نادية صبرة تكتب: الجولان.. ماذا بعد؟

نادية صبرة تكتب: الجولان.. ماذا بعد؟نادية صبرة تكتب: الجولان.. ماذا بعد؟

*سلايد رئيسى3-4-2019 | 14:21

" الجولان" هو الثمن الذي يجب أن تدفعه سوريا لاعتدائها علي إسرائيل مرتين، مرة في عام 1967، ومرة في عام 1973 !! بهذه الكلمات بدأ عضو الكونجرس الأمريكي { ليندسي غراهام } تغريدته التي علق فيها على توقيع الرئيس الأمريكي قرار يقضى بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة ووصف القرار بالحكيم استراتيجياً، والمذهل.

وقد استبق السيناتور الجمهوري قرار ترامب بالقيام بجولة في مرتفعات الجولان بصحبة ـ بنيامين نتنياهو ـ رئيس الوزراء الإسرائيلي ومعهم قيادات من الجيش الإسرائيلي والسفير الأمريكي في تل أبيب قائلاً: أنا أقف على إحدى أهم مناطق دولة إسرائيل! لا يمكنني أن أتصور كيف يمكن لدولة إسرائيل أن تتخلى عن الجولان الآن أو في أي وقت في المستقبل.

 من المستحيل أن تسلمها إسرائيل لأحد في ظل التهديدات التي تواجهها ولمن سنعيدها للأسد؟.. لا أعتقد ذلك سيكون بمثابة منحها لإيران .. هل سنعطيها لروسيا؟ لا أعتقد ذلك فكرة إعطاء هذه المنطقة لأية جهة أخرى مرفوض سأضغط علة ادارة ترامب للاعتراف بأن هضبة الجولان جزء من الأراضي الإسرائيلية!

وهكذا بدأت المؤامرة الصهيوأمريكية على المنطقة تتضح ملامحها شيئاً فشيئاً، وتكشف عن وجهها القبيح بلا استحياء فقد تم نزع جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وتفريغ عملية السلام من مضمونها فماذا بعد انتزاع الأرض؟ ماذا بعد ضياع القدس والجولان، وقضية اللاجئين؟ ماذا بقى للعرب ليتفاوضوا عليه ؟ والرئيس الأمريكي يتعامل بمنطق الفتوة الكبير الذي يفرض رأيه على العالم . يعادي العالم بأكمله من أجل بضعة ملايين (9 ملايين) هم عدد سكان إسرائيل !! ويحاول فرض وقائع جديدة على أرض الواقع حتى لا يكون للعرب حرية الاختيار فقط أن يرضوا بما هو متاح لهم ، إن الرئيس ترامب واهم عندما يعتقد أنه بقرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان بحجة ما تتعرض له إسرائيل من تهديدات لأمنها القومي من إيران وحزب الله كافياً لتغيير خريطة المنطقة وضمان أمن إسرائيل وإنهاء الصراع تسوية أو تصفية بالعكس سوف يتأجج الصراع إن آجلاً أو عاجلاً، خاصة أن معظم دول العالم والأمم المتحدة رفضوا القرار ، فالاتحاد الأوروبي قال: لن نعترف بسيادة إسرائيل على الجولان والدول العربية والإسلامية أعلنت رفضها اعتراف ترامب والجامعة العربية على لسان أمينها العام { احمد ابوالغيط } نددت بالقرار.

أمين عام الأمم المتحدة صرح بأن ضم الجولان عمل غير مشروع بموجب القانون الدولي، والخارجية المصرية رفضت القرار وأعلنها الوزير(سامح شكري) حتى في قلب أمريكا أثناء زيارته لها أن الجولان أرض محتلة، وروسيا أعلنت أنها لن تعترف أبداً بسيادة إسرائيل على الجولان، وأن اعتراف ترامب قد يكون مقدمة لصفقة القرن.. سوريا صاحبة الأرض رفضت القرار وطلبت جلسة عاجلة لمجلس الأمن كما صرح مصدر رسمي سوري تحرير الجولان بكافة الوسائل وعودته كاملاً لسوريا، ولكن واشنطن أصبحت لا تعير وزناً للقانون الدولي وتستهزأ به بعد أن تحولت من دور الوسيط إلى دور الحليف.

 لم يوافق على القرار سوى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي الذي شكر ترامب على اعترافه الشجاع بسيادة إسرائيل على الجولان، واعتبر أن القرار إنجاز دبلوماسي عظيم لدولة إسرائيل!! وأضاف أن الجولان كانت جزءاً من دولة إسرائيل منذ عام 1967 وستبقى جزءاً من إسرائيل للأبد ...

