نادية صبره تكتب: (ي . بي . ك*) لغز السياسة الأمريكية في سوريا

نادية صبره تكتب: (ي . بي . ك*) لغز السياسة الأمريكية في سوريانادية صبره تكتب: (ي . بي . ك*) لغز السياسة الأمريكية في سوريا

* عاجل22-1-2019 | 20:37

في الرابع عشر من ديسمبر الماضي أجرى الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) اتصالً هاتفيا لدقائق معدودة مع الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) غير من مجريات الأحداث بشكل كبير في المشهد السوري .... وجه ترامب سؤالا مفاجئا لأردوغان ... هل تستطيع تطهير سوريا من الإرهاب والقضاء علي تنظيم الدولة (داعش) إذا سحبنا قواتنا من هناك ؟ فرد أردوغان علي الفور نعم نستطيع.

ليقول له ترامب اذا فلتفعلها أنت !! وأصدر ترامب قراره بسحب القوات الأمريكية من سوريا مفاجئا العالم ، وحتي مسئولي الإدارة الأمريكية أنفسهم حتى أن وزير دفاعه (جيمس ماتيس) دفع بإستقالته اعتراضاً علي القرار وباتت كل القوي الإقليمية والدولية المشاركة في المشهد السوري (روسيا ، وإيران ، وتركيا) تحلم بمليء الفراغ الذي ستتركه القوات الأمريكية.

طرفاً واحداً فقط الذي شعر بالخذلان وبالغدر الأمريكي لتخلي الإدارة الأمريكية عنه كحليف لها (قوات سوريا الديمقراطية)  التي كانت تعرف باسم تنظيم (ي ب/ك/بي كاكا) ثم قامت الولايات المتحدة في العام 2015 بتغيير اسم التنظيم إلي قوات سوريا الديمقراطية ، وأمدتها بالسلاح لمحاربة تنظيم الدولة (داعش) الذي تمدد في الأراضي السورية ، وقد حاربت قوات سوريا الديمقراطية بنجاح تنظيم داعش علي مدار أربع سنوات .

واستطاعت طرده من الشمال الشرقي لسوريا وكادوا أن يحققوا حلمهم بإقامة حكماً ذاتيا في المناطق التي يسيطروا عليها مثل عين العرب (كوباني) ومنبج ودير الزور والرقة ، وقد وصفهم (بريت ماكغورك) المبعوث السابق للرئيس الأمريكي لشئون التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش بأنهم عصب السياسة الأمريكية في سوريا ،

وقد هرعت قوات سوريا الديمقراطية إلي فرنسا يطلبون حمايتها ، وإلي روسيا والنظام السوري لمساعدتهم في التصدي للقوات التركية التي تهدد بإقتحام مدينة منبج في أي لحظة إلا أن الرئيس الأمريكي الذي يلاعب العالم ويتلاعب به ... إذ بدأ يتنصل من تحديد موعد لسحب القوات الأمريكية من سوريا قائلاً: أنه لم يحدد جدولاً زمنيا للإنسحاب ، ولم يحدد حتى نوعية أن كان سريعاً أو بطيئاً ، وأنه لا يريد سوريا التي بالنسبة له عبارة عن (رمل وموت) ليس أكثر وتعهد بحماية الأكراد علي لسان مستشاره للأمن القومي (جون بولتون) الذي قال: إن أمريكا لن تغادر سوريا حتى تتعهد تركيا بألا تستهدف شركاء واشنطن (الأكراد).

التراجع عن الانسحاب السريع للقوات الأمريكية من سوريا ، والتصريحات حول مصير القوات الكردية ووصفها بأنها حليف للولايات المتحدة أثار غضب الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) الحالم ليس فقط بمليء الفراغ الذي ستتركه القوات الأمريكية ، بل أيضا بالاستيلاء علي جميع القواعد الأمريكية وتسليمها له وتجريد قوات سوريا الديمقراطية من السلاح الذي حصلت عليه من أمريكا وهي عبارة عن (مصفحات وصواريخ) تمهيداً لشن هجوما عليها لأنه يعتبرها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (بي. كي. لي) والذي تصفه تركيا بالإرهابي.

ويبدو أن السيد ـ أردوغان ـ قد بالغ في تفسير فحوي المكالمة الهاتفية التي حدثت بينه وبين الرئيس الأمريكي ، واعتبرها بمثابة تفويضاً كاملاً له ليفعل ما يشاء ، ولذلك تصرف ـ أردوغان ـ بحماقة ورعونة ورفض لقاء (جون بولتون) في أنقرة مؤكداً أن تركيا ستواصل الحرب ضد القوات الكردية ، وأنها لا تخشي التهديدات الأمريكية وقام بتعزيز قواته علي الحدود مع سوريا ، والتي وصلت إلي  (80 ألف جندي تركي) مما دفع الرئيس ترامب لإطلاق تهديداً خطيراً في تغريدته الأخيرة متوعداً تركيا بتدميرها اقتصاديا في حال شنها هجوما علي الوحدات الكردية ومن المعروف أن الاقتصاد التركي علي حافة الركود لأول مرة بحقبة أردوغان ، كما أن مجلة النيويورك تايمز الأمريكية نشرت تحقيق صحافي تؤكد فيه تراجع الاقتصاد التركي ، وانهيار الليرة التركية أمام الدولار والتي خسرت 30 % من قيمتها العام الماضي ، وانتشار وباء المحسوبية والسلطوية في أعمق مفاصل الدولة بعد إعادة انتخاب أردوغان بسلطات أكبر مما دفع الأتراك للنزوح من البلاد بأعداد كبيرة في هجرة للمواهب ورؤوس الأموال بأسلوب يترجم حالة من فقدان الثقة علي نطاق واسع ومثير للقلق في رؤية أردوغان ، بالإضافة لارتفاع معدلات البطالة والتضخم ، وقد سارع أردوغان بالاتصال هاتفيا بالرئيس الأمريكي وأعلن أنهما توصلا لاتفاق يقضي بإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا لم يتضح معالمها بعد.

فهل ينهي هذا الاتفاق الخلاف الأمريكي التركي حقاً ، وهل يضمن الحماية الحقيقية للقوات الكردية من مخاطر الهجوم التركي عليها والذي ينتظر لحظة الانسحاب الأمريكي الكامل من سوريا ؟ والي متى تظل التناقضات المستمرة في المواقف والتصريحات الأمريكية ، والتي كان آخرها السناتور الأمريكي (ليندسي غراهام) الذي صرح منذ شهر تقريباً بعد لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي بأن ترامب ملتزم بضمان عدم اشتباك تركيا مع قوات وحدات حماية الشعب الكردية عقب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ، كما أن وحدات حماية الشعب الكردية الذين يحاربون داعش يمكنهم الاحتفاظ بالأسلحة التي قدمتها لهم الولايات المتحدة ، ثم عاد ليصرح في مؤتمر صحفي يوم السبت الماضي بأنقرة حضره الرئيس التركي أردوغان ووزير خارجيته (مولود تشاوش أوغلو) ووزير دفاعه (خلوصي أكار) علي ضرورة حل مشكلة تنظيم (بي. ب.بك/بي كا كا) الإرهابي التي أحدثتها واشنطن لتركيا في سوريا قبل سحب القوات الأمريكية من سوريا ، وأن الأدلة علي ارتباط (ب ي د) الجناح السياسي لتنظيم (ي ب ك) بمنظمة (بي كاكا) واضحة للغاية !!

* يظل (ي بي ك) هو لغز السياسة الأمريكية في سوريا

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2