصلاح لا فخر بالأجداد ولا حكراً علي سلالة بعينها،هكذا صاح فيهم المسيح"بل الذي يعمل بمشيئة الله هو أخي وأختي وأمي"وهكذا كان هتاف ابن خالته"يوحنا المعمدان"يحيي بن زكريا"الذي وبخهم بقوله:"إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ". لقد جمع المسيح الدين كله في كلمتين"الله محبة"فمن لا يحب الخلائق فعليه ألا يزعم محبة الله،فمن أحب المحبوب الأعظم أحب الخير لخلقه،وجمعها من قبل بكلمات جامعة"أن تحب ربك بجماع قلبك ومن كل نفسك وفكرك". لقد جاء بسياقات من العفو والصفح تفوق سياق الواجب والمفروض وترتفع إلي مراتب الاحسان والمحبة. سياقات المحبة تثري النصوص الشرعية وتعطيها قوة فوق قوتها وتبث فيها روحاً جديدة،المحبة لا تهدم الناموس"النصوص"ولكن تنقلها من الأوراق والكلمات إلي القلوب والضمائر والمشاعر،فيحاسب الإنسان نفسه حساباً لا تدركه القوانين ولا الشرائع ولا الحكومات،سلام علي المسيح وأمه وكل الأنبياء عليهم السلام في عليين.
أضف تعليق

إعلان آراك 2