أحمد الغرباوى يكتب: (أيْمَنُ نُور) ودَرْسُ مِصْر الكُبْرَى..!
أحمد الغرباوى يكتب: (أيْمَنُ نُور) ودَرْسُ مِصْر الكُبْرَى..!
صحفى الأمس بجريدةِ الوَفْدِ.. وتاريخه المُعاش حول كَيْفيّة تعيينه؛ وتعامله مع قدسيّة العَمْلِ الصّحفى؛ واحترامه لمِهْنة القلم؛ تُثير الجَدَلِ.. ولا تزل قَيْد الكثير مِنْ علامات الاستفهام..
ويَعْرفها كُّل مَنْ شاركه وجاوره؛ خلال رحلة العمل معه بهذه المؤسّسة العريقة.. ومِنْهم مَنْ يتولّون الآن أعْلى المناصب بها.. أمدّ الله فى أعمارهم..
و(أيمن نور) الجالسُ حالياً على قمّة مُجادلات وإثارة المَشْاكل..التى تفوح رائحتها من نوافذ ما يُسَمّى بـ (قناة الشّرِق).. التى تبثُّ مِنْ تركيا؛ يوجّه ما أسْماه (دعوة إلى مائة مِنْ السياسيين المصريين والشخصيّات العامة).. يطالبهم بالحوار الوطنى قبل ٣٠ يونية.. وأيضاً بمايدّعى ويزعم بأنها من أجل (إنقاذ مصر، وتشكيل بديل وطنى مقبول داخليّاً وخارجيّاً)..
ويبنى رؤيته المشوشة على فرضيّة؛ أنّ هذه الشخصيّات قد تلقت (الدّعْوة) المزعومة.. بل واستجابت.. وكأنّه يرى الغيْب.. وعلى يقين بتقبّلهم وموافقتهم على هذا الأمر..
ولَمْ يَنْدَهِش الشّارع السّياسى المَصْرى؛ بحَمْلةِ الرّفض واسعة النّطاق.. التى تنطلقُ مِنْ غالبية الذين وُجّهت إليْهم الدّعوة..
فنطالع بجريدة «الشّروق»؛ الصادارة يوم الثلاثاء الماضى؛ المقال الأسبوعى للدكتور زياد بهاء الدّين يتناول الموضوع، ويقول:
ـ إنّه فوجئ بإسْمه فى القائمة، على الرغم مِنْ أنّ أحداً لَمْ يُفَاتِحَه..
ويُرْجِعُ الدكتور زياد هذا الرّفْض الواسع للدّعوة، إلى أنّها تتضمّن هدفين أساسيين، الأوّل محاولة دَمْج جماعة الإخْوَانِ فى قلب الحوار الوطنى، والثانى أنّ غالبية المصريين يريدون الحفاظ على ما تحقق مِنْ الأمْنِ والاسْتِقْرَارِ، على الرغم مِنْ كُلّ المصاعب التى يواجهونها..
ويأتى الكاتب الكبير عبد العظيم حمّاد بجريدتىّ (الشروق) و(الأهرام) على صفحته على فيسبوك ليقول:
ـ ردّاً على (أيمن نور)، أبلغنى صديق عزيز؛ أنّ الدكتور (أيمن نور) ذكّرنى ضِمْن قائمة مِنْ الشخصيّات فى أحد مقترحاته.. أؤكّد أنّنى لا أعلم بشىء مِنْ ذلك، ولَمْ يَتّصل بى هو أو غَيْره، ولَمْ أتّصل به أو بغيره قطّ، ولا أشاهد محطاتهم كُلّها، بل ولا أعْرَفها. أفكارى أكتبها فى مقالاتى وكتبى وعلى فيس بوك.. ونشاطى يدورُ فى إطار الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ونرفضُ التعاون والتنسيق مع جماعة الإخوان وحلفائها..
والنّاشط السياسى السيد جورج إسحق ـ أيْضاً ـ يرفضُ، ويقولُ كما نقل عنه موقع «فيتو»:
ـ إنّ المطروح هو «حوار هزلى».. مرفوض شكلاً ومضموناً، ومعارضة الخارج مشكوك فيها.. وتلعب أدواراً واضحة لإعادة إحياء الإخْوان مَرّة أخْرَى..
والدكتور حُسام بدراوى يقول:
ـ أتمتّعُ بحُرْيّة النقد والكلام داخل البلاد.. وأرفضُ أىّ محاولة للاستقواء بالخارج.. مهما كانت المُبْرّرات..
والدكتور عَمّار على حَسن قال:
ـ أعارضُ الحكومة مِنْ داخل البلاد، ووسط تيار مَدَنى لا تشوبه شائبة، وأرفضُ فتح الباب من جديد؛ لمن ثار عليهم المصريّون فى يناير ويونية..
والدكتور حازم حسنى أستاذ العلوم السياسية والمعارض البارز قال:
ـ إنّ دعوة (نور) تناقضُ رؤيته، وإنّه لا جَدْوى مِنْ الحوار مع الإخْوَانِ؛ التى تَضْمرُ أهدافا خبيثة، وتحلمُ بإعادة حُكْم الجماعة مِنْ جديد، باعتبارها البديل الأكثر قدرة مِنْ القوى المدنيّة، على مُمَارسة السّلطة، على الرغم مِنْ ضعفها الشديد، وقلة حيلتها فى جميع البلدان العربية؛ التى وصلت فيها للحُكْمِ، أو التى لا تزال تنافس فيها للوصول للسُّلطة..