كما صرح خلال حملة إعادة انتخابه أن علاقته الوثيقة مع ترامب مفيدة جداً لإسرائيل. والحق أن الرئيس ترامب قد تفوق على كل رؤساء أمريكا السابقين في الانتماء لإسرائيل عقلاً وفكراً وخدمة لأهدافها التوسعية وتنفيذاً لوعوده الانتخابية فلم يمر سوى 110 أيام فقط على قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الذي اتخذه في سبتمبر 2018 حتى أصدر قراره بإعطاء إسرائيل الجولان ليتحول لأكثر شخص يحظى بشعبية لدى اليهود الأمريكان ويضمن أصواتهم في انتخابات الرئاسة 2020.

فالتحالف بين واشنطن وتل أبيب لم يكن يوماً أقوى مما هو عليه الآن.. والسؤال الأهم الآن ماذا بعد؟

ماذا بعد أن أصبحت البلطجة سيدة الدبلوماسية في العالم ؟ ما هي الخطوة المقبلة أو الهدية المقبلة لإسرائيل ؟ ماذا بعد الجولان؟ أي قطعة جديدة من الأراضي العربية سيتم منحها لإسرائيل.؟ كل التكهنات تؤكد أن شهية إسرائيل مفتوحة لضم أجزاء من الضفة الغربية وخاصة المنطقة (ج) التي تحتوي على عدد من المستوطنات، وهذا ما قالته مجلة فورين بوليسي بأن اعتراف أمريكا بشأن الجولان هو مقدمة لاعترافها بسيادة إسرائيل على الضفة. وما أكده الرئيس الفلسطيني { محمود عباس } في كلمته أمام القمة العربية في تونس قائلاً: الآتي من الإدارة الأمريكية أعظم وأخطر التي ستقول لإسرائيل ضُمي أجزاء من الأراضي الفلسطينية، وأعطي ما تبقى منها حكماً ذاتياً، وأضاف أننا مقبلون على أيام غاية في الصعوبة وهو بالطبع محق في تخوفاته تلك، فمن المتوقع أن تشهد المنطقة تغيرات دراماتيكية حيث يعكف حالياً صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره { جاريد كوشنر} لإعداد خطة سلام جديدة أو ما يعرف بصفقة القرن والتي لن يتم الإفصاح عن تفاصيلها إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية في التاسع من أبريل الجاري بعد أن يطمئن ترامب أن صديقه وشريكه بنيامين نتنياهو قد تخطى عقبة انتخابات الكنيست بنجاح وتمكنه من تحقيق فوز حاسم على منافسيه حتى يكملا معاً إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة، فهل سوف يستسلم العرب لما هو مفروض عليهم؟ وهل من قبيل الصدفة أن قرار الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان جاء بالتزامن مع الذكرى الأربعين لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية؟ التي راهن الكثيرون على أنها لن تصمد أكثر من عشر سنوات فإذا بها تصل إلى أربعين عاماً لتجعلنا نتذكر أن سيناء الحبيبة كان من الممكن أن تكون ما زالت تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي البغيض لو لم تقم حرب أكتوبر المجيدة، ويتم توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ومهما اختلفت الآراء حول الرئيس أنور السادات في طريقة حكمه واتخاذ قراراته بين مؤيد ومعارض ومحباً وكارها فهناك حقيقة واحدة ثابتة لا يستطيع أحد إنكارها، وهي أن هذا الرجل قد تحول إلى بطل قومي وأيقونة في التاريخ المصري الحديث فقد ناضل حرباً وسلاماً وأعاد الأرض واستعاد الكرامة وحرر التراب المصري من دنس الاحتلال الإسرائيلي وكفى

و " الجولان" لا يمكن أن تكون إسرائيلية بجرة قلم فهذه مخالفة لحقائق التاريخ والجغرافيا والشعب السوري وحده هو من يقرر مصير الجولان فلا الرئيس الأمريكي ولا غيره يمتلك الحق ولا الأهلية القانونية ولا الأخلاقية لشرعنة اغتصاب أراض عربية بالقوة، والجولان حتماً سيأتي اليوم التي تتحرر فيها من قبضة إسرائيل وتعود إلى أحضان الوطن السوري شأنه في ذلك شأن كل بقعة من الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل مهما مرت سنوات الاحتلال وطالت.

ونردد مع أهالي الجولان الذين هتفوا رداً على ترامب :

" الجولان سورية... مش ناقصها هوية "

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2