مِنْ رِجالِ الأحزاب وساسة مِصْر؛ النائب الشاب هَيْثم الحريرى؛ يأتى ويرفضُ المُبَادرة تماماً.. وقال لموقع «إرم نيوز»:
ـ مَهْما كان اختلافنا مع السُّلطات المصريّة الحاكمة، فلن نصطفُّ مع أعداء الوطن، وأن تكتل ٣٠/٢٥ سيظلُّ دائماً جزءاً من التيار المدنى الديمقراطى، الذى شارك فى ثورة يناير العظيمة وموجة ٣٠ يونية..
ويوجّه النائب ضياء الدين داود رسالة جاء فيها:
ـ أرفضُ دعوتك التحريضيّة على الدولة المصريّة.. أنا وزملائى، فالتكتل جزءُ من النظام المصرى، ومشروعيتنا مِنْ مشروعيته، التى تأسّست بعد الموجة الثانية للثورة فى ٣٠ يونية، ولنْ نسمحُ بأن نكون قنطرة لعودة نفوذكم المموّل أجنبيّاً..
هذه عَيْنة للردود التى جاءت مِمّن شملتهم الدعوة المزعومة..
فهل استوعب السيد (أيمن نور) مَغْزَى تلك الرسائل الهامة.. وقيمة مصر.. وماذا يَعْنى كلمة (وطن)..
ولَيْس مَعْنى أنّ الحكومة المصريّة لَمْ تَصْدُر بَيْاناً؛ أنّها حَقّاً لَمْ تَرُدّ..!
بل ذاكَ قِمّة الرُّقىّ فى التعامل مع صغائر الأمور..؟
فلا يُمْكِن لحكومة مِصْر؛ أن تردّ على ما لا يستحقّ الردّ.. وإلا قَدْ أعطيته مالا يَسْتَحِقّ مِنْ قيمة.. كما يَزْعمُ ويتفوّه مَنْ يَجْهلُ قيمته، ويَعْجزُ عَنْ تقدير حقيقة موقعه.. وأيْن يقف؛ إنْ كانت له أرْضاً يثبُت ويأمن ويستقرّ بها.. وعلى درايْة بهويّة زمنه الذى كان.. وأضغاث حلم بما يُرِدُ أنْ يكون.. وواقع أحلام يقظة.. ومُعَايْشة افتراضيّة لكَيْانٍ كبير مثل (مصر)..
ويتجاوز الأمرُ المِسَاحة المفروضة فى حدوده؛ فيدنو مِنْ قامات كبيرة.. يَشْهدُ لها حفريّات تاريخ فى العمل الفكرى والسياسى والوطنى.. وذلك لمُجَرّد أنّه يَمْلِك (بوقاً).. يبعد بمسافات عَنْ ظلالِ مايُسَمّى بـ (قناة إعلاميّة)..
وحسناً تفعلُ وـ أظنّها فعلت ـ مِصْر الكبيرة؛ حين تَصْمت أمام عَبْث مُدْمنى الشُّهرة.. ولو كان على حسابِ وَجعٍ أعزّ الخلق؛ وأدرّ الوجود البشرى..
ويعرفُ رجال مصر الموكلين بحمايتها وأمنها قدرهم؛ حين لايلتفت الوَعْىّ لمحاولات عَبَث ومرضى التواجد على المَسْرح بأىّ ثمن.. ولو جاء على حِسَابِ رسالة وحجم وقيمة الدّورِ الذى يمثله.. أوعدم تقديره لقيمة الجمهور الذى يشاهده.. ولا لقراءة النَصّ المَسْرحى.. والفرق بَيْن الإبْدَاعِ الأدبى والهَزَلِ؛ الذى لا طائل منه.. والبعيدُ حتى عَنْ مدرسة (الفارس) الضّحك للضّحك فى الكوميديا..
وفى مدرسةِ (العَبَثِ) بالأدب والفَنّ.. عندما تتحوّل لواقع مَسْرحى؛ لابُدّ أن يكون هناك مُبَرّراً منطقيّاً لتَهْيئة فِكْر المتفرّجِ..
فجاءَ العَرْض إخْرَاجاً ونَصّاً؛ بعيداً عَنْ حاضر الواقع الحَيْاتى المُعَاش وواقع المَسْرح الخَيْالى..
ومع ذلك فإنّ صَبْر (مصر) على صغائر فِعْلٍ؛ يَنْضحُ مِنْ مُرَاهقة الأبناء.. وعاشقى الشُّهْرة.. ومُرْتَدِى ضلال الأقنعة.. أسْرَى ضِعْف نَفْس.. وشطحات فِكْر بَنى جَلْدَتِها، إنّما هو صَبْر أمّ.. وتريّث حِكْمة.. وجود أرْض تُطِعِمُ؛ وتُعلّمُ وتُكَبّر..
ولكن للأسف؛ كَمْ مِنْ أمّ صَالحة يَمْرُق أبناؤها.. وعَنْ الحَقّ يَجْنَحُ ويعمى فلذات كَبِدَتها..
وذاكَ درسٌ آخر مِنْ (مصر) الكبيرة..!
تُرى هل يَوْماً يفهمون.. قُبَيْل أنْ تحرقهم نيران تَخْدَعْهُم نورها.. وتُخَدّرِهُم رقصات ضَيّها.. فتغشى الضّلالة بصيرتهم.. فماعادوا يرون حقيقة هشيم لسعاتها؛ وسَلْخ حَرْقها..
ورُبّما..
رُبّما فى النهاية؛ لا يجدون غَيْر حُضْن الأمّ..
حُضْن (مصر) ليدارى خجلهم.. ويُضَمّد جراحهم .. كما فعلت معهم؛ ومع غَيْرها من قبل..
مَنْ يَدْرى..؟
فليس غَيْر أمّ تَنْسى جَرْح غائر؛ مِنْ إبْنِ بَطْنٍ تائبٍ.. صدق حَقّ